القدس: في عزّ التوتر في العلاقات الاسرائيلية التركية، إختتم وفد من الصناعات الامنية الاسرائيلية زيارة عمل ناجحة لتركيا دامت 3 أيام تم خلالها دفع سلسلة صفقات وبرامج للتعاون الى الأمام. وضم الوفد 10 من كبار مندوبي الصناعات الامنية برئاسة الميجر جنرال احتياط أودي شاني المدير العام المعين لوزارة الدفاع الذي شيباشر اليوم مهام منصبه الجديد. وأكدت محافل اسرائيلية أنّ زيارة الوفد تمخضت عن نتائج ايجابية وناجحة ولم يلاحظ اي توتر، علىالرغم من الاحداث الأخيرة.
ولكن على الرغم من اقوال المحافل الإسرائيلية، إلا أن المؤشرات على الأرض تدل على أن التغيرات التي طرأت على المحيط الدولي والإقليمي في السنوات الأخيرة تؤثر على المصالح المشتركة بين تركيا وإسرائيل وتزعزع العلاقات التي تنامت بين الدولتين في مطلع تسعينيات القرن الماضي، حيث طوّرت العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة وتل أبيب لتصبح في مستوى السفراء العام 1992. والى ذلك نمت العلاقات الاقتصادية. نمى الاتجار الاقتصادي السنوي بين الدولتين ليصبح 2.8 مليار دولار في سنة 2007، بعد أن كان في نطاق 200 مليون دولار فقط في 1993.
ومنذ منتصف التسعينيات ترتب تركيا على أنها الهدف السياحي الأول للإسرائيليين. وبحسب دراسة صدرت عن مركز بيغن السادات فإن سنوات التسعينيات شهدت أيضًا توقيع جملة من الاتفاقات العسكرية التي وسعت التعاون الاستخباري الذي كان موجودًا من قبل بين تركيا وإسرائيل، وبدأت الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة وقوي التعاون العسكري في مجالات كثيرة.
وتشير الدراسة إلى أن تركيا استفادت من قدرتها على شراء سلاح متقدم من إسرائيل لم ترد الولايات المتحدة و/او دول غربية أُخر بيعها اياه مباشرة. كذلك اصبح نقل التكنولوجيا العسكرية لتأسيس الصناعة العسكرية في تركيا اهم للمؤسسة الأمنية التركية. هذه العلاقات المتبادلة افضت الى صفقة كبيرة جدًا للصناعة الجوية في اسرائيل، التي حظيت بأكبر عقد في تاريخها (حتى ذلك الحين) ndash; لتطوير طائرات الفانتوم اف4 لتركيا.
باعت الصناعات الأمنية الاسرائيلية تركيا أيضًا نظم سلاح من أنواع مختلفة وفيها طائرات بلا طيار، وأجهزة رادار وصواريخ من نوع quot;دليلةquot; ومن نوع quot;بوبيquot;، ونظم حل شفرة من طراز quot;ايهودquot; وسلاحًا متقدمًا آخر. في سنة 2002 احرزت الصناعات العسكرية عقدًا كبيرًا لتطوير دبابات المعركة التركية الرئيسة من طراز ام-60.
في مقابلة ذلك، زوّدت تركيا سلاح الجو الإسرائيلي بمجال جوي عظيم استطاع فيه الطيارون الحربيون الإسرائيليون التدرب في مناطق غير معروفة، والتمرين على هجمات لمسافات طويلة. ينبغي ان نذكر ان تركيا تحادّ سورية، والعراق وإيران التي لم تستحسن هذه الطلعات الجوية التدريبية.
وعوض ذلك، زوّدت إسرائيل طيارين تركيا الحربيين بإمكانات تدريب متقدمة في مواقع سلاح الجو في النقب. ووجه آخر للتعاون العسكري هو التدريبات المشتركة للأساطيل الإسرائيلي والتركي والاميركي في الشرق الأوسط. وأتمت اسلحة الجو للدول الثلاث أيضًا تدريبات مشتركة من آن لآخر. لكن تركيا أقصت إسرائيل مؤخرًا من تدريبات لحلف شمال الأطلسي وذلك على اثر الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.
لقد استغلت تركيا الشراكة الإستراتيجية مع إسرائيل، وعملت في ردع لاعبات إقليمية عملت في مواجهتها. لكنها في السنوات الأخيرة بدأت علاقاتها مع إسرائيل تتوتر بسبب التصعيد في الشرق الأوسط، وبخاصة الحصار الذي تضربه إسرائيل على غزة، وشنها لحروب متعددة، منها حرب لبنان الثانية، وكذلك الحرب على قطاع غزة اواخر 2008 ومطلع 2009.
وعلى اثر هذه التطورات شهد العلاقات التركية- الإسرائيلية توترًا، ويرى مراقبون أن السبب الرئيس يعود لكون الأتراك يرون في الهجمات الإسرائيلية بعدًا دينيًا، وهو ما يلحظ في الصحافة التركية، ويبدو جليًا في المسلسلات التلفزيونية التركية التي سبب الأزمة الأخيرة بين البلدتين، ولعل صورة رئيس الوزراء التركي وهو يغادر قاعة مؤتمر دافوس بعدما وجه كلمات قاسية للرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس ما زالت عالقة في اذهان الكثيرين.
على أي حال، لا يتوقع الكثيرون بأن تذهب العلاقات التركية الإسرائيلية إلى التدهور الشديد في المستقبل، وبخاصة أن للبلدين مصالح مشتركة في الشرق الأوسط، كما أن حجم التبادل التجاري والتعاون العسكري في مستويات عالية جدًا، ولهذا السبب على ما يبدو، سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو إلى إرسال رسالة الاعتذار الرسمية لتركيا التي تعرض سفيرها في تل أبيب لإهانة قبل يومين.
وحسب الإذاعة الإسرائيلية العامة فإن نتنياهو أعرب عن عدم رضاه عن التباعد الحاصل بين تركيا وإسرائيل، ولذلك أوعز إلى المسؤولين المعنيين بالبحث عن السبل الكفيلة لوقف السير في هذا الاتجاه.
وأفادت الإذاعة أن شمعون بيريس قد تحدث مع نائب وزير الخارجية وحثه على إرسال رسالة الاعتذار. وقال أيالون في رسالته الموجَّهة إلى السفير التركي لدى إسرائيل إنه سيتم حل جميع الخلافات الثنائية بصورة مشرّفة مؤكدًا أنه لم ينوِ قط إهانة السفير التركي خلال اجتماعهما الأخير بل إنه يعتذر عن كيفية تفسير سلوكه.
ويذكر أن استدعاء السفير التركي إلى ومعاملته بطريقة فظة جاء بحسب المصادر الإسرائيلية تعبيرًا على الاعتراض على مسلسل تركي بث مؤخرًا واسمه quot;واد الذئابquot;، ويُظهِر الدبلوماسيين الإسرائيليين بأنهم عصابة يختطفون الأطفال.
التعليقات