تم التوصل إلى جيل جديد من اختبارات الحمض النووي الخاصة بسرطان القولون.
أشرف أبوجلالة من القاهرة: هي اختبارات يُحتمل على ما يبدو أن تُحَسِّن من آلية الكشف عن كلٍ من الأمراض السرطانية والأورام الحميدة التي تسبق الإصابة بالسرطان. وإذا ما تم التحقق من صحة تلك الاختبارات، فإنها ستحد من عبء المرض بشكل كبير، من خلال الكشف عن الأورام في مرحلة مبكرة، بما في ذلك تلك التي لا يلتقطها فحص القولون بالمنظار.
وفي الوقت الذي يميل فيه سرطان القولون والمستقيم إلى النمو ببطء، ويكون من السهل إزالته إذا ما تم الكشف عنه باكرًا، إلا أن كثيرين من الأشخاص الذين تزداد أعمارهم عن الخمسين لا يمتثلون لما يوصي به الأطباء بإجراء فحص القولون بالمنظار، الذي لا يتمكن من الكشف عن كل شيء. ومن المعروف أن سرطان القولون والمستقيم قد أصبح ثاني أكثر الأمراض السرطانية شيوعًا في الولايات المتحدة؛ حيث يتسبب في وفاة أكثر من 50 ألف شخص سنويًا وتبلغ تكاليف علاجه نحو 14 مليار دولار.
وفي تقرير لها حول هذا السياق، قالت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية إن أورام القولون توفر أدلة كثيرة على وجودها عن طريق سفك الدم والخلايا التي تُكتَشف في البراز. وأشارت إلى أن اختبارات الدم لا تعمل إلا على خفض الوفيات الناجمة عن سرطان القولون والمستقيم بشكل متواضع، لأنها لا تكون على درجة عالية من الحساسية بشأن الأورام الحميدة التي تسبق الإصابة بالسرطان، حيث يكون التوقيت الأمثل لمنع الإصابة بالسرطان.
وقد تحول الباحثون إلى الطفرات القياسية في الحمض النووي بعد أن اكتشف دكتور بيرت فوغيلشتاين، من جامعة جونز هوبكنز، سلسلة الطفرات التي يتطور من خلالها ورم القولون ويتحول ليصبح سرطانًا كاملا ً. لكن لم يكن بإمكان أي من الطفرات التنبؤ بأخطار إصابة المريض بمرض السرطان، وقد ثبت أن الاختبارات الخاصة بالطفرات، التي وبالرغم من أنها أكثر دقة من اختبارات الدم، ليست بالتطور الحاسم.
ثم مضت الصحيفة لتقول إن جيلا ً جديدًا من الاختبارات التي يُجرَى تطويرها الآن، يعتمد على عملية مختلفة في الخلايا السرطانية. وأشارت إلى أن جميع الخلايا توقف الجينات التي لا تحتاجها عن طريق ربط مواد كيميائية صغيرة تُسمى مجموعات الميثيل بمواقع معينة بامتداد الحمض النووي الخاص بهم. هذا وتقوم شركة يُطلق عليها quot;Exact Sciencesquot;، ويوجد مقرها في ماديسون بولاية ويسكينسون الأميركية، بتطوير اختبار خاص بسرطان القولون بناءًا على حمض نووي ترتفع درجة ميثليته بصورة كبيرة. وقال الباحثون العاملون في الشركة الشهر الماضي إنه ومن خلال وضع اختبار للحمض النووي الميثلي عند أربعة علامات، أجزاء من الحمض النووي يتم سحبها من جينات بعينها، تمكنوا من الكشف عن أورام القولون والأورام الحميدة، والتمييز بينها وبين الأنسجة الطبيعية بدرجة حساسية تبلغ نسبتها 100 % وبدون أن يتم الكشف عن أية عينات إيجابية كاذبة.
من جانبه، توقع كيفن كونروي، الرئيس التنفيذي لشركة quot;Exact Sciencesquot;، إن اختبار العلامات الأربع، حين يُجرى على عينات البراز، سيقوم بالكشف على الأقل عن نصف جميع الأورام الحميدة التي تسبق الإصابة بالسرطان وكذلك 85 % من السرطانات الفعلية. وقال في السياق ذاته أيضا ً إنه سيتم الكشف في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل عن نتائج إحدى التجارب التي تُجرى الآن على 1600 مريض. ولفتت الصحيفة من جهتها إلى أن الاختبار سيتكلف مبلغا ً يقل عن 300 دولار، ومن الممكن أن يتم تجميع العينات في المنزل. وسيُنصَح المرضى بالخضوع للاختبار كل ثلاثة أعوام. على أن يقوم الأشخاص الذين تكون نتائج اختباراتهم إيجابية بالخضوع حينها لفحص القولون بالمنظار للتحقق من وجود أية أورام حميدة وإزالتها، ومن خلال النتائج التي تَخلِص إليها تلك الفحوصات، يمكن التركيز على المرضى الذين تزداد لديهم درجة الخطورة بدلا ً من السكان جميعهم بشكل مطلق.
ونقلت النيويورك تايمز عن دكتور دافيد أهليكست، من مستشفيات مايو كلينيك، والذي يعمل أيضاً كمستشار علمي لشركة quot;Exact Sciencesquot;، قوله :quot; إذا أجرى الاختبار كما هو مأمول على عينات البراز، فسيكون ذلك أول اختبار غير جراحي يكشف بثقة عن الآفات الخبيثة. وبمقدور هذا الاختبار أيضاً الكشف عن نسيج يسبق الإصابة بالسرطان يُطلق عليه ورم مسنن، غالبا ً ما يفشل في التقاطه فحص القولون بالمنظار. وباستخدام مجموعات أخرى من العلامات الأربع، يمكن الكشف عن أنواع سرطانية أخرى، مثل سرطانات البنكرياس، والمريء، والمعدة، والقناة الصفراويةquot;.
في حين قال دكتور فوغيلشتاين إن الاختبارات الخاصة بطفرات الحمض النووي ستكون أفضل من الناحية النظرية عن الاختبارات الخاصة بميثلة الحمض النووي لأن الطفرات تكون محددة تماما ً وهي من تقف وراء نمو الورم. في حين وصف الاختبارات الخاصة بميثلة الحمض النووي بأنها اختبارات واعدة من حيث المبدأ. وأكد في الختام دكتور دافيد رانسوهوف، الخبير في الكشف عن سرطان القولون في جامعة ولاية كارولينا الشمالية، على أن الاختبار مازال في مراحله الأولية، لكنه أنيق وواعد.
التعليقات