تواجه إدارة أوباما العديد من التحديات خاصة في طريقة معالجة أزمات العراق وأفغانستان واليمن، حيث تعوّل على المساعدات بهدف القضاء على الإرهاب .

واشنطن: عندما تنظر اليها واشنطن ستبدو التهديدات متشابهة.. مجتمعات تعاني انقسامات عميقة ويشوبها الفساد والفقر وتواجه حركات اسلامية متشددة تزداد نموا وتضمر كراهية عميقة للولايات المتحدة. ويرى محللون أمنيون أنه في حين أن العراق وافغانستان وباكستان والان اليمن ربما تبدو متشابهة عن بعد فانه عند الاقتراب نجد أن لدى كل منها صراعا مختلفا وهو الدرس الذي يجب أن تستوعبه واشنطن لتحقيق أهدافها في أي من هذه الدول.

وفي الاسبوع الحالي يجتمع حلفاء الولايات المتحدة في العاصمة البريطانية لندن لحضور مؤتمرين عن أفغانستان واليمن سيسلطان الضوء على مدى تطور سياسات الرئيس الاميركي باراك أوباما لتكون على مستوى مجموعة التهديدات الامنية التي يزداد نطاقها اتساعا. وسيبرز المؤتمران التحول من ادارة الازمات على المدى القصير الى بناء الامة على المدى الطويل وهي فكرة يحتمل أن تكون هناك صعوبة في اقناع الجماهير الاميركية بها بعد أن أنهكتها الحرب وفترت عزيمتها بسبب العجز الحكومي القياسي وارتفاع نسبة البطالة في الداخل.

وفي ظل اثارة بعض الجمهوريين المخاوف من أن ادارة أوباما الديمقراطية لم ترد بالصرامة الكافية على التهديد اليمني على الرغم من زيادتها عدد القوات الاميركية في أفغانستان فانه سيكون على الرئيس الاميركي اقناع الناخبين المترددين بأن استراتيجيته ستحافظ على أمن البلاد في عالم يمكن أن يأتي فيه الهجوم التالي في أي وقت.

وقال ستوارت باتريك كبير الباحثين الامنيين بمجلس العلاقات الخارجية quot;صعود اليمن يبين الصعوبة التي تواجهها الولايات المتحدة في التعامل مع ظاهرة شبكات الارهابيين الجهاديين العالميين. quot;القوة العظمى الوحيدة في العالم تلعب لعبة (واكا مول)quot; مشيرا الى لعبة تتمتع بشعبية حيث يضرب اللاعبون وتدا فيهبط ويظهر لهم في مكان اخر. وأضاف quot;من الواضح أن هناك حدودا لاستراتيجية من هذا النوع. انها تترك الزخم والمبادرة مفتوحين للقاعدة.quot;

في أفغانستان تركزت خطط الولايات المتحدة على الجيش حيث تعهد أوباما بارسال 30 الف جندي أميركي اضافي لينضموا الى 68 الفا يقاتلون متشددي طالبان هناك بالفعل. وتماثل هذه الاستراتيجية تلك التي اتبعها الرئيس الاميركي السابق جورج بوش في العراق عام 2007 ونسب اليها الفضل في خفض العنف وتمهيد الطريق لانسحاب الولايات المتحدة. لكن لم يتضح بعد ما اذا كانت ستثبت فعاليتها في أفغانستان. وفي ظل وجود الجنود على الارض بالفعل تقوم الولايات المتحدة وحلفاء مثل بريطانيا quot;بزيادة مدنيةquot; لدعم حكومة الرئيس الافغاني حامد كرزاي. ويأمل مسؤولون أن تخرج أفغانستان من اجتماع الخميس بجدول زمني لتتسلم المسؤولية عن أمنها واليات لتنسيق التنمية وخطط لمكافحة الفساد المنتشر على نطاق واسع في حكومة كرزاي.

وقال ديفيد ميليباند وزير الخارجية البريطاني الاسبوع الماضي quot;من المهم جدا تحسين جانبنا المدني من المهمة بينما يحسن الجيش جانبه.quot; وزادت ادارة أوباما عدد الخبراء المدنيين في افغانستان الى ثلاثة امثاله ليصل الى نحو الف بعد أن كان 320 قبل عام وتأمل زيادة هذا العدد بنسبة تتراوح بين 20 و30 في المئة عام 2010 . ويقول محللون ان التركيز على القضايا الاساسية مثل قوة الشرطة والتنمية الزراعية والتعليم يمثل ادراكا بأن السبيل الوحيد لحرمان القاعدة والمتطرفين الاخرين من ملاذ امن سيكون من خلال توفير بديل قابل للاستمرار للسكان المحليين.

وقال ريك نلسون الخبير الامني بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية quot;لن نحقق أهدافنا بمجرد وجود جنود على الارض... المشكلة الكبرى في كل هذه الاماكن هي الاقتصاد.quot; وعلى الرغم من التركيز على أفغانستان صعد اليمن الى قمة قائمة ألولايات الولايات المتحدة بعد أن اتهم نيجيري له صلات باليمن بمحاولة تفجير طائرة ركاب أميركية متجهة الى ديترويت في يوم عيد الميلاد. وأعلن أسامة بن لادن زعيم القاعدة مسؤوليته عن محاولة التفجير الفاشلة وتوعد بمزيد من الهجمات على الولايات المتحدة في شريط صوتي قالت قناة الجزيرة التلفزيونية الفضائية يوم الاحد انه منسوب له.

ويحمل اليمن أفقر دولة في العالم العربي الكثير من ملامح الخطر التي تحملها أفغانستان وهي حكومة ضعيفة وشعب معدم وتاريخ من الهجمات المرتبطة بتنظيم القاعدة بما في ذلك تفجير استهدف المدمرة الاميركية كول في اكتوبر تشرين الاول عام 2000 . ويقول محللون انه في حين أن الدبلوماسيين حددوا سريعا اجتماعا في لندن يعقد يوم الاربعاء للتعامل مع قضية اليمن فان رد الفعل جاء محسوبا وهو مؤشر على أن دروس الماضي استوعبت. واستبعد مسؤولون عسكريون التزام الولايات المتحدة بارسال قوات. وحددت للرئيس اليمني علي عبد الله صالح معايير واضحة للاداء حتى تستمر المساعدة الدولية.

وقال ستيفن هايدمان خبير الشؤون اليمنية بمعهد السلام الاميركي وهو مؤسسة بحثية في واشنطن quot;لا تبذل جهود هنا لمعاملة اليمن على أنه في الطريق لان يصبح مثل افغانستان وأعتقد أن هذا ملائم. quot;كانت هناك جهود حذرة نسبيا لتحديد حجم التهديد الذي يمثله تنظيم القاعدة في اليمن ولضمان أن يكون اليمنيون في المقدمة في التعامل معها.quot; وسيسعى اجتماع لندن الى اتاحة جزء من نحو خمسة مليارات دولار تلقى اليمن وعودا بها بالفعل عام 2006 لكنها تعطلت جزئيا بسبب مخاوف حول كيفية انفاقها. ويقول محللون ان هذا يمكن أن يبدأ بدوره في تغيير الاوضاع على الارض قبل أن يكتسب المتشددون الاسلاميون دعما واسع النطاق.

وعبر بعض المسؤولين الاميركيين عن مخاوف من أن واشنطن لا ترد بالصرامة الكافية على التهديد اليمني. وقال السناتور الديمقراطي جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في جلسة استماع مؤخرا quot;اذا كنا نفتح هذه الجبهة الجديدة دون القدرة على التعامل معها فانني أتساءل حقا الى أين يأخذنا هذا.quot; لكن محللين قالوا ان السعي لكسب quot;القلوب والعقولquot; على الارض مقابل دفع المتشددين الى التقهقر في ميدان المعركة قد يكون المفتاح الوحيد للامن طويل المدى. وقال باتريك من مجلس العلاقات الخارجية quot;هناك درس يستخلص من افغانستان والعراق قبلها هو أننا بحاجة الى مزيد من التوازن ولا نستطيع أن نتحمل مجرد اتباع نهج قصير المدى.quot;