عبد الحميد أبو زيد

تبعا لتقرير مطوّل على صحيفة quot;واشنطن بوستquot; من باريس، فإن أعدادا متزايدة من الأوروبيين تتنبّه الى وجه جديد للأصولية الإسلامية الموجهة ضد الغرب يتمثل في الجزائري عبد الحميد أبو زيد، الملقب quot;أمير الجنوبquot;.


عبد الحميد أبو زيد، المعروف أيضا بعبد حمادو، يقود حاليا إحدى جماعتين للقاعدة تمارسان عملياتهما رئيسيا في المغرب الكبير خارج الأراضي الجزائرية. وتقول الصحيفة إن جماعة أبو زيد، الذي يقارب الخمسين من العمر، ظلت تعتاش لقرابة عشر سنوات غزواتها المسلحة على التجمعات والقرى بطول حدود دول الساحل مثل مالي والنيجر وموريتانيا والجزائر نفسها.

وبسبب صغر حجمها ولأنها تمارس أنشطتها في مناطق قصية على أطراف الصحراء الكبرى، ظلت جماعة أبو زيد، لفترة طويلة، بعيدة عن اهتمام أجهزة الاستخبارات الأوروبية الغربية التي كانت تركز على جماعات quot;القاعدةquot; الرئيسية داخل الجزائر.

وظل هذا التركيز نفسه يأتي بالطبع خلف ملاحقة جماعاتها في باكستان وأفغانستان باعتبارها ذات علاقات مباشرة بأسامة بن لادن. وليس أدل على هذا من أن موجة التحسّب التي تعم أوروبا حاليا لهجمات متوقعة من القاعدة تأتت من معلومات استخبارية مستقاة داخل باكستان.

لكن بؤرة الاهتمام بدأت تشمل أيضا المغرب العربي بعد سلسلة من عمليات اختطاف الرهائن الغربيين في الآونة الأخيرة. وتسلط الضوء بشكل خاص على جماعة أبو زيد قبل ما لا يزيد عن أسابيع قليلة في إثر اختطافه في 15 من الشهر الماضي خمسة رهائن فرنسيين كانوا يعملون في منجم لتعدين اليورانيوم في آرليت بشمال النيجر.

ويبدو أن نشاط هذه الجماعة بدأ يلفت أيضا أنظار الاستخبارات الأميركية لأن الجماعة نفسها أعلنت أنها أحاطت علما بوجود عسكريين أميركيين بقاعدة تمنراسيت العسكرية الجزائرية قرب منطقة تلال على الحدود مع مالي يعتقد أن الجماعة تتحرك انطلاقا منها. وقالت تقارير إن الأميركيين في مهمة خاصة تهدف لمساعدة حكومات المنطقة على تعقب عناصر القاعدة.

عبد المالك دروغدال

ويقول ماتيو غيدير، المتخصص في شؤون الإرهاب بالمغرب الكبير في جامعة جنيف ومؤلف عدد من الكتب بهذا الشأن، إن الولايات المتحدة قدمت معلومات استخبارية إلكترونية عن جماعة ابو زيد للحكومة الفرنسية لمساعدتها على تعقب آثار رهائنها. وكانت ردة فعل ابو زيد نفسه إصداره أوامره لرجاله بالامتناع عن استخدام هواتفهم الفضائية التي يمكن لأدوات التجسس الأميركية - مثل الأقمار الاصطناعية والطائرات بدون طيار - التقاط إشاراتها.

وما يؤكد للغرب، تبعا لغيدير، أن ابو زيد هو الوجه الجديد للقاعدة في المغرب الكبير ظهوره على فيديو الى جانب الرهائن الفرنسيين - ليثبت لباريس أنهم أحياء - وكان بدون لثام على غرار بقية مقاتليه (وهم حوالي 100 يسمون أنفسهم quot;أسود الإسلامquot;). وأشار غيدير ايضا الى مقاتليه يلقبونه quot;الشيخquot; وquot;أمير الجنوبquot; في إعلان واضح أنه زعيم الجماعة.

وتبعا للتقرير الصحافي فإن الاستخبارات الغربية ترصد ايضا تحركات مختار بلمختار وهو زعيم الجماعة الأخرى العاملة في جنوب المغرب الكبير. وكان بلمختار قد فقد إحدى عينيه وهو يقاتل السوفيات في أفغانستان. ولكن يبدو أن أجهزة المخابرات الغربية تستخف بدوره قائلة إنه quot;مشغول بجمع المال عبر حماية المهرّبين أكثر من انشغاله بالجهاد ضد الغربquot;.

ولكن من الجهة الأخرى فإن ابو زيد لا يمكن الاستخفاف به تبعا لتلك المصادر نفسها. فهي تقول إنه هو الذي أعدم الرهينة البريطاني ادوين دايرز في 2009. كما أعدم مسنّة فرنسية في الثامنة والسبعبين من العمر تدعى ميشيل جيرمانو في يوليو / تموز الماضي. وعموما فإن الغرب يتهمه باختطاف أكثر من 20 رهينة من الرعايا الغربيين في دول الساحل منذ 2008، وبأنه ربما تلقى ملايين الدولارات فدية للإفراج عن بعضهم.

وكانت جماعة ابو زيد قد اعلنت إعدام جيرمانو بعيد غارة فاشلة للقوات الفرنسية الخاصة مدعومة بقوات كوماندوز موريتانيين لإنقاذها. وتبعا لمصادر في باريس فقد أمر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالغارة إثر تلقيه معلومات استخبارية من الأميركيين عن معسكر الجماعة الذي كانت جيرمانو محتجزة فيه. وكما قالت السلطات الموريتانية وقتها، فقد قتل في تلك الغارة سبعة من رجال ابو زيد الذي توعد بالانتقام لهم. وتقول المصادر الغربية إن احتجاز الرهائن الأخيرين - وهم خمسة فرنسيين واثنان من مساعديهم الأفارقة - الشهر الماضي يأتى تنفيذا لذلك الوعد.

لكن هناك ايضا الجزائري عبد المالك دروغدال المكنى quot;أبو مصعب عبد الودودquot; (40 عاما) الذي يقال إنه الزعيم الأكبر للقاعدة في المغرب الكبير. ويُعلم أن ابو زيد كان ساعده اليمنى قبل أن يشكل جماعته خارج الجزائر وأثناء معارك الإسلاميين الدموية ضد الجيش الجزائري. ولا توجد تقارير الآن عن تنافس بين الرجلين وإنما تنسيق بينهما في ما يبدو: دروغدال في الشمال داخل، وابوزيد في الجنوب خارجها.

ولأن دروغدال مشغول، تبعا للاستخبارات الغربية، باستهداف عناصر الشرطة والجيش الجزائريين، فهي تصب جل اهتمامها الآن على أنشطة ابو زيد لأنها موجهة ضد المصالح الغربية وتتمثل رئيسيا في اختطاف الرهائن. وهذا بالإضافة الى الاعتقاد أن دروغدال يتعافى الآن من جراح ألمت به ولذا فقد آلت قيادة القاعدة الكليّة في المغرب الكبير عملياً لأبو زيد.