إنتقد البرادعي النظام المصريوأعرب عن إعتقادهبأن جمال مبارك لا يصلح لرئاسة مصر.

القاهرة: انتقد المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية المرشح المحتمل للانتخابات الرئاسية المصرية المقررة العام القادم، محمد البرادعي، النظام المصري، واتهمه بإفقار المصريين وسلبهم حريتهم، وتحويل مصر إلى دولة بوليسية عبر قانون الطوارئ الجاثم فوق صدور المصريين منذ أكثر من 30 عاما. واعرب البرادعي عن اعتقاده في تصريحات غير مسبوقة، أن النظام المصري جعل من المصريين يفقدون الأمل في مستقبل مشرق لهم ولأبنائهم ويتحولون إلي الدين كوسيلة لتأكيد هويتهم.

وقال البرادعي لمجلة quot;باري ماتشquot; الفرنسية quot; إنه غاضب لأن مصر أصبحت مختلفة تمامًا حيث كانت دولة حديثة متعددة الأعراق وقائدة للعالم العربي، مضيفًا كانت لي مربية فرنسية وكنت أشتري الألعاب من تاجر يهودي، كان هناك أرمن وأتراك وإيطاليون، وكان الإسلام يعني العدالة الاجتماعية والتسامح والتضامنquot;. وأضاف quot; ولكن كل شيء تغير فقد غزا الدين كل شيء، ولكن فقط في الشكل، فكل ما أصبح يهم هو الطريقة التي نلبس بها ونمشي بها ونقف بها لكن مصر أصبحت أكثر تحفظًا لأن المصريين فقدوا الأمل وتحولوا إلى الدين كوسيلة لتأكيد هويتهمquot;.

وأوضح quot;أنه كان يخطط بالفعل للتدريس في الجامعات، ولكن العديد من المفكرين دعوه للعودة إلى مصر لمساعدتهم، وأنه كان من الصعب عليه عدم تلبية ندائهم، فهم جذوره وعائلته وأصدقاؤه، ووصف شعوره عند عودته إلى القاهرة ورؤيته لآلاف من المصريين في انتظاره يهتفون quot;البرادعي رئيسناquot; بأنه أدرك آنذاك معاناة هؤلاء الناس الذين أتو من أوساط مختلفة ولا يتفقون فيما بينهم على أي شيء سوى أن مصر في طريقها إلى التفكك وأنه أدرك أنه يتعين عليه فعل كل شيء لمساعدتهمquot;.

ونقلت صحيفة quot;الدستورquot; المصرية المستقلة عن quot;رئيس الجمعية الوطنية للتغييرquot;، قوله quot; إن الخطوة الأولى لتحقيق الديمقراطية هي إجراء انتخابات رئاسية حرة العام القادم تحت إشراف دولي، لذا يلزم تعديل الدستور الذي يحظر على العديد من المرشحين التقدم للانتخابات، كما أن الخمسة ملايين مصري الذين يعيشون في الخارج يجب أيضًا أن يكونوا قادرين علي التصويتquot;.

وأكد البرادعي أن الكثير من الناس شجعوه علي ترشيح نفسه، لكنه أكد أنه لن يرشح نفسه إذا لم يتم تغيير الدستور، قائلاً quot; يجب أن أشعر بدعم الشعب، أريد أن أكون أداة للتغيير وللسلام، فإذا كنت أستطيع القيام بذلك، وإذا تم استيفاء الشروط القانونية فسوف أشارك في الانتخابات quot;. وحول تضاؤل فرص نجاحه، قال البرادعي quot;إنه عمل شاق جدًا ولكن كل طريق يبدأ بخطوة أولى، وأنا أقوم بالفعل هنا بهذه الخطوة الأولى فأنا لا أتوهم وأعرف فعلاً أنه سيكون عملاً صعبًا، إلا أن الرغبة في التغيير باتت تزداد أهمية اليوم، ولذا يحاول النظام تشبيهي بأنني أسوأ من الشيطان ويتعاملون معي باعتباري عميلاً لإيران أو الولايات المتحدةquot;.

ونفى خوفه من السجن قائلاً quot; إن مصدر حمايتي هو وجودي ورؤيتي على الساحة الدولية، والنظام يقف في موقف صعب، فهو يعرف أنه لا يمكنه الذهاب إلى أبعد من القيام بحملة تضليل ضدي، ولكن كلما شهَّر النظام بي زادت شعبيتيquot;. وأضاف quot; لقد صرح الرئيس مبارك بأنه لن يستقيل حتى النفس الأخير، وآمل أنه قال ذلك كعمل وطني، وليس لأنه يعتقد ذلك فعلاً لأنه بعد بلوغ سن معينة لا يمكن للمرء إدارة دولة، وحول ما يقال عن احتمال تولي جمال مبارك الرئاسة بعد والده، قال quot;جمال هو الأمين العام المساعد لحزب الأغلبية وسيتبنى نفس سياسة والده التي أدت بنا إلي هذا الفشلquot;.

وعن حواره مع الإخوان الذي وصفته المجلة بأنه فاجأ الغرب، قال البرادعيquot; الإخوان هم القوة السياسية الأولى في مصر، وعلى الرغم من القيود المفروضة حولهم، فإنهم يمثلون 20% من البرلمان، كما أنهم يقومون بالكثير من الأشياء من أجل الفقراء، وفي المساجد يقومون بعلاجهم وتعليمهمquot;. واضاف quot; قلت لهم يمكنكم ممارسة دينكم وليس ماتريدون وارتداء النقاب، ولكن يتعين عليكم احترام حق الآخرين في العيش بشكل مختلفquot;.

وأوضح البرادعي في الحوار أن الاستقرار لن يأتي من قبل نظام لا يسانده شعبه قائلاً quot; إن الدفاع عن مبارك بحجة أنه حصن ضد الإسلاميين هي سياسة ذات مدي قصير ومضى يقول: الأثرياء يزدادون ثراء والفقراء يزدادون فقرًا، فهناك ستة أو سبعة مصريين في قائمة مجلة quot;فوربسquot; لأغني 500 رجل في العالم، في حين أن متوسط الراتب السنوي في مصر هو 2000 دولار هذه الفجوة أصبحت غير محتملة، إضافة إلى أن الناس لديهم انطباع بأن هذا المال تم اكتسابه بوسائل غير قانونية من خلال شبكات وأساليب تحايل علي القانون.

وتابع quot;المصريون لم يعرفوا الديمقراطية منذ 58 عامًا، فهم يخضعون لقانون الطوارئ منذ 30 عامًا، وبلدهم أشبه بدولة بوليسية ومن ثم فإن أولويات الناس العاديين في الشوارع هي الحصول على الطعام والكساء والمأوي ومدرسة لأطفالهم والرعاية لزوجاتهم وهم لا يدركون علاقة ذلك بالديمقراطية، مؤكدًا ما أريد إقناعهم به، أن حالتهم لن تتحسن إلا إذا أصبحوا أصحاب مصيرهمquot;. وقال: quot;إن ذلك يعتمد على ما سوف أنجح في القيام به وعلى رد فعل الناس ولكن ما أنا على يقين منه هو أن التغيير سوف يأتي حتى لو استغرق ذلك عامًا أو اثنين أو خمسة فأنا أزرع بذور التغيير أما الطريقة التي سوف تطرح بها، فأنا أجهلهاquot;.

من جانبها، وصفت المجلة الفرنسية، البرادعي، بـ quot;المقاتل من أجل الديمقراطيةquot; الذي سبق وعارض إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش حول قضايا العراق وإيران ثم راح ليبدأ صراعًا جديدًا في حياته، ألا وهو وضع حد لعهد الرئيس حسني مبارك، على حد قولها. واعتبرت المجلة ان دخول البرادعي المفاجئ إلى الملعب السياسي المصري قلب موازين وخطط النظام، الذي كان ينوي تمرير الرئاسة في هدوء إلي نجله جمال مبارك.

في غضون ذلك، وفي أول رد فعل له على خطاب الرئيس مبارك الذي القاه الخميس بمناسبة quot;عيد العمالquot; وأكد فيه عدم تعديل الدستور، قال البرادعي quot;إن التغيير قادم لا محالةquot;. وبث رسالته القصيرة عبر موقع quot;تويترquot; على صفحته الشخصية، مشيرا إلى أن quot;توقيت التغيير، ومداه مرهون بإرادة شعبية قوية وواضحة ممثلة في التوقيعات، مصيرنا بيدناquot;. وكان مبارك قد ألمح في خطابه الى انه quot;لا مجال في هذه المرحلة الدقيقة، لمن يختلط عليه الفارق الشاسع بين التغيير والفوضى وبين التحرك المدروس والهرولة غير محسوبة العواقب، أو لمن يتجاهل ما اعتمده الشعب من تعديلات دستورية منذ عام 2005، وما يتعين أن يتوافر للدساتير من ثبات ورسوخ واستقرارquot;.