انقسم الاعلاميون في الاردن بين مؤيد ومعارض لقرار صدر اخيرا وقضى باخضاع المواقع الالكترونية لقانون المطبوعات والنشر. وفيما اعتبر البعض ان الحكومة تقف وراء القرار بهدف قمع الحريات الصحافية، اشاد البعض الاخر بالقرار الذي يعزز الاعلام المهني والموضوعي.


عمان: تفاعلت الردود الاعلامية على موضوع قرار السلطات القضائية الاردنية اخضاع المواقع الالكترونية الى قانون المطبوعات والنشر وابرزت الاوساط الصحافية تحفظاتها على القرار وتوقيته، معتبرة ان هذا القرار هو بمثابة بطاقة حمراء لطرد الكثير من المواقع الالكترونية من الساحة الاعلامية، وقمع الحريات الصحافية.

ومع ذلك فان ردود الفعل على القرار تأرجحت بين معارض ومؤيد له من الوسط الصحافي خصوصا ان قانون المطبوعات والنشر يعتبر المواقع الالكترونية من وسائل النشر التي تدون فيها الافكار والمعاني والكلمات وبأي طريقة كانت.

يذكر انه يوجد في الساحة الاعلامية الالكترونية الاردنية نحو 104 موقعا الكترونيا باتوا يخضعون الى قانون المطبوعات والنشر الذي تتضمن بنوده عقوبات منها الحبس والغرامات، وكذلك تنص القوانين بحظر نشر ما يسيئ لكرامة الافراد وحرياتهم الشخصية او ما يتضمن معلومات او اشاعات كاذبة بحقهم. كما ان بعض المواد تنص على حظر نشر ما يشتمل على تحقير او قدح او ذم والديانات المكفولة حريتها بالدستور او الاساءة اليها أو التعرض او الاساءة لارباب الشرائع من الانبياء بالكتابة او بالرسم او بالصورة او بالرمز او بأي وسيلة اخرى تشكل اهانة للشعور او المعتقد الديني او تعمل على اثارة النعرات المذهبية او العنصرية.

يقول رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحافيين الاردنيين ومدير مكتب موقع سرايا في الاردن هاشم الخالدي quot;اننا نحترم قرار المحكمة هذا خصوصا انه بات ملزما وجاء ضمن حلقات بدأت الحكومة الحالية بهاquot;. لكنه اضاف ان هذا القرار من شأنه الحد من الحريات الاعلامية.

وحول توقيت القرار والتحفظات عليه يؤكد الخالدي ان هذا القرار جاء بتحالف اطياف معنية تسعى الى قمع المواقع الالكترونية وحددها بثلاث جهات الحكومة الحالية كونها ضاقت ذرعا، الصحف اليومية التي باركت هذا القرار ولها مبررات لان القارئ بات يفضل المواقع الالكترونية وكذلك المعلن بحكم سرعة نقل الخبر وتفصيلات اي حدث في المواقع الالكترونية اذ اضحت مصادر اخبارية رئيسة للمواطنيين وفق الخالدي.

اما الجهة الثالثة كما يشير الخالدي فهي شخصيات اردنية متنفذة هدفها الحد وتحجيم المواقع الالكترونية.

من جهة اخرى رفض العديد من الاعلاميين التعليق على القرار بصفته قرار محكمة قطعي ولن يتم الرجوع عنه عازين سبب رفض تعليقهم على الحكم كونه صادرا من المحكمة ما يعرضهم للحبس والعقوبة وفقا لقانون انتهاك المحاكم لعام 1959 الذي يحاسب الصحافيين اذا علقوا على قرار المحكمة.

وكما قال احدهم رافضا الكشف عن هويته فان quot;هذا القرار جاء لقمع الاعلام بكل اشكاله وهذا متوقع من هذه الحكومة خصوصا خطتها الرئيسة ومنها احتوا الصحف اليومية عبر التعيينات ومراعاة التوزانات ، وتجسدت الخطوة الاولى بتعيين نائب رئيس وزراء هو رئيس مجلس ادارة صحيفة العرب اليوم المستقلة المعروفة بالطابع النقدي ومشاكسة سياسيات الحكومات، وهذا يعني تخفيف النقد والسيطرة المبطنة على تلك المطبوعة.

والخطوة الثانية كانت بتعيين مستشار اعلامي لرئيس الوزراء هو كاتب في صحيفة الراي اليومية الحكومية ،المحسوبة دائما بانها الذراع الاعلامي الحكومي. وبذلك تبقى صحيفة الغد فقد تم تعيين الكاتب الصحافي والكاتب سميح المعايطة الذي يتمتع بمهنية ونقد شديد لاي خطأ وطرح يمتاز بجرأة ومهنية عالية. كما لم تخرج quot;الدستورquot; من لعبة الاحتواء فكانت حصتها وزير الاعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة وهو رئيس تحرير الدستور سابقا.

لكن بعض الصحافيين رحبوا بهذا القرار مبررين ذلك انه بات من الضروري قمع وايقاف حالة الفلتان الاعلامي الالكتروني حيث ان الكثير من المواقع تقف وراء اغتيال الشخصية والابتزاز ، وتبتعد كل البعد عن المهنية والموضوعية.

من جانبه ، اعتبر عضو المكتب التنفيذي لجماعة الاخوان المسلمين ارحيل غرابية quot;قرار محكمة التمييز باخضاع المواقع الالكترونية الى قانون المطبوعات والنشر ، خطوة الى الوراء ، واغلاق نافذة جديدة من نوافذ الحرية تمكن الناس من التعبير عن ارائهم دون قيود رسميةquot;. وقال quot;جاءت هذه الخطوة لمحاصرة الفضاء الاعلامي والحد من حرية المواطن لمنع انتقاد السياسيات الحكوميةquot;.

وانتقد غرابية ، نهج الحكومات الاردنية في التضييق على حرية الكلمة من خلال منع الفعاليات والانشطة الشعبية وتقييد المنابر ومنع الدورس في المساجد، لافتاً الى ان نحو ثلثي الاردنيين لا يستطيعون انتقاد الحكومة علناً وفقا لاخر استطلاع لمركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية.
اما مدير المطبوعات والنشر الدكتور نبيل المومني فقال لـquot; ايلاف quot; ان القرار صادر من قبل اعلى محكمة قضائية في الاردن ، ويمكن وصفه بانه قرار جديد لم يتلبور بعد.

لكنه لا يرى مبررا للاعتراض من قبل الجسم الصحافي على هذا القرار لانه يعزز من وجهة نظره حرية الاعلام المهني الحر بسقف يصل الى السماء. وهذا يتحقق عبر المهنية والموضوعية والدقة والابتعاد عن القدح والذم والتحقير واغتيال الشخصية.

ويؤكد ان فحوى قرار كهذا يجب ان يعزز الشفافية مع الاعلام الحر المهني وتساءل لماذا الغضب والاعتراض، بل على المواقع الالكترونية التكيف مع هذا القرار.

بدوره طالب الخالدي الحكومة باستقطاب المواقع وتجنيدها كسيوف لها في الازمات لان المواقع باتت سلاحا اعلاميا قويا، والاكتفاء بمدونة السلوك التي اظهرت ان الصحافيين هم مجرمين اضافة الى انها ستغلق نحو 23 صحيفة اسبوعية بعد ايقاف الاعلانات والغاء اشتركات جميع الصحف في المؤسسات الرسمية والوزارات.