تخوض المرأة المصرية أول اختبار حقيقي للمشاركة السياسية عبر الانتخابات البرلمانية، إذ تستعد انطلاقاً من نظام quot;الكوتةquot; المنافسة على 64 مقعداً لولايتين تبلغ مدتهما 10 سنوات، وعلى الرغم من الآمال المتعلقة بأهداف تلك الخطوة لإنعاش قيم الديمقراطية، وتفعيل دور المرأة السياسي، الا ان عدداً من الخبراء شكك في نجاعة تلك الخطوة.


القاهرة: أقرت الحكومة المصرية نظام الكوتة بهدف توسيع وضع المرأة المتدني فى البرلمان، إذ لا تتجاوز مشاركة المرأة المصرية اقل النسب على مستوى برلمانات الدول العربية و الإسلامية. وبينما تصل نسبة تمثيلها في برلمان تونس الى 22.8% وباكستان 21 % و السودان 35% وسوريا 8%، إلا أن نسبة تمثيلها في البرلمان المصري لم تتخط حاجز الـ 2%، بواقع 9 مقاعد في الدورة البرلمانية المنقضية.

أغلبية ذكوريةتهيمنعلىأعضاء مجلس الشعب المصري

ويطبق بعض الدول العربية مثل سوريا والعراق والكويت نظام الكوتة وان كانت بنسب مختلفة. ويأتي العراق على رأس الدول التي تخصص اكبر عدد من المقاعد للمرأة بنسبة 25%، وتضاعفت نسبة الكوتة في الأردن لتصل الى 12 %، ومن المقرر أن ترتفع النسبة في مصر وفقا للتعديل الجديد إلى 12% بعد إضافة 64 مقعدا للنساء في مجلس الشعب.

تغيير فعلي وعميق

وبينما يبدو نظام الكوتة قد فتح شهية المرأة المصرية للمشاركة فى الحياة السياسية بعد ترشح أكثر من ألف امرأة لانتخابات مجلس الشعب - وفقا للتقديرات الأولية - مقارنة بانتخابات عام 2000 التي ترشحت فيها 121 امرأة، وانتخابات 2005 التي شهدت 127 مرشحة، إلا أن إمكانية تحقيق تغيير فعلي وعميق فى المجتمع من حيث قيم الديمقراطية والارتقاء بالمشاركة السياسية ونشرها في المجتمع، بات سابقاً لأوانه.

فالمستشارة تهاني الجبالي نائبة رئيس مجلس الدولة قالت فى ندوة عقدتها غرفة التجارة الأميركية ان الكوتة يمكن أن تجلب 64 امرأة في مجلس الشعب، غير ان هذا العدد ليس له قيمة، فمن الممكن ان يقتصر دورهن على التصفيق أو الصمت. وتساءلت الجبالي: quot;كيف يمكن أن يكون للمرأة دور في البرلمان دون رؤية في أمور مفصلية مثل الديمقراطية، والأزمات المجتمعية التي تهم الرجال والنساء؟quot;.

والإشكالية في وجود الكوتة او عدم وجودها تكمن في أن ترشح المرأة في المجتمعات المحافظة محفوف بعقبات وعوائق كثيرة، في ظل الرفض الاجتماعي لمشاركة المرأة في السياسة، ومشاكل التمويل، وما يشوب العملية الانتخابية من ترهيب وأعمال عنف ومزاعم تزوير.

وتواجه مرشحات الكوتة مشكلة كبيرة ألا وهي اتساع الدوائر الانتخابية، حيث خصص لكل محافظة مقعدان فقط عن الفئات والعمال باستثناء المحافظات الكبيرة، وهو ما يجعل quot;من الصعب جدا بل من المستحيل على المرشحة ان تغطي دائرتها كاملة quot;، على حد قول سهير عبد الظاهر مرشحة حزب التجمع في الإسكندرية لـ quot;إيلافquot;.

وليس ذلك فقط على حد قول سعاد عبد المجيد، وهي مرشحة عن الحزب الناصري المعارض في القاهرة، حيث قالت في تصريح خاص لـ quot;إيلافquot; إن بعض الناس يخشون ترشح المرأة في العملية الانتخابية quot;، وعلى الرغم من إقرارها بأنها لم تتعرض لمضايقات، إلا أنها لا تستبعد ذلك مع بدء الحملة الانتخابية رسميا.

قضايا سيئة السمعة

بيد ان رابطة المرأة العربية وهي منظمة اهتمّت على مدار العام الماضي بالعمل مع بعض المرشحات، في محاولة لتدريبهن على الحملة الانتخابية، رصدت اتهامات عديدة وجهت للمرشحات في وسائل الإعلام وصلت الى حد اتهامهن بإقامة علاقات خارج نطاق الزواج، ومواجهتهن بقضايا سيئة السمعة ليست بالضرورة جنسية، على حد قول ممثلة الرابطة لموقع quot;إيه أو إل quot; الإخباري.

وفيما يرى مؤيدو نظام الكوتة انه يتيح فرصة للمرأة لتثبت للمجتمع إمكانية ممارسة العمل السياسي، ولعب دور فاعل ومهما في التغيير، أعرب المعارضون عن رأي مناقض، إذ تتصور مرشحة الإخوان منال أبو الحسن التي رفضت خوض الانتخابات من خلال الكوتة، أن quot;الهدف من هذا النظام ليس تمكين المرأة، وإنما زيادة مقاعد الحزب الوطني الديمقراطي الحاكمquot;.

وقالت الحسن ان quot;هذا النظام ليس لتحسين دور المرأة في الحكومة، ولكن لتحسين صورة الحزب الحاكمquot;. وتتوقع ان يهيمن الحزب على مقاعد المرأة وأن تواصل الفائزات ما تعتبره سياساته الخاطئة، ما سيزيد من عدم مصداقيتهن.

ولا يعتقد المحللون أن يغير نظام الكوتة بالضرورة المجتمع المصري، نظرا لأنه لم يعالج المشكلة الحقيقية، ألا وهي الثقافة السائدة في الشرق الأوسط، والتي لا تدعم مشاركة المرأة النشطة، ولا تدعم دورها القيادي في المناصب العليا، ولعل ذلك هو السبب الحقيقي وراء تراجع التصويت لصالح المرأة في العالم العربي، حتى عندما تكون هناك انتخابات حرة ونزيهة، بحسب شادي حامد مدير معهد بروكينغز مركز الدوحة لموقع quot; أية أو إلquot; الإخباري.