وسط ترحيب كردي ومعارضة تركمانيّة وعربيّة، أعلن في العراق عن بدء تشكيل قوّات أميركيّة عراقيّة كرديّة لنشرها في المناطق المتنازع عليها بمحافظات كركوك والموصل وديالى، حيث تشكّلت أولى هذه القوات في مدينة كركوك من قوات غاب عنها المكون التركماني احد المكونات الرئيسة فيها الامر الذي دعا قواه السياسية إلى المطالبة بإلغاء هذه القوة أو تمثيلهم فيها ، مماأضاف مشاكل جديدة للنزاع هناك بدلاً من تحقيق الهدف المعلن من القوات بحفظ الأمن والإستقرار ومنع تفجير صراع مسلح بين المكونات الثلاثة في المحافظات الثلاث.

وعلمت quot;ايلافquot; اليوم ان اول هذه القوات المشتركة قد تم تشكيلها في مدينة كركوك (255 كم شمال بغداد) وهي تضم 33 عنصرًا من البيشمركة الكردية و33 عنصرًا من شرطة طوارئ كركوك و33 عنصرًا من الجيش العراقي وعنصرًا واحدًا من الجيش الأميركي. وستدير هذه القوة لجنة تضم عضوان من المكون الكردي وعضو من المكون العربي ويتراسها عنصر من الجيش الأميركي ومن دون وجود لممثل عن المكون التركماني.

وفي وقت رحب الاعضاء الأكراد في مجلس محافظة كركوك بتشكيل القوات فقد اكدت الجبهة التركمانية العراقية رفضها لها وقالت انها quot;تشكل خطرًا على الامان في كركوك والمناطق الاخرىquot;. وطالبت في بيان صحافي تلقته quot;ايلافquot; اليوم باستقدام قوات عراقية من وسط العراق وجنوبه لحماية الامن في كركوك وفي حال عرقلة هذا الطلب الذي اكدته جميع المؤسسات السياسية التركمانية و العربية في كركوك وفي ظل مضايقات الميليشيات الكردية لاهالي كركوك الاصليين وعدم اتخاذ اي اجراء رسمي معلن ضدها، فإن الجبهة تؤكد مطالبتها بالموافقة على تشكيل افواج من التركمان ضمن قوى الامن الرسمية لتشارك في القوة التي ستكلف بحماية الامن في كركوك وتحذّر ان تنفيذ نشر قوات بمشاركة الميليشيات الكردية لا تعني سوى الترهيب والترغيب بسبب الانتخابات العامة المقبلة ووضع العراقيين امام الامر الواقعquot;.

كما طالب حزب توركمن ايلي باعادة هيكلية القوة المشتركة التي جرى نشرها في محافظة كركوك أو اشراك المكون التركماني فيها اسوة بالمكونات الاخرى. وقال في بيان صحافي من كركوك الى quot;ايلافquot; ان اللافت quot;أن معظم أعضاء القوة من شرطة طوارئ كركوك والذين تم اختيارهم لهذه المهمة هم من المكون الكردي فقط، هذا إضافة الى عناصر البيشمركة الكردية التابعة للأقليم مما يعطي هذه القوة لونًا كرديًّا خالصًاquot;. واضاف quot; اننا في الوقت الذي نعلن فيه معارضتنا لتشكيل هذه القوة في محافظة كركوك كونها تعطي الشرعية لقوات البيشمركة التابعة لأقليم شمال العراق وعلى الرغم من العدد القليل لهذه القوة الا أنه سيكون لها تأثير سياسي وأمني كبير في المنطقةquot;.

وعبر الحزب عن الاستياء من quot;اقصاء المكون التركماني من تشكيلة هذه القوةquot; وطالب quot;بالغاء هذه القوة من ألاساس أو اشراك المكون التركماني فيها عبر تخصيص 33 عنصرًا من قوات شرطة طوارئ كركوك من أبناء القومية التركمانية حصرًا بدلاً من المكون الكردي فيها لإحقاق التوازن في تشكيلة هذه القوة واعطائها طابعًا شموليًا يمثل كافة أبناء محافظة كركوكquot;.

اما عضو المجموعة العربية في مجلس محافظة كركوك محمد خليل فقال ان العرب في كركوك رفضوا فكرة تشكيل قوات مشتركة موضحًا ان نشر أي قوة من قوات البيشمركة خارج محافظات الإقليم يعد خرقًا دستوريًّا للمادة 121، وكذلك للاتفاقية الأمنية الموقعة بين الحكومة العراقية والولايات المتحدة الأميركية. كما رفض عضو مجلس محافظة كركوك عن الجبهة التركمانية تورهان المفتي نشر قوات البيشمركة في المحافظة معتبرًا تواجدها quot;غير قانوني وغير دستوري ويشكل اعترافًا ضمنيًّا بوجود مناطق متنازع عليها في المحافظةquot;.

وقال ان قوات الجيش والشرطة في كركوك هي أصلا قوات مشتركة بالإضافة إلى أن قادة الأجهزة الأمنية هم من الكرد وهي تمثل القوات الرسمية التي أثبتت أنها تسيطرعلى زمام الأمور حاليًا، مشيرًا الى انه لذلك فإنه لا حاجة إلى نشر القوات المشتركة في كركوك. ومن جانبه،أكد العضو الكردي في مجلس المحافظة محمد كمال ان نشر القوات الثلاثة المشتركة سيسهم في استقرار الأوضاع الأمنية في كركوك والقضاء على الإرهاب الذي يستهدف جميع القوميات. وعبر عن استغرابه من الرفض العربي والتركماني لنشر هذه القوات قائلاً إن الأكراد مكون مهم وهم جزء من منظومة الدفاع العراقية.

وكان قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال رايموند اوديرنو اقترح على الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان نشر تشكيلات مختلطة من القوات العراقية ومقاتلي البيشمركة إلى جانب قوات أميركية في المناطق المتنازع عليها التي تسكنها قوميات متعددة في شمال العراق.

وقال اديرنو ان التوترات بين الجيش العراقي والبيشمركة أبعدتهم عن العمل سوية لذلك تمكنت القاعدة في بلاد الرافدين من شن هجمات مدمرة على بلدات صغيرة لا يسيطرون عليها. وكان اوديرنو قد اجتمع مع رئيس الوزراء نوري المالكي ثم مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني لوضع الخطوط العامة لتنفيذ عمليات مشتركة في الشمال. واضاف اوديرنو quot;ما إن يعتادوا على العمل مع بعضهم البعض سيكون الأمر سهلاquot;.. موضحا ان دور الولايات المتحدة سيقتصر على الإشراف وتشجيع الجانبين على التعاون أكثر من كونه دور حفظ سلام.

وقد رفض مجلس محافظة نينوى (375 كم شمال بغداد) المشكل من غالبية عربية نشر قوات مشتركة في المناطق المتنازع عليها في المحافظة. وطرح المجلس البديل لتوفير الامن في هذه المناطق بتشكيل فرقة عسكرية وتطويع أبناء محافظة نينوى لمسك الأرض وتطبيق القانون.. كما هدد باللجوء إلى المحكمة الاتحادية لمنع نشر القوات.

وكان وفد حكومي برئاسة نائب رئيس الوزراء رافع العيساوي ووزير الامن الوطني شيروان الوائلي زار الموصل الاسبوع الماضي في محاولة لاقناع محافظها اثيل النجيفي ومجلس المحافظة بضرورة نشر قوات مشتركة خصوصاً وأن الحكومة المركزية قد اتخذت قرارها وأكملت خطتها بهذا الشأن. واعتبر العيساوي انه من الضروري استقرار محافظة نينوى وتحقيق الامن مع قرب الانتخابات لانه يصب في مصلحة الجميع. ووعد أهالي المحافظة بالموافقة على تجنيد 14 ألف من ابنائهم في تشكيلات الجيش والشرطة العراقية معتبرًا ان عملية نشر قوات مشتركة هي الخطوة الأولى لسحب قوات البيشمركة بعد تطوع أبناء هذه المناطق في صفوف القوات الأمنية العراقية.

لكن رئيس مجلس محافظة نينوى جبر العبد ربه قال في مؤتمر صحافي ان موضوع نشر قوات مشتركة على أراضي محافظة نينوى رفضه مجلس المحافظة سابقًا وأبلغ رئاسة الوزراء بذلك في كتاب رسمي لأنه يضفي شرعية على قوات ليس لديها غطاء شرعي. ومن جانبه قال درمان ختاري القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني والناطق الرسمي لقائمة نينوى المتآخية (كردية) إن quot;قوات البيشمركة أتت إلى المنطقة بعد سقوط النظام السابق في عام 2003 لسد الفراغ الأمني الذي حصل في الاقضية والنواحي التابعة لمحافظة نينوى وهذه القوات حققت الأمن للمواطنين في هذه المناطقquot;.

واضاف quot;أما مسالة وجود قوات مشتركة من العرب والكرد فهو مقترح مقدم من قبل اوديرنو للحفاظ على الأمن في هذه المناطق وللتقليل من فرص الاحتكاك الطائفي فيها لذلك فان وجودها سيكون ضروريا لأبناء هذه المناطقquot;. وأشار إلى quot;إمكانية التنسيق مع الحكومة المحلية في نينوى إذا شاءت لان هذه المناطق مشمولة بالمادة 140 وهي متنازع عليها أصلاً ما بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان وعليه يجب اللجوء الى القانون والدستور لحل كل المشاكل العالقةquot;.

واشار الى ان عملية نشر القوات المشتركة جاءت كرد فعل على الخلاف السياسي مع الحكومة المحلية في نينوى منوّهًا الى انه quot;لايمكن لقائمة واحدة او جهة واحدة على حكم المدينة وتهميش قائمة حصلت على ثلث مقاعد مجلس المحافظة هس نينوى المتآخية ويمثلون مليون شخص وبالتالي لن تنجح العملية السياسية والادارية والامنية في الموصل الا بتشكيل حكومة توافقية من جميع القوائم الفائزة لادارة شؤون المدينةquot; كما نقلت عنه وكالة quot;آكانيوزquot; الكردية.

ومن جانب اخر اعتبر يونس الطائي القيادي في الحزب الإسلامي في نينوى إن quot;مسالة نشر قوات مشتركة في المناطق المقتطعة من نينوى المتنازع عليها هو جزء من مشروع لتقسيم العراق ومحافظة نينوى وهو مخطط مرسوم منذ صدور تقرير ديمستورا او ربما حتى ماقبل صدوره اي منذ دخول القوات الامريكية المحتلة الى العراقquot;.

وأضاف الطائي ان quot;المشكلة لاتكمن في نشر القوات المشتركة في الوحدات الادارية المقتطعة من نينوى فقط وانما قد تمتد لتشمل الساحل الايسر من المدينة الى ضفاف نهر دجلة اي انتشار داخل الجهة الشرقية ايضا لمدينة الموصل بحسب خارطة اقليم كردستانquot;. واكد الطائي انه quot;لاتوجد ضمانات على وحدة اراضي نينوى بالرغم من وجود قوات اتحادية ضمن القوة المشتركة لان هناك اتفاق حصل مابين رئيس الوزراء نوري المالكي في احدى زياراته للاقليم وهي اتفاقات حزبية مابين حزب الدعوة والمجلس الاعلى من جهة والحزبين الكرديين من جهة أخرى لتقاسم هذه المناطق المقتطعة من نينوى كما ان القوات الأميركية هي اصلا منحازة لاقليم كردستانquot;.

وأثار ارتفاع معدلات العنف في محافظة نينوى مخاوف من اندلاع صراعات بين مكونات المحافظة المختلطة دينيًا وقوميًا وخاصة بين العرب والأكراد والتي يمكن ان تمتد الى باقي مناطق البلاد في وقت يشير مراقبون الى ان التوترات السياسية بين قائمتي الحدباء العربية ونينوى المتآخية الكردية تلقي بظلالها على الوضع الامني حيث يتبادل المسؤولون في الجانبين الاتهامات بشأن التسبب في تراجع الأمن.