اختلفت مظاهر استعداد المسلمين لعيد الاضحى في اوروبا هذا العام عن نظرائهم في الدول العربية والاسلامية، إذ احتل النصيب الاكبر في الخلاف بين المهاجرين وسكان البلد الاصليين عملية ذبح خراف العيد، مما اعتبره البعض اختباراً جديداً لاعادة اكتشاف العلاقة بين المهاجرين والبلاد الاوروبية.

برلين وكالات:


برلين: بدأ المسلمون في المانيا يتهيئون لاستقبال عيد الأضحي المبارك، وتجلت صور هذا الاستعداد في أماكن تجمعات العرب والمسلمين، وفي المساجد والمتاجر الإسلامية التي تنتشر في أغلب المدن الألمانية.

في ميونيخ علي سبيل المثال تتركز انشطة الجالية العربية والإسلامية في منطقة وسط البلد، وبخاصة في شارع quot;جوته شتراسهquot;، الذي يمتلئ بالكثير من المتاجر العربية والإسلامية، وقبل ساعات قليلة من حلول أول ايام عيد الأضحي المبارك، سارع المسلمون بشكل كبير بالتوجه لتلك المتاجر من أجل الشراء وتهيئة المنازل بالأطعمة والديكورات، في محاولة لمحاكاة أيام العيد في بلدانهم الأصلية.

وفي محاولة لاستكشاف اجواء عيد الاضحى بالمانيا، قامت quot;إيلافquot; بجولة وسط الجالية المسلمة التي تعيش في ميونيخ، إذ يقولquot; ناجي quot; أحد المهاجرين العرب في ميونيخ: quot;إن المساجد وتأدية الصلاة فيها هي أحد أهم مظاهر الإحتفال بهذا اليوم المبارك، غير أن بهجة الاحتفال تظل ناقصة، لأن أيام العيد هي أيام عمل عادية في المانيا، لذلك بعد الصلاة يتوجب عليّ الإسراع الي العملquot;.

ومن المعروف أن عيد الاضحي هو يوم عمل في المانيا، لذلك لايستطيع المسلمون التغيب عن أعمالهم في ذلك اليوم،غير أنهم يستطيعون الحصول علي عطلة من رصيد أجازاتهم بالطبع، كذلك لايستطيع التلاميذ التغيب عن المدارس وإن كان من الممكن ان يحصلوا علي بعض التسهيلات من بعض المدارس لقضاء أول أيام العيد مع أسرهم.

ويقول quot;عبد الرحمنquot; من المغرب إن الإحتفال بالعيد في بلاد المهجر هو جد صعب، بسبب بعض حالات التضييق علي المسلمين في الفترة الأخيرة، مما ترتب عليه تراخي روح التكافل والتعاضد بين العرب والمسلمين المهاجرين في المانيا، ولعل السبب في ذلك ايضا يعود الى التوجس والخيفة من ممارسة الأنشطة الدينية منعا للريبة والشكquot;.

أضحية العيد

يحاول المسلمون ذبح الأضاحي في العيد لكن مشكلة دائما تبقي تؤرقهم في الحصول علي إذن الذبح ـ خاصة وأن المسلمين لا تتوفر لديهم مذابح خاصة بهم، ولكن قد يتوافر لهم حلا علي غرار ما يحدث في الدول العربية، إذ يقوم أكثر من فرد بالإشتراك في ثمن الأضحية طبقا لما تحدده المساجد هنا أو يمكنهم دفع الثمن الي أحد المساجد التي تقوم بهذا العمل، ومن ثم نقل الأضاحي المذبوحة الي المسلمين الفقراء حول العالم.

وفي هذا الإطار تبقي هناك دائما مشكلة مع السلطات الألمانية التي تعترض علي ذبح الأضاحي دون تخدير، بعض المسلمين من القدماء ومن المتمرسين في المدينة يقومون بالذهاب الي مزارع الأغنام في الريف البافاري ويقومون هم أنفسهم بالذبح.

من مظاهر هذا الأحتفال ايضا أن يتوجه عمداء المدن التي تقطنها جاليات إسلامية كبيرة بتهنئة المسلمين بالعيد وإقامة حفلات صغيرة لمشاركة المسلمين في إحتفالهم.

يحاول المسلمون خاصة الذين لديهم أطفال ان يحتفلوا، بخصوصية هذا اليوم فيقومون بإعداد الطعام والحلويات وشراء الهدايا للصغار. وفي هذا الصدد تقول ربة منزل مصرية، انها تعمل بشكل كبير علي غرس خصوصية العيد لدي أطفالها، الذين يذهبون الي المدارس الألمانية، وفي ظل غياب الثقافة العربية في تلك البلاد تقول إنها تصنع كل شئ يذكر بعيد الأضحي كالحلويات والطعام ودعوة العائلات الصديقة للزيارة.

المسلمون الذين يعيشون في المانيا يترواح عددهم ما بين ثلاثة الي اربعة ملايين مسلم تشارك أغلبيتهم بشكل فعال فى المجتمع، وهم يحترمون القانون ويدفعون الضرائب ويقومون بالتزامتهم تجاه الدولة بشكل كامل، وتعتبر الجالية التركية هي الأكثر من بين كل الجاليات المسلمة التي تعيش في المانيا.

الذبح السري

اذا كان ذلك هو الحال في المانيا، فلا يختلف الوضع عنه كثيراً في فرنسا، فإلى جانب استعداد المهاجرين العرب والمسلمين للاحتفال بعيد الاضحى، تعتبر قيادات في الجالية العربية بباريس ان ذبح الاضاحي هذا العام، يعد اختباراً حقيقياً لعلاقة الفرنسيين بالعرب والمسلمين على وجه الخصوص، إذ حرص المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية هذا العام على التأكيد على واجب مسلمي فرنسا من أجل تجاوز بعض الممارسات السلبية بخصوص عملية ذبح الأضاحي التي كثيرا ما أضرت بصورة المسلمين.

في مقابل ذلك قامت العديد من جمعيات الدفاع عن الحيوان في فرنسا، وعلى رأسها مؤسسة quot;بريجيت باردوquot; والتي تعرف بدفاعها المستميت عن حقوق الحيوان، بشن حملة طوال السنوات الأخيرة ضد مسلمي فرنسا، معتبرة أنهم يقومون بعملية quot;مجازر بربريةquot; ضد الخراف بشكل مخالف لمواثيق quot;احترام كينونة الحيوانquot;.

وأدانت هذه المنظمات بالخصوص عمليات الذبح في المسالخ غير القانونية في بعض المزارع، كما أدانت ما يسمى بـ quot;الذبح السريquot; في حمامات المنازل بعيدا عن أعين الرقابة الإدارية والبلدية.

وأصدرت quot;بريجيت بوردوquot; بهذا الخصوص كتابا عنوانه: quot;صرخة تكسر الصمتquot; أعادت فيه اتهاماتها ضد المسلمين بكونهم quot;برابرةquot; في تعاملهم مع الحيوانات؛ مما دفع العديد من المنظمات الحقوقية للجوء للقضاء من أجل إدانتها على هذا التشهير.

من جهته، أصدر quot;عزوز بقاقquot; الوزير الفرنسي السابق من أصل عربي في وقت سابق كتابا بعنوان: quot;الخراف في الحمامquot; انتقد فيه الصورة المشوهة للعرب بفرنسا، والتي عرفوا بها عن طريق ذبح خراف أعيادهم في حمامات البيوت.

وقال محمد موساوي: quot;أمام مثل هذه الحملات نحن في الحقيقة في امتحان من أجل تحسين صورة مسلمي فرنسا في هذا العيد، وعلينا أن نبين لهم أننا بقدر تشبثنا بأعيادنا وبتقاليدنا فنحن نحترم نظام هذه البلاد، كما نحترم حقوق الحيوان، ونحترم بيئتناquot;.

وكشف موساوي أن عمليات الذبح في المسالخ غير القانونية تبقى موجودة، ولكن عددها انخفض مقارنة بالسنوات الماضية إلى حد كبيرquot;.

وأوضح قائلا: إن quot;عيد السنة الماضية شهد ذبح ما يقارب من 132 ألف و400 أضحية في كامل التراب الفرنسي في المذابح القانونية المرخصة والتي تخضع للمراقبة الصحية والبلدية، في حين لم يتجاوز عدد الأضاحي التي وقع ذبحها في الأماكن غير المخصصة للذبح الـ1399 أضحيةquot;.