خوجة يتسلم هدية تذكارية من سليمان خلال حفل لتكريمهكانت الساعة تقترب من الثانية عشرة ظهر يوم الخميس الماضي حين نشر أحد المواقع الإلكترونية اللبنانيّة خبرًا عاجلاً جاء فيه quot;أن وفودًا سياسيّة وكنسيّة تتقاطر إلى مقر رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر الكائن في وسط العاصمة للتعبير عن تضامنها معه واحتجاجها على الهجوم الذي شنته صحيفة quot;عكاظ quot;السعودية ضده في عددها الصادر صبيحة اليوم نفسه، وتعليقها على عظة الميلاد التي ألقاها وما تضمنت من عبارات استخدمها الكاتب عبد العزيز البرتاوي في تناوله وجود الكنائس في بيروت، إضافة إلى تأويله العظة التي ألقاها مطرquot;.

بيروت:ولم تمضِ دقائق على ما أفاد به الموقع الالكتروني حتى قامت محطات تلفزيونية محلية ببث نبأ تعرض مقالة quot;عكاظquot; للمطران مطر في شريطها الإخباري المتحرك أسفل الشاشة والمواقف المستنكرة له، فيما عمدت محطات أخرى إلى حذف اسم جريدة quot;عكاظquot; من خبرها واستبداله بعبارة quot;هجوم سعودي على المطران بولس مطرquot;.

وسارعت محطة quot;ال. بي. سي. quot;الى سؤال مطر رأيه في ما كتب عنه في الصحيفة السعودية فقال: quot;سامح الله كاتب المقالة فهو قرأ قراءة خاطئة لما قلناه وكان متسرعًا ونسب إلينا نيات نحن منها براء، وهي ليست لنا وحكم عليها حكمًا قياسيًا وقال كلامًا لا نستحقهquot;.

كذلك زار رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن مقر المطرانية المارونية في بيروت وأبدى أسفه quot;لأن يكون صاحب المقال أساء فهم كلام سيادة المطران وحوره تحويرًا كاملاً معاكسًا لحقيقة ما قصده صاحب السيادة المعروف بانفتاحه وروحه الحوارية في لبنان ودنيا العربquot;. وأجرى منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد وعضو الأمانة النائب السابق سمير فرنجية اتصالاً هاتفيًا بمطر متضامنين معه.

كل ذلك حصل في وقت قصير، لكنه كان كافيًا لبلوغه مسامع وزير الإعلام والثقافة السعودي الدكتور عبد العزيز خوجة في جدة الذي يدرك بحكم معرفته بخفايا السياسة اللبنانية وتوجهاتها وخصائص المجتمع اللبناني بعد أن خبرها طوال فترة وجوده في لبنان سفيرًا لبلاده وقع مثل هذا الخبر على الساحة الداخلية.

ومن هنا جاء تحركه السريع المنسجم مع موقف السعودية الحريص على وحدة اللبنانيين واستقرارهم واحترام معتقداتهم ومنعًا لاستفحال الأمور وقطعًا لمحاولات قد يلجأ إليها البعض في الداخل اللبناني أو خارجه لاستغلال المسألة بهدف النيل من المملكة خصوصًا في ظل الظروف والأحداث التي تشهدها المنطقة.

وقد أوعز الوزير خوجة إلى سفير المملكة لدى لبنان علي عوض العسيري، الذي راح يتابع ما يجري في البطريركية المارونية وخارجها، الاتصال بالمطران مطر لينقل إليه المحبة التي يكنها له واحترامه لسيادته. كما قدم السفير عسيري لمحدثه وفقًا لبيان صادر عن المطرانية اعتذارًا عما جاء في جريدة quot;عكاظquot; بقلم صحافي قال عنه إنه غير معروف ولا يمثل أي رأي رسمي في ما أورده المطران مطر في عظته الأخيرة يوم الميلاد.

وذكر البيان أن المطران مطر quot;شكر للسفير عسيري اتصاله وللوزير خوجة حرصه على أن توضع الأمور في نصابها، وعلى استمرار العلاقات الودية بين المسيحيين والمسلمين وتعزيز أواصر المودة فيما بينهم، إذ إن هذه روح المملكة كما هي أيضًا روح لبنانquot;.

وأكد المطران في حديث إذاعي بعد ذلك أن القضية مع صحيفة quot;عكاظ quot;انتهت بعد الاتصال الذي تلقاه من السفير عسيري والاعتذار المنشور في صحيفة quot;عكاظquot; صبيحة اليوم التالي حيث اعتبرت أن ما نشر تحت عنوان quot;وعلى الأرض الكلامquot; لعبد العزيز البرتاوي quot;يناهض المعنى والمبنى للصوت الحصيف، وتنتفي أمامه مسارات التجرد والصدقية التي اعتمدتها الصحيفة وظلت تنحاز اليهاquot;.

لكن وعلى الرغم من المسارعة السعودية لاحتواء quot;الزوبعة quot;السياسية التي أحدثتها مقالة quot;عكاظ quot;ونجاحها في ذلك إلى حد كبير، فقد استمر عدد من وسائل الإعلام المحسوبة على جهات معينة في العزف على الوتر الطائفي من زاوية إظهار المسلمين عبر ما ورد في صحيفة سعودية وكأنهم على عداء مع المسيحيين.

إلا ان هذه المحاولات سرعان ما تراجعت وانتفت نتيجة التحرك السعودي الفعال ومواقف قيادات سياسية ودينية في لبنان. ويأتي في هذا الإطار الاتصال الذي أجراه كل من مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان تضامنًا مع المطران مطر.

إضافة إلى زيارة لجنة الحوار الإسلامي المسيحي له وتأكيد أمينها العام محمد السماك بعد اللقاء quot;أن المطران مطر هو مطران عاصمة الوحدة الوطنية في لبنان. أما في ما خص عظة الميلاد التي ألقاها في كاتدرائية مار جرجس المارونية حيث تتعانق مع مسجد محمد الأمين فهي من الصور اللبنانية التي قد لا يحسن قراءتها بعض الناس مما يؤدي الى سوء تصرف منهquot;.