يفتقد الكثير من الشباب المعارض في مصر إلى الاستراتيجية اللازمة للضغط على النظام الحاكم لتلبية مطالبهم، ويعود ذلك إلى عدم النضج السياسي في الآلية عند محاولة التعبير من خلال الاحتجاجات.

حول الآلية التي يرتكز عليها المتظاهرون الشباب في مصر عند محاولة التعبير عن مشاعر غضبهم في ما يقومون به من احتجاجات، تعد صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية تقريرًا مطوّلاً تحت عنوان quot;مصر: عدم النضج السياسي يعيق النشطاء الشبابquot;، وفيه تؤكد على أن كثيرًا من المحتجّين المصريين الشبان المناهضين للحكومة، وإن بدوا متحمسين، إلا أنهم يفتقدون على ما يبدو إلى الإستراتيجية، والتكتيكات، والتصميم اللازم للضغط على الدولة كي تلبي لهم مطالبهم، التي من بينها تعديل الدستور وإنهاء العمل بقانون الطوارئ المعمول به منذ 29 عامًا.

وفي البداية، تضرب الصحيفة المثل بتلك التظاهرة التي تجمع بها أكثر من 300 متظاهر في الثاني من شهر أيار/ مايو الجاري، أمام مكتب مجلس الوزراء في القاهرة، للمطالبة برفع الأجور. لكن، وبعيدًا من أعضاء النقابات العمالية الداعمين للعمال، تلفت الصحيفة إلى أن عددًا كبيرًا من المحتجين احتشدوا للقيام بنشاطات اجتماعية لا للتظاهر. ولم تستبعد الصحيفة أن يكون بعضهم قد تحدث عن خططهم لتناول وجبة العشاء !

ثم تشير الصحيفة إلى حالة الإحباط التي هيمنت بعدها بيوم واحد فقط على المتظاهرين، عندما لم يَفِ سوى 15 من بين 92 نائبًا مستقلين ومعارضين في مجلس الشعب بوعودهم للانضمام إلى مسيرة كان من المقرر إقامتها بين ميدان التحرير والبرلمان المصري. وتلفت في هذا الجانب إلى أن المحتجين كانوا يأملون في أن يمدهم العشرات من النواب بقدر كافٍ من الغطاء السياسي لإبعاد قوات الأمن عنهم. بيد أن الشرطة قامت بتفريق المسيرة وهاجمت النشطاء الذين حاولوا اختراق الحواجز.

إلى هنا، تمضي الصحيفة الأميركية لتؤكد على أن عدم وجود تنظيم وخبرات فيما بين حركات المعارضة الشابة قد أدى إلى إثارة تساؤلات حول حقيقة قدرتها على ممارسة ضغوط على الحكومة، من أجل تحقيق إصلاحات وقدر أكبر من الحريات.

وفي هذا السياق، تواصل الصحيفة الحديث بنقلها عن عماد جاد، المحلل السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، قوله: quot;سيكون من الصعب للغاية تحقيق إصلاحات ديمقراطية أو الإطاحة بالنظام الحالي من خلال تظاهرات مثل هذهquot;.

ثم تبرز لوس أنجلوس تايمز حقيقة الدور البارز الذي لعبته حركة شباب ( 6 أبريل ) في إظهار الناشطين الشباب على مدى العامين الماضيين. ومع ذلك، يشير أحمد ماهر، مؤسس الحركة وزعيمها الحالي، إلى أن الحركة ما زال أمامها طريق طويل قبل أن تتمكن من استدعاء ما يكفي من المؤيدين للعمل بصورة جادة في سبيل إضعاف حكومة تخضع للحماية من قِبل دولة بوليسية.
وفي حديث له مع الصحيفة، قال ماهر: quot;نحاول رفع درجة الوعي السياسي بين قطاعات متعدّدة في المجتمع المصري، لكن بعد 60 عامًا من الركود السياسي، لا يمكن أن تتحقق تلك العملية بسهولة. نحن لا نسعى فقط لتحقيق تقدم ديمقراطي قبل الانتخابات الرئاسية المزمع إجرائها في العام 2011، بل إننا نعمل الآن أيضًا وأعيننا على انتخابات العام 2016quot;.

وتختم الصحيفة بلفتها إلى تزايد الاهتمام بالسياسة والأمل في التغيير السياسي بين الملايين من المصريين، لدى عودة الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، إلى القاهرة، خلال شهر شباط / فبراير الماضي، عندما أشار إلى أنه قد يخوض غمار انتخابات الرئاسة العام 2011 أمام الرئيس مبارك، وإن كانت تلك الاحتمالية غير واردة في الوقت الراهن، خصوصًا أنّ الدستور المصري يجعل من المستحيل تقريبًا على أي مرشح مستقل أن يترشح.

ويعاود جاد في النهاية ليقول: quot;لا تزال المعارضة المصرية غير ناضجة بما فيه الكفاية، ويصعب على مئات قليلة من المتظاهرين يجتمعون مرة كل أسبوعين أن يضغطوا على حكم الرئيس مبارك القويquot;.