زيباري ومتكي خلال مباحثاتهما في بغداد

واصل وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي مباحثاته مع المسؤولين العراقيين في بغداد اليوم حول المشاكل الحدودية بين البلدين حيث اجتمع مع الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس مجلس النواب اياد السامرائي الذي ابلغه رغبة بلاده في مراجعة اتفاقية الجزائر بين البلدين ورفضها فرض أمر واقع بالطرق غير الدبلوماسية مشيرا الى احتلال قوة عسكرية إيرانية لحقل الفكة النفطي الإيراني داعيا جميع دول الجوار إلى احترام سيادة العراق ووحدة أراضيه.

لندن: عقد وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي اجتماعاً مع رئيس مجلس النواب إياد السامرائي في منزله عصر اليوم حيث أكد الوزير الإيراني عودة القطعات العسكرية الإيرانية إلى مواقعها بعد التوغل الذي قامت به في منطقة الفكة في محافظة ميسان العراقية الجنوبية وإحتلال بئر الفكة الرابع الأمر الذي أكده وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري خلال الاجتماع. واشار متكي إلى أهمية أن لا تؤثر هذه الحوادثفي صفو العلاقة بين الجانبين العراقي والإيراني قائلا quot;تأكد سيدي الرئيس أن مشكلة فكة التي أقلقتكم قد حلت وقد تم الإتفاق مع السيد زيباري بهذا الخصوصquot;.

من جانبه شدد السامرائي على أن تكرار مثل هذه الأحداث كفيل بتعكير العلاقات بين البلدين وإيجاد أرض خصبة للآخرين لزرع الفتن والأزمات بين البلدين. ودعا وزيرا خارجية البلدين إلى العمل الجاد في إطار تفعيل كافة الإتفاقات الثنائية في ما يتعلق بالدعائم الحدودية والتعاون البيئي وملف المياه والأنهار الحدودية المشتركة.مضيفا أن quot;الالتزام باحترام السيادة والعلاقات المتكافئة بين الجانبين هو المبدأ الذي يجب أن يسود في العلاقات مع جميع دول الجوار ومن دون إستثناءquot; كما نقل بيان صحافي رسمي عن مكتب اعلام البرلمان العراقي وصل نسخة منه إلى quot;إيلافquot;.

وقال السامرائي quot;إن موقفنا حيال إتفاقية الجزائر لعام 1975 واضح والحكومة العراقية لديها رغبة حقيقية في مراجعة هذه الاتفاقيةquot;. وشدد على ان quot;اي محاولة لفرض أمر واقع بالطرق غير الدبلوماسية مرفوض من قبلناquot;.. داعيا جميع دول الجوار إلى احترام سيادة العراق ووحدة أراضيه. كما اجرى متكي مباحثات مع الرئيس طالباني الذي اكد quot;متانة الروابط التاريخية والعلاقات الثنائيةquot; بين العراق وإيران على جميع المستويات وعلى اهمية الجهود المشتركة لتأمين المناخات الملائمة لزيادة وتيرة التعاون لاسيما في المجالات الاقتصادية والتبادل التجاري.

وشدّد على ضرورة العمل المشترك والبنّاء من أجل توسيع أُطر التعاون والتنسيق بين البلدين بما يؤمن حل كافة العقبات التي تعيق تطوير العلاقات بين الجانبين.. وقال quot;اننا مطمئنون بأن القادة في البلدين هم على مستوى من الحكمة والحصافة لتجاوز كافة العقبات ولقطع الطريق امام محاولات تعكير الاجواء الودية والصداقة المتبادلة التي تحكم علاقة شعبي البلدين الجارين.quot;

من جانبه أطلع الوزير متكي الرئيس طالباني على فحوى محادثاته مع رئيس الوزراء نوري المالكي ووزير الخارجية هوشيار زيباري حول تشكيل عدة لجان مشتركة بين الجانبين لإيجاد حلول مرضية للطرفين للقضايا العالقة، مجددا تصميم الجمهورية الاسلامية على الاستمرار في مساندة العراقيين في جميع الميادين. واكد اهتمام بلاده وتطلعها الى ترسيخ الامن والاستقرار والازدهار في العراق.

المالكي: مستغربون للتصرف الإيراني غير المبرر في الفكة

وقد عقد رئيس الوزراء نوري المالكي بعد ذلك اجتماعا مع متكي قال خلاله ان العراق لديه مشاكل عديدة ورثها من النظام السابق quot;وان سياستنا تقوم على حلها بالطرق الدبلوماسية وضمان المصالح المشتركة مع دول الجوار كافة باعتبار ان الحوار هو الخيار الوحيد لحل المشاكل ونحن مستغربون من الخطوة الاخيرة غير المبررة في الفكة وان اي إجراء او قرار يتخذ من طرف واحد لن يساعد على تثبيت الامن والاستقرارquot;.

واضاف ان اجواء الحوار ستكون مقبولة بعد عودة الامور على الحدود الى وضعها السابق لتأخذ اللجان الفنية المشتركة الفرصة لبحث المشاكل الحدودية. واشار الى ان quot;البحث عن سبل الاستقرار في علاقاتنا مع محيطنا الاقليمي هي في صلب اهتمامات حكومة الوحدة الوطنية لأن اي توتر لايخدم المنطقة وان هناك استحقاقات موروثة منذ عشرات السنين يجب ان نجد لها حلا ، لاعادة العلاقات الطبيعية بين البلدينquot;.

واعرب المالكي عن تأييده لما تم الاتفاق عليه اليوم بين وزيري خارجية البلدين بشأن تفعيل اللجان الفنية المشتركة التي توقفت لاسباب عديدة. واكد ان العراق الذي يريد الامن والاستقرار له ولجيرانه ، يتطلع الى ازالة التوترات وتطوير علاقاته مع إيران وباقي دول الجوار وزيادة التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري.

من جهته اكد وزير الخارجية الإيراني عودة الاوضاع الى ما كانت عليه قبل حدوث الازمة الاخيرة مشيرا الى مباحثاته مع زيباري حول مسألة الدعامات الحدودية التي أزيلت خلال السنوات الماضية والاتفاقيات الموقعة بين البلدين وتحديد عمل اللجان المشتركة التي ستجتمع خلال أسبوع لدراسة الحدود البرية وستجتمع بعد ذلك لجان المياه لحل المشاكل الحدودية العالقة بين البلدين مجددا رغبة بلاده بدعم أمن واستقرار العراق وتطوير العلاقات الثنائية وإزالة جميع اسباب التوتر وتوفير الاجواء المناسبة لعمل اللجان.

إتفاق عراقي إيراني على بدء لجان حل مشاكل الحدود المشتركة

وفي وقت سابق اليوم أعلن وزيرا خارجية العراق هوشيار زيباري وإيران منو شهر متكي عن بدء اللجان الفنية لترسيم الحدود البرية والمائية وتثبيت العلامات الحدودية المشتركة الاسبوع المقبل واكدا عودة الاوضاع الطبيعية في حقل الفكة النفطي العراقي الجنوبي وإرجاع القوة الإيرانية التي دخلته الى مواقعها السابقة.

وقال زيباري خلال مؤتمر صحافي مشترك في بغداد مع متكي الذي وصلها اليوم ان البلدين اتفقا عقب مباحثاتهما على بدء اعمال لجان ترسيم الحدود البرية والمائية بين البلدين الاسبوع المقبل. واشار الى وجود ثلاث لجان ستتكفل بالعمل لانجاز هذه المهمة ستبدأ اجتماعاتها على مدى ثلاثة اسابيع وبالتوالي بدءا من الاسبوع المقبل. واشار الى ان القوة الإيرانية التي دخلت حقل الفكة النفطي العراقي تراجعت عن مواقعها السابقة واعيد الوضع هناك الى طبيعته وقال ان بغداد لاتشعر بوجود حاجة الى اللجوء الى الامم المتحدة لحل القضية. واشار الى ان لجان ترسيم الحدود وتثبيت الدعامات الحدودية على طول 1400 كم هو طول الحدود الإيرانية العراقية المشتركة ستباشر عملها الاسبوع المقبل.

واضاف زيباري ان اللجنة الفنية المشتركة الاولى لتثبيت الحدود ستجتمع الاسبوع المقبل وفي الاسبوع الذي يليه ستجتمع لجنة تثبيت الدعامات الحدودية وفي الاسبوع الثالث ستبدأ لجنة تثبيت الحدود المائية اعمالها في مدينة خرمشهر (المحمرة) جنوب إيران. وقال ان العراق قد عين من جهته رؤساء واعضاء هذه اللجان وخصص الاموال اللازمة لاعمالها.

واكد ان جميع المشاكل بين البلدين مرشحة للحل وتطبيع الاوضاع الحدودية والعودة بها الى ما كانت عليه سابقا. وحول وجود عناصر منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة على الاراضي العراقية شدد زيباري على تصميم السلطات العراقية على اخضاعهم للقوانين والانظمة العراقية واوضح انه ليست هناك اي دولة في العالم تقبل ان تتصرف اي مجموعة خارجية على اراضيها ضد قوانينها. واشار الى ان الحكومة العراقية لاتقبل بوجود اي مجموعة مسلحة في العراق تعمل ضد مصالح دولة اخرى سواء كانت مجاهدي خلق او حزب العمال التركي الكردستاني. وتضم هذه اللجان الفنية ممثلين عن وزارات الخارجية والنفط والداخلية والدفاع وخبراء مختصين بموضوع المسح الأرضي وتنفيذ خطوط الخرائط على الأرض.

ومن جهته فقد اكد متكي حرص بلده على علاقات مميزة مع العراق من خلال وجود مشتركات كثيرة بين البلدين ومجالات سياسية واقتصادية وثقافية لتطوير التعاون بينهما. واشار الى وجود 1400 كم من الحدود المشتركة بين العراق وإيران تمثل quot;حدودا للمحبة بين شعبي البلدينquot; حيث وصل حجم التبادل التجاري بينهما سنويا الى 5 مليارات دولار اضافة الى دخول مليوني زائر إيراني الى العراق سنويا.

وعن مشاكل الحدود بين البلدين اوضح متكي الى وجود حقول نفطية مشتركة على هذه الحدود ولابد من استثمارها شراكة لصالح البلدين. وقال ان قوة عسكرية إيرانية دخلت حقل الفكة النفطي لكنها اعيدت الى مواقعها السابقة واعيد الوضع القانوني في الفكة من دون ان يوضح طبيعة هذا الوضع او عائدية الحقل لاي من البلدين لكنه قال انه حدثت تجاوزات سابقة من قبل القوات العراقية ايضا.

واضاف انه بسبب الحرب التي وقعت بين البلدين بين عامي 1980 و1988 فان العلامات الحدودية بين البلدين قد ازيلت في بعض مناطق الحدود او اصبحت غير واضحة في مناطق اخرى لكنه مع بدء اللجان الفنية المشتركة لاعمالها فان هناك فرصة لتثبيت مواقع هذه العلامات بشكل نهائي. واكد ان هناك جهات لم يسمها تريد تشويه العلاقات بين العراق وإيران مؤكدا انها مخطئة في ذلك.

وقال متكي انه بحث موضع العواصف الرملية التي ازداد ظهورها في المنطقة وانه بحث الامر مع زيباري وبعث رسائل حول ذلك الى سوريا ودول مجلس التعاون الخليجي حيث تم الاتفاق على عقد مؤتمر مشترك بين هذه الدول لمعالجة المشكلة.

وكانت الحكومة العراقية أعلنت في العشرين من كانون الأول (ديسمبر) الماضي ان القوات الإيرانية انسحبت من البئر الرابعة في حقل الفكة لمسافة 50 مترا وأنزلت العلم الإيراني وطالبت الحكومة الإيرانية بسحب قواتها بشكل نهائي من المنطقة التي تقع بها البئر وإعادة الأوضاع فيها إلى ما كانت عليه قبل استيلائها على البئر. ومن جهته أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن حكومته اتخذت كل الإجراءات بخصوص قضية حقل الفكة النفطي الحدودي وأن القوات العراقية تحركت على الآبار الأخرى وتمت السيطرة على الوضع.

يذكر أن العراق وإيران وقعا عام 1975 في الجزائر اتفاقية لترسيم الحدود تنص على تقسيم مياه شط العرب كممر ملاحي طبقا لخط التالوك الذي يضم أعمق نقطة داخل هذا الممر وهي نقطة الحدود بين البلدين.. وحسب الاتفاقية التي توقف العمل بها خلال الحرب التي دارت بين الدولتين فإن العراق تنازل عن أراض مثل زين القوس وسيف سعد وغيرهما في المناطق الشرقية التي تقدر بنحو 320 كلم مقابل حصوله على نتوءات جبلية لا قيمة لها في المناطق الشمالية منه فضلا عن تعهد إيراني بوقف الدعم للأكراد الذين كانوا يحاربون النظام العراقي آنذاك. ويتحفظ العراقيون حاليا على بنود اتفاقية الجزائر ويعتبرون أن فيها ظلما كبيرا على العراق. ومن جهتها تصر إيران على تطبيق الاتفاقية كشرط لانسحاب قواتها من حقل الفكة.