تعرض الاتحاد الأوروبي لأزمة ثقة عقب فشل قمة كوبنهاغن للمناخ والتي تمخضت عن اتفاق غير ملزم، وكان الاتحاد الأوروبي بمختلف مؤسساته الاتحادية والوطنية يعول على بلورة صفقة عالمية بشان المناخ لتمرير نظم تعامله وضوابطه.

بروكسل: يواجه الاتحاد الأوروبي أزمة ثقة متصاعدة في أدائه كلاعب على الصعيد الدولي بعد فشل قمة المناخ الأخيرة التي جرت أعمالها في كوبنهاجن في اعتماد أي من التوصيات أو المواقف الأوروبية المعلنة في هذا الملف الحيوي. ويعكف الدبلوماسيون الأوروبيون الذين جعلوا من قضية المناخ واحتواء الاحتباس الحراري إحدى مسائل تحرك الاتحاد الأوروبي الرئيسة على الصعيدين الداخلي والخارجية على معاينة هذا التطور على أداء التكتل وعلى مصداقيته.

وكان الاتحاد الأوروبي بمختلف مؤسساته الاتحادية والوطنية يعول على بلورة صفقة عالمية بشان المناخ لتمرير نظم تعامله وضوابطه في المجالات البيئية والاقتصادية والتجارية و نواميسه السياسية واعتبارها نموذجا صالحا على مستوى الكون.

وانهار هذا الطموح بشكل غير متوقع الأسبوع الماضي مع انهيار قمة المناخ العالمية حيث رفضت مختلف الأطراف الدولية سواء الدول الصناعية المقربة من أوروبا مثل الولايات المتحدة أو الناشئة وحتى الدول النامية آلية العمل التي تقدمت بها بروكسل. ويعد ملف الطاقة والبيئة الملف شبه الوحيد الذي سجل فيه الاتحاد الأوروبي تقدما فعليا خلال العقد الأخير ومجال العمل الذي ركزت عليه المفوضية الأوروبية .

ويقول المحللون إن الاتحاد الأوروبي سيركز تحركاته خلال الفترة القليلة المقبلة بهدف السعي لإنعاش الاتصالات والمشاورات الدولية وجر مختلف الإطراف نحو آلية جديدة من التفاوض تمكن أوروبا من الإمساك بالمبادرة على الصعيد العملي . وتخطط ألمانيا إلى الدعوة إلى مؤتمر دولي جديد في شهر يونيو المقبل في مدينة بون يسبق اللقاء المقرر نهاية العام القادم في العاصمة المكسيكية.

وفيما وصفت السويد التي ترس الاتحاد الأوروبي لغاية نهاية العام الجاري القمة التي عقدت في العاصمة الدنمركية كوبنهاجن الأسبوع الماضي بأنها فشلت quot;فشلا ذريعا فان الأوروبيين يركزون جهودهم على تجنيد حلفاء إلى جانبهم خلال الفترة المقبلة وخاصة الولايات المتحدة و القيام بدور أكبر في مكافحة التغير المناخي والتصدي لمواقف القوى الناشئة الرئيسة وفي مقدمتها الصين والهند والبرازيل.

وأكد وزراء البيئة في الاتحاد الأوروبي خلال لقائهم الشهري الذي جرى في بروكسل على الحاجة إلى إجراءات ملموسة ملزمة قانونيا لمحاربة ارتفاع درجة حرارة الأرض وهي إشارة مباشرة إلى واشنطن.

وشارك الاتحاد الأوروبي في قمة كوبنهاجن على أمل التوصل إلى التزام واسع النطاق بخفض يصل إلى 20 في المائة على الأقل لانبعاث الكربون عن مستويات عام 1990 وذلك خلال عشر سنوات لكن هذا الهدف وأهدافا أخرى ملموسة لم تظهر في الاتفاق النهائي ورغم ما سعى المسئولون الأوروبيون للإيحاء به وحتى اللحظة الأخيرة.

وانتهت قمة كوبنهاجن باتفاق غير ملزم قانونا بخفض درجة حرارة الأرض درجتين مئويتين على الأكثر عن مستويات فترة ما قبل الثورة الصناعية لكن الاتفاق لم يوضح كيفية تحقيق ذلك. ومن المرجح ان يتعرض رئيس المفوضية الأوروبية إلى مسائلة حادة ودقيقة في البرلمان الأوروبي بدءا من 11 يناير القدم عند مثول أعضاء الجهاز التنفيذي الأوروبي الجديد أمام المشرّعين.

وتوجد مضاربات باحتمال رفض البرلمان الأوروبي الموافقة على تعيين مفوضة شؤون البيئة الجديدة ووزيرة البيئة في الدانمرك بسبب فشل مؤتمر المناخ. كما يجتمع وزراء البيئة لدول الاتحاد الأوروبي مجددا في يناير القادم لمناقشة الدور الذي يمكن ان يلعبه الاتحاد للتوصل إلى اتفاق جديد.

والخشية الأولى الفعلية التي تنتاب المسئولين الأوروبيين حاليا تتمثل في احتمال تعرض الاتحاد الأوروبي للتهميش على الصعيد الدولي أمام أفق تسجيل صفقة بين الولايات المتحدة من جهة والصين والهند والبرازيل من جهة أخرى وتستثني الأوروبيين في إدارة ملف التقلبات المناخية وتهدد مثل هذه الصفقة نظام تبادل حصص التلوث التي وضعها الأوروبيون كما إنها يمكن أن تتسبب في عدوة طرح ما يعرف بضريبة الكربون والي قد توجه ضربة لاقتصاديات الدول الأوروبية والتي لا تزال تعاني من تداعيات الأزمة المالية والنقدية .