يقصد اليمن سنويًّا آلاف الاجانب بينهم غربيون، لدراسة اللغة العربية أو الشريعة الإسلامية في معاهد وكليات دينية يجنح فيها بعضهم نحو التشدد، بعيدًا من أي رقابة من جانب السلطات، كما تؤكد مصادر غربية في صنعاء.

صنعاء: كشف تقرير للجنة في مجلس الشيوخ الأميركي ان 36 سجينًا أميركيًا سابقًا، اعتنقوا الإسلام في السجن توجهوا في 2009 الى اليمن، والسبب المعلن لذهابهم الى هذا البلد هو دراسة اللغة العربية. واضاف التقرير quot;بحسب اجهزة استخباراتنا بعض هؤلاء الاميركيين فقدت اثرهم ويشتبه بانهم التحقوا بمعسكرات تدريب تابعة لتنظيم القاعدة في مناطق لا تخضع لسيطرة الحكومةquot;.

لكن ابقاء الطلاب الاجانب في اليمن تحت اعين الرقابة لرصد القلة القليلة منهم التي تجنح الى الفكر الجهادي والعنف امر غير ممكن، كما يقول دبلوماسي غربي لوكالة الأنباء الفرنسية. ويوضح الدبلوماسي الذي طلب عدم الكشف عن هويته quot;اولا، ليست لدينا اي فكرة على الاطلاق عن عدد هؤلاء. ليس هناك اي رقم يعتد بهquot;، مؤكدًا quot;مبدئيًّا هم مسجلون، ولكن في الواقع لا احد يعرف كم هو عدد مدارس اللغة او الشريعة تحديدًا في البلاد اذ يمكن لأي مسجد أن يفتتح مدرسة من هذا النوعquot;.

وعلى احد طرق العاصمة اليمنية صنعاء تنتشر حوالى عشر مدارس صغيرة للغة العربية. وحالة النيجيري عمر فاروق عبد المطلب الذي تغيب لشهرين ونصف عن مدرسته حيث كان يدرس اللغة العربية قبل ان يظهر على متن طائرة الركاب الاميركية التي حاول تفجيرها اثناء رحلة بين امستردام وديترويت يوم عيد الميلاد، ابلغ دليل على سهولة الاختفاء في اليمن من دون لفت الانظار.

واذا كان نظام منح التأشيرات للطلاب يفرض تسجيل هؤلاء في مدارس وابلاغ السلطات عن مكان وجودهم، فان هذا النظام ليس معقدًا ومن السهولة بمكان الالتفاف عليه في بلد يستشري فيه الفساد، بحسب المصادر عينها. ويقول الدبلوماسي quot;بمجرد وصولكم الى المطار تشترون فيزا سياحية لثلاثين يومًا، ومن ثم يلزمكم دفع حوالى 400 دولار من البقشيش للحصول على فيزا لمدة سنةquot;.

وصباح الخميس، اعلنت السلطات اليمنية بضغط من شركائها الغربيين، وقف العمل بنظام منح تأشيرات السياحية لمدة شهر في المطارات اليمنية. وقال احد الخبراء اليمنيين طلب عدم الكشف عن هويته ان quot;اليمن يفرض فعلاً تأشيرات طلاب او تأشيرات اقامة، ولكن عندما يصل الناس الى هنا من الصعب ترصدهم وتعقبهم ويمكنهم الاختفاء في البلادquot;.

وكان جون والكر ليند الملقب بـquot;الطالباني الاميركيquot; والذي اعتقل في افغانستان في تشرين الثاني/نوفمبر 2001 قصد اليمن في 1998 لدراسة اللغة العربية في صنعاء. وتشدد السلطات اليمنية باستمرار شروط حيازة تأشيرة الدخول الى البلاد وكذلك الضوابط التي تحكم دراسة الاجانب في المعاهد والكليات اليمنية. الا انها لا تمارس رقابة يومية على المدارس والمناطق الخارجة كليًّا عن سيطرتها.

ففي شمال اليمن هناك تمرد مسلح وفي الجنوب حراك اجتماعي سياسي وبين الاثنين هناك تنظيم القاعدة الذي يتخذ معاقل له في اماكن عدة نائية. وامام هذه التحديات لم تضع الشرطة والاستخبارات اليمنية يومًا الطلاب الاجانب على رأس اولوياتها، كما تؤكد مصادر في سفارات غربية.

لكن هذا الامر لا ينطبق على اجهزة الاستخبارات الغربية التي وضعت تحت المجهر عددًا من مدارس الشريعة، منها مركز quot;دار الحديثquot; في الدماج في شمال غرب البلاد وجامعة quot;الايمانquot; الشهيرة التي اسسها في صنعاء رجل الدين المتشدد عبد المجيد الزنداني. والاخير مدرج اسمه منذ 2004 على اللائحة الاميركية للاشخاص المشتبه في دعمهم الارهاب. وكان الزنداني قد دعا الاسبوع الفائت اليمنيين الى quot;الجهادquot; دفاعًا عن بلادهم في حال تعرضها لتدخل عسكري اجنبي، مؤكدا ان الجهاد quot;حكم شرعي امر به اللهquot;.

إلى ذلك قتل جندي يمني واصيب ثلاثة آخرون بجروح في كمين تعرضت له شاحنتهم صباح الخميس في محافظة مأرب (شرق) وذلك غداة غارات شنها الطيران اليمني ضد معاقل مفترضة لتنظيم القاعدة في هذه المنطقة، كما اعلن مصدر عسكري. وقال المصدر ان quot;جنديًّا قتل واصيب ثلاثة آخرون بجروح عندما اطلق مسلحون مجهولون النار على شاحنة تنقل مواد غذائية على بعد 150 كلم جنوب مأرب على الطريق بين المدينة وحقل صافر النفطيquot;.

واضاف المصدر ان اصابة احد الجنود الثلاثة بالغة وقد نقل مع الاثنين الباقيين الى احد مستشفيات المنطقة، مشيرًا الى ان منفذي الاعتداء قد يكونون عناصر في تنظيم القاعدة. وكان سلاح الجو اليمني شن غارات الاربعاء على منزل القائد المفترض لتنظيم القاعدة في محافظة مأرب عايض الشبواني ومزرعة يعتقد انها تؤوي مقاتلين من التنظيم، قرب مدينة مأرب.

من جهة اخرى، أشاد متحدث رسمي بـ quot;تعاون المواطنين في محافظات ابين وشبوة ومأرب والجوف وصنعاء بتقديم معلومات تعزز قدرة الاجهزة الامنية على ملاحقة العناصر الارهابية التخريبية من عناصر تنظيم القاعدة وغيرهمquot;.

واضاف المتحدث بحسب ما نقلت عنه وكالة الانباء اليمنية الرسمية (سبأ) انه quot;بفضل ذلك التعاون امكن تحقيق نتائج ايجابية في ملاحقة تلك العناصر وتوجيه الضربات الاستباقية والموجعة لها والتي حالت بينها وبين تنفيذ عملياتها الارهابية التي تضر بمصلحة الوطن والمواطنينquot;.