تظاهرات عمالية في تونس

تعهّدت نقابات تونسيّة مختلفة بالتصدّي لمشروع حكوميّ يهدف إلى رفع السنّ القصوى للتقاعد وهو الأمر الذي أثار استياء العمال والنقابيين. وحذر رضا بوزريبة عضو المكتب التنفيذي لنقابة الاتحاد العام التونسيّ للشغل في إفادات لـ(ايلاف) من انعكاسات سلبية لمقترح الحكومة.

مجدي ورفلي من تونس: تتواصل المفاوضات في تونس بين الحكومة والإتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابة عمالية في البلاد بخصوص ملف إصلاح أنظمة التقاعد الذي أصبح محل جدل كبير والمادة الأكثر حضورا على أعمدة الصحف.

وفي هذا السياق شهدت محافظة جندوبة في الشمال الغربي يوم الأحد 17 أكتوبر أولى المسيرات الاحتجاجية المعارضة لمقترحات الحكومة برفع سن التقاعد، و شارك فيها نحو ألف من نقابيي ونشطاء المجتمع المدني، ورفعت خلالها لافتات تعبر عن رفض المشاركين التفريط في quot;الحقوق المكتسبة خلال عقود من النضال النقابيquot;.

من جانبها أعلنت نقابة التعليم الثانوي الإضراب العام يوم 27 أكتوبر/ تشرين الثاني الجاري متمسكة بمنح أساتذة التعليم الثانوي التقاعد في سن 55 سنة وبالتالي رفضها الكلي لمقترح الحكومة

الحكومة هي المسؤولة

رضا بوزريبة
الإتحاد العام التونسي للشغل أعلن من جهته رفضه لمشروع إصلاح منظومة التقاعد معتبرا أن الوضع الذي آلت إليه الصناديق الاجتماعية هو نتيجة خيارات اقتصادية واجتماعية وسياسية تتحملها الحكومة وحدها.

وفي مقابلة مع (إيلاف) قال رضا بوزريبة عضو المكتب التنفيذي ومساعد أمين عام قسم التغطية الاجتماعية في الإتحاد العام التونسي للشغل إنّ الرجوع إلى أسباب أزمة الصناديق الاجتماعية والإصلاح من خلالها دون اللجوء إلى الرفع في سن التقاعد هو الحل وهذا ما أثبتته دراسات قام بها مختصون في الإتحاد العام التونسي للشغل فقد سبق أن رفعت الحكومة في نسبة المساهمة في القطاع العمومي ثلاث مرات متتالية (1994،2002،2007) ولم يجد ذلك نفعاquot;.

واعتبر رضا بوزريبة أن سياسة الخصخصة التي انجرّ عنها تسريح عدد كبير من العمال في القطاع العمومي قبل سن التقاعد، المناولة والبطالة هي بالأساس أهم العوامل التي أدت إلى اختلال التوازن المالي للصناديق الاجتماعية في تونس والمقدر حسب مصادر إعلامية ب140.6 مليون دينار/99 مليون دولار.

وأضاف بوزريبة :quot;تهرب بعض المؤجرين من دفع المساهمات و الذين أعتبرهمquot;فوق القانونquot; لعدم إمكانية تنفيذ الأحكام ضدهم إن صدرت وعدم اتخاذ الحكومة إجراءات صارمة للحد من هذه الظاهرة وعدم تسديد ديون متخلدة بذمة بعض الأطراف هي من الأسباب التي لا يجب التغافل عنهاquot;، معبرا عن رفض الإتحاد أن يتحمل الأجير وزر أزمة الصناديق الاجتماعية.

وتتمثل مقترحات الحكومة لإصلاح أنظمة التقاعد في تونس أساسا في رفع سن التقاعد بصفة تدريجية من 60 سنة إلى 62 سنة في مرحلة أولى بين 2012 و2016 ليصل إلى 65 سنة في 2020 للتمديد في فترة المساهمة التي تقوم بالإضافة إلى الترفيع في نسبة هذه المساهمات بالنسبة للمؤجر والأجير.

وكانت تقارير أشارت في وقت سابق إلى أن المصاعب المالية التي تواجه صناديق الضمان الاجتماعي التونسية منذ العام 2005 قد استفحلت، وتحولت إلى أزمة باتت تهدد مستقبل هذه الصناديق.

وحذرت هذه التقارير من أن التوازنات المالية العامة داخل هذه الصناديق تتجه نحو المزيد من تفاقم العجز، بحيث من المرجّح ان يلتهم الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي معظم مدخراته في أفق عام 2014، في حين قد يلتهم الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية مجمل مدخراته في أفق 2015، وذلك في صورة بقاء الوضع الراهن على ما هو عليه.

نتائج عكسية

ويرى بعض المراقبين أن التقرير الذي أعده مكتب دراسات أجنبي ليس إلا حلولا وقتية تؤجل المشكلة ولكن لن تحل نهائيا أزمة الصناديق الاجتماعية.
ومن جهته أكد المسؤول النقابيّ رضا بوزريبة في إفاداته لإيلاف أن هذه الحلول المقترحة من طرف الحكومة ستكون لها انعكاسات سلبية على الأجير والمؤجر على حد السواء حيث ستؤثر مباشرةفي القدرة الشرائية للأجير خاصة مع تزايد أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية وتضعف من القدرة التنافسية للمؤسسات التونسية وتقلص إمكانية اكتساحها للأسواق العالمية، على حدّ تعبيره.

وأكد أن quot;الترفيع في سن التقاعد سيؤثر حتمافي نسبة البطالة، رغم محاولة quot; ذر الرماد في العيون من طرف الحكومةquot; مشيرا إلى أن فكرة التمديد في سن العمل في تونس ليست مجدية لأن التجارب الأوروبية وخاصة الفرنسية ليست مرجعا، لاختلافات عدة أهمها المؤشرات الديموغرافيةquot;.

وحسب معهد الدراسات والبحوث التابع للصندوق القومي للضمان الاجتماعي التونسيّ سيبلغ عجز الصناديق الاجتماعية 3.5 مليارات دينار سنة 2015 و9.5 مليارات دينار سنة 2030 نظرا لارتفاع عدد المتقاعدين وصرف الجرايات لفائدتهم لمدة أطول لتطور مؤمل الحياة في تونس المقدر حاليا ب75 سنة.

وتوقعت الدراسة نفسها أن يتضاعف عدد المنتفعين بجراية في القطاع العمومي أكثر من مرتين ونصف عام 2030، في حين أن عدد الناشطين لن يرتفع خلال الفترة نفسها إلاّ بنسبة 35 %.
أمّا في القطاع الخاص فمن المنتظر أن يتضاعف عدد المنتفعين بجراية حوالى ثلاث مرات ونصف، فيما سيرتفع عدد النشطين بأقل من مرتين.