يعاني العراقيون في الأعياد موجة غلاء تطال المواد الإستهلاكية الغذائية منها والكمالية، ومع حلول عيد الأضحى، يطرح العديد من المواطنين التساؤلات حول أسباب هذا الغلاء.


تعود العراقيون قبل أسبوع من كل عيد أو مناسبة دينية أو إجتماعية على موجة أسعار غير طبيعية في المواد الإستهلاكية لاسيما الغذائية والكمالية منها. ويمثل عيدا الأضحى والفطر فرصة سانحة للكثير من التجار لتحقيق مبيعات سريعة وكسب أرباح تفوق أضعاف ما اعتادوا على جنيه في الأيام العادية.

وفي الوقت الذي يحتج فيه كثيرون على تجار يقودون عجلة الاستهلاك نحو الهاوية، فإن المواطن يجد نفسه مضطرا للتعامل مع هؤلاء. ويبلغ هوس التجار أشده حين يتحلق حولهم الزبائن. لم تنجح أم حميد إلى الآن في الحصول على سعر مناسب لتحضير معجنات quot;الكليجةquot; الشعبية التي تعودت على صنعها كل عام، وسبب ذلك غلاء أسعار الأفران والمواد الأولية بحسب ما قالت لـquot;إيلافquot;.

مستويات الأسعار

تشهد الأسواق هذا العام رواجاً كبيراً بسبب الإستقرار الأمني مقارنة بالسنوات السابقة، ومن المتوقع أن تصل مستويات الأسعار إلى ذروتها في الأيام المقبلة.

كما تصبح الأسعار ضرباً من الخيال سببه غلاء قبل العيد وسط حشد المتبضعين الذين غصت بهم الأسواق على الرغم من التفاوت في القدرات المادية بين الغني والفقير. لكن الظاهرة اللافتة تحول أرصفة الشوارع في المدن المختلفة إلى أكشاك ومحلات بيع ليتحول المواطن العراقي بائعاً ومشترياً إلى مستهلك، وليس منتجاً ما يؤشر إلى ظاهرة سلبية في الإقتصاد العراقي.

أمثلة من الواقع

ترى أم عدنان أن quot;تجار المواد الغذائية والملابس يعدون المناسبات فرصة سانحة لتحقيق أرباح سريعةquot;. لكن التاجر محمد سعيد يرى أن سبب ارتفاع الأسعار هو أن البضائع مستوردة من الخارج، وأن انسيابية تدفقها في أيام المناسبات تتعطل وتتعثر. ويضيف وصلت quot;بدلةquot; الطفل إلى ثلاثين ألف دينار.

وحول هذه الأسعار تقول حليمة اللامي quot;لا نعرف كيف نوفق لشراء ملابس لأطفالنا لان دخلنا محدود فهو راتب رعاية اجتماعيةquot;.

الحيتان الكبار

يرى التاجر حسين طاهر أن الناس quot;تتهمنا بأننا المسؤولون عن ارتفاع الأسعار متناسين بأننا نستورد هذه البضاعة من الدول الأجنبية والعربية كسوريا ولبنان والأردن وتركيا وفرنسا والصين ونأتي بالرخيص والغالي وكل حسب قدرته الماليةquot;. أضاف quot;على عكس ما يشاع، نحن نعمل quot;تنزيلاتquot; على بضائعنا قبل الأعياد، وحين يأتي أحدهم للتبضع خلال العيد ينتابه إحساس ارتفاع quot;بارومترquot; الأسعارquot;.

يشاطره تاجر الأحذية محسن زيارة الرأي فيقول quot;بضاعتنا تتكدس لمدة أشهر ولكن عندما تأتي الأعياد نستغل هذه الفرصة ونبيع بأعلى الأسعار حتى نستخرج quot;فرق الكسادquot;. يضيف quot;إيجارات محلاتنا باهظة، أضف إلى ذلك فرق العمولة وكلف العمالquot;.

أما البائع علي شعلان فيعتبر أن غلاء الأسعار سببه quot;التجار المستوردونquot;، مؤكداً أن quot;أرباحنا قليلة مقارنة بالحيتان الكبار التي تسيطر على السوقquot;.

غير أن رباب وهي معلمة في مدرسة ابتدائية ولها ثلاثة أطفال، ترى أن لا سبب يرفع أسعار البضائع المستوردة، لأنها نتاج غش صناعي. وتضيف quot;التجار يستوردون أسوأ الأنواع ، فالملابس على سبيل المثال ذات نوعية رديئة جدا وتندثر بمجرد لبسها مرة واحدة، وبعد غسلها تبهت ألوانها، لكن ليس لدينا خيار آخر في هذا الوقتquot;.

الحل الافضل

في مثل هذه الأحوال ترى أحلام عبد الزهرة (أم لخمسة أطفال) quot;هناك محلات تبيع بضاعتها بالتقسيط المريح وبأسعار ممتازة وهذه تساعد العائلات ذات الدخل المحدود في تلبية احتياجات العيدquot;. تضيف quot;أسدد في بداية كل شهر قسطاً معيناً وهذه الطريقة في الدفع تسهل علينا تحمل الأعباء الماليةquot;. وتنصح أحلام بتعميم التجربة في مختلف مدن العراق.

الأضاحي

بعيدا عن أسواق الملابس، تنال بورصة الماشية حصتها من الغلاء أيام الأعياد. ويقول سيد محمد وهو جزار إن سعر quot;الطليquot; متوسط الحجم يُقدر بنحو 175 ألف دينار بسبب الحاجة اليه في الأضحية وquot;العقيقةquot;. ويضيف وصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى 17 ألف دينار عراقي، كما ارتفعت أسعار لحم العجل الحي، واقتربت أسعار العجول التي يزيد عمرها على سنتين quot;شرط الأضحيةquot; إلى 700 ألف دينار عراقي.

المتقاعد جاسم عودة صاحب هواية التجول في الاسواق ، يعرف الكثير من هبوط الأسعار وصعودها، ويقول إن تجار الجملة يعمدون إلى رفع الأسعار مع حلول المناسبات والمواسم الشرائية تحت غطاء ارتفاع بدلات الإيجار وأجور النقل والماء والكهرباء وغيرها من متطلبات الحياة الصعبة.

ألعاب الأطفال

لأن العيد موسم ترفيهي للأطفال ينعكس التضخم في الأسعار على الألعاب. ويتحدث طه عيسى المشرف على مدينة ألعاب في بابل (وسط العراق) عن ارتفاع ملحوظ في أسعار ألعاب الأطفال. وهو يشير إلى السعي لجعل quot;المكان واسعاً كما تم استيراد ألعاب حديثة وزدنا أعداد الموظفين وقمنا بتحسين الخدمات، وكلها أسباب ترفع التكاليف التي يتحمل المواطن قسطا منها.

ولا تشكل ظاهرة ارتفاع الأسعار الهم الأول للفرد العراقي، بقدر الهاجس الأمني وانقطاع الكهرباء وتوفر الوقود، ورغم أن الأسعار ارتفعت بشكل صاروخي فإن هذا لا يهم بحسب كثير من العراقيين قدر أن تكون quot; الحاجة quot;متوفرة، وأن تصاحب فرحة العيد أجواء أمن وخدمات أساسية.