شهدت الأشهر الأخيرة إنشقاق أعداد كبيرة من عناصر الصحوة أو تسريحهم بعدما استدرجتهم حملة تجنيد قامت بها جماعات سنية متمردة، على أفاد مسؤولون وأعضاء حاليون وسابقون في مجالس الصحوة ومتمردون.
لا توجد أرقام دقيقة عن أعداد المنشقين من عانصر الصحوة في العراق ولكن مسؤولين أمنيين وسياسيين يقولون إن مئات من مقاتلي الصحوة المنضبطين، التحقوا مجددا بتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين وان لدى كثيرين منهم معرفة واسعة بعمل القوات الاميركية.
وتنقل صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أن مقاتلين في مجالس الصحوة ما زالوا يتقاضون رواتبهم من الحكومة، قد يكونون بالآلاف، يساعدون الجماعات المسلحة والمتمردين في السر.
ويرى مراقبون ان الانتقال الى الجانب الآخر بهذه الأعداد مدفوع بمشاعر الاحباط إزاء الحكومة التي تقودها احزاب شيعية ويرى مقاتلون في مجالس الصحة انها عازمة على تصفيتهم، من جهة، وبضغوط تنظيم القاعدة من الجهة الأخرى.
وتسارعت الانشقاقات والعودة الى صفوف الجماعات المسلحة منذ انتخابات آذار/ مارس ونتائجها غير الحاسمة. ونشأت في هذه الأجواء هواجس لدى السنة بشأن فقدان حتى القليل المتبقي لديهم من نفوذ، ويبدو ان الأزمة منحت تنظيم القاعدة فرصا جديدة لإغراء المقاتلين بالعودة اليه.
ويشكل تغير ولاء عناصر الصحوة تهديدا جديدا للتوازن الاجتماعي والسياسي الهش في العراق، في وقت تستمر الأزمة السياسية بلا حل ويستعد الجيش الاميركي للرحيل نهائيا بحلول نهاية عام 2011.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن القيادي السابق في مجالس الصحوة في محافظة صلاح الدين ناظم الجبوري الذي انسحب منها مؤخرا القول ان عناصر الصحوة لا يعرفون ما يخبئه المستقبل لأن نيات الحكومة تجاههم ليست معروفة.
واضاف ان لدى اعضاء الصحوة خيارين في الوقت الحاضر. اما البقاء مع الحكومة، وتعريض حياتهم للخطر، أو مساعدة تنظيم القاعدة بالتعامل المزدوج مع الاثنين. وقال الجبوري ان الصحوة اشبه بالقاعدة البيانية بالنسبة لتنظيم القاعدة، يمكن ان تُستخدم لاستهداف مناطق لم يكن الوصول اليها ممكنا.
بدأت حركة مجالس الصحوة في عام 2006 عندما أخذ مسلحون سنة وشيوخ عشائر سنية يتحولون ضد تنظيم القاعدة والجماعات المتطرفة. وقام هذا التحول بدور كبير في في ابعاد العراق عن حافة حرب طائفية مدمرة.
وتولى الجيش الاميركي في البداية دفع رواتب مقاتلي الصحوة مع وعود قدمها اليهم بايجاد وظائف لهم في الحكومة. ولكن قياديين في الصحوة ومسؤولين أمنيين يقولون ان الوفا من مقاتلي الصحوة انسحبوا أو سُرحوا أو توقفوا عن الدوام أو كفوا عن الحضور لاستلام رواتبهم منذ الربيع الماضي.
واصبحت الأجواء مشحونة بصفة خاصة خلال الأشهر الأربعة الأخيرة بعدما وجد مقاتلو الصحوة أنفسهم بين مطرقة قوى الأمن العراقية التي اعتقلت مئات من المقاتلين الحاليين أو السابقين بتهمة ارتكاب اعمال ارهابية، وسندان تنظيم القاعدة بأساليبه الوحشية في التجنيد.
ويلاحظ مراقبون ان تنظيم القاعدة ينتهج استراتيجية غير معهودة لكنها مجدية تتمثل في ان افراد الصحوة الذين يعجز عن تصفيتهم يسعى بعد ذلك الى استدراجهم للالتحاق به مجددا. ويقدم لهم راتبا اكبر من راتبهم البالغ 300 دولار في الشهر ملوحا بأن حياتهم ستكون أكثر امانا مما لو بقوا يعملون مع الحكومة.
ورغم دعاوى الحكومة بأنها تعمل على دمج عناصر الصحوة بالمجتمع العراقي الأوسع فانها اثارت غضبهم بمصادرة اسلحتهم قائلة انهم يحملونها بلا ترخيص، وتجريد بعض المقاتلين من رتبهم قائلة انها لم تُكتسب بالطرق الأصولية. كما خُفضت رواتب بعض رجال الصحوة.
ويقول مسؤولون عراقيون في بغداد انهم لا يعرفون إلا حفنة من رجال الصحوة انشقت مؤخرا مدافعين عن طريقة الحكومة في معاملة ابناء الصحوة. وقال زهير الجلبي رئيس لجنة المصالحة الوطنية ان القتال ضد تنظيم القاعدة لا يعني انك تقدم خدمة للحكومة أو للشعب تستحق عليها هدايا أو رتبا او منافع بل ان قتال القاعدة quot;واجب وطنيquot;.
ويشكو رجال الصحوة منذ زمن طويل بسبب امتناع الحكومة عن تجنيد مزيد منهم في قوات الجيش والشرطة، ومن التأخير في دفع رواتبهم. وهم يقولون ان هذه المشاكل ما زالت مستمرة.
وتقول وزارة الدفاع الاميركية ان الحكومة وفرت فرص عمل لنحو 41 الفا من اصل 94 الف عنصر من عناصر الصحوة حتى تموز/يوليو الماضي وان الكثير من هذه وظائف مؤقتة تشتمل على اعمال يدوية متدنية. ولم تجند الحكومة إلا 9 آلاف من رجال الصحوة في قوى الأمن بذريعة عدم وجود ميزانية.
في غضون ذلك قال القيادي في صحوة محافظة ديالى بكر الكرخي ان نحو 24 من مقاتليه عادوا مؤخرا الى الالتحاق بتنظيم القاعدة وان هذا يحدث في كل المناطق السنية من العراق. واكد ان مقاتلين آخرين توقفوا فجأة عن الدوام واته بدأ يشك عندما اخذ البعض منهم يطلق تعليقات مشبوهة فقرر طردهم فيما ترك آخرون مجالس الصحوة بارادتهم ثم اختفوا من قراهم.
واتضح انهم quot;يقومون بعمليات غير قانونية ويتعاونون مع جماعات مسلحة بينها القاعدةquot;. ويقول قياديون في مجالس الصحوة لم ينسحبوا منها حتى الآن إنهم لا يستغربون من هذه الإنشقاقات إزاء ما يسمونه quot;تهميش الحكومة وتخلي الجيش الاميركي عنهمquot;.
التعليقات