بين مد وجز تراوح المصالحة الفلسطينية مكانها في ظل استمرار الحالة الراهنة والمطالبات ذاتها، في حين يبقى الانقسام السياسي قائما بين الضفة الغربية وقطاع غزة، في وقت تواصل فيه السلطات الإسرائيلية تقسيم الأراضي الفلسطينية والتوسع الاستيطاني اللا محدود.


رام الله: في هذا الإطار تواصل الشخصيات الفلسطينية المستقلة مساعيها الرامية إلى تحقيق مصالحة وطنية بين حركتي فتح وحماس، لإنهاء الوضع القائم ومحاولة زيادة التماسك والوحدة بين الفلسطينيين، للتفرغ للتحديات الراهنة.

المصالحة الفلسطينية تبحث عن انفراجة

وبهذا الخصوص قال خليل عساف، منسق تجمع الشخصيات المستقلة في الضفة الغربية في حديث quot;لإيلافquot;، إن حركة حماس مطالبة الآن بالتوقيع على الوثيقة المصرية لإنهاء الانقسام السياسي الحاصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأكد أن الوثيقة المصرية هي quot;وثيقة صيغت بأيد مصرية وكانت عبارة عن توافقات فلسطينية، وعمل المصريون من خلالها على تقديم ما يمكن تقديمه لكل جهة سعيا لتقريب وجهات النظر ورأب الصدع الفلسطينيquot;.

وبين عساف أن الشخصيات المستقلة كانت عنصرا فاعلا في حوار القاهرة حيث ترأست لجنة المصالحة وعملت على وضع تصورات مسبقة والحلول المناسبة بناء على توجهات حركتي فتح وحماس ومن خلال الواقع المعاش في ظل ما تقوم به إسرائيل على الأرض.

وأكد أنه تم من خلال هذه التصورات التي وضعتها لجنة المصالحة التوافق على ما طرحته الشخصيات المستقلة في ما يتعلق بتعويضات المتضررين جراء الانقسام السياسي.

وانتقد منسق تجمع الشخصيات المستقلة في الضفة الغربية، المسميات التي تطلق هنا أو هناك في ما يتعلق بالحسم العسكري أو الانقسام السياسي، مؤكدا أن ما حصل في الأراضي الفلسطينية هو مصيبة كبيرة ألمت بالشعب بكافة فئاته، منوها بأن الوضع الراهن يعد حالة شاذة في ظل الاحتلال المتواصل.

التوجهات المستقلة

وعن دور الشخصيات المستقلة وتوجهاتها، قال عساف: quot;الشخصيات المستقلة ليست بديلة عن أحد ولا تقوم بدور أحد ولكن الواجب الوطني والظروف الراهنة يحتم عليها التحركquot;.

وأضاف: quot;إن الشخصيات المستقلة تعمل وفق ما يمليه عليها ضميرها والواجب الوطني للتخلص من الانقسام السياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة من خلال تقريب وجهات النظر ورأب الصدع بين حركتي فتح وحماسquot;.

وقال: quot;عملت الشخصيات المستقلة في الضفة والقطاع على عقد العديد من اللقاءات التي جمعت بين مختلف الأحزاب والفصائل الفلسطينية بمشاركة فتح وحماس لمناقشة الأوضاع الداخلية والظروف التي لحقت بالقضية الفلسطينية جراء الانقسام الحاصلquot;.

وأكد عساف أن الشخصيات المستقلة نجحت بفتح معبر رفح للحالات الإنسانية وساهمت بحل مشكلة الكهرباء في قطاع غزة وذلك بالتنسيق مع المصريين وعملت على إطلاق سراح عدد كبير من المعتقلين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأوضح ان الشخصيات المستقلة تعمل طوال الوقت دون كلل أو ملل وتواصل عملها رغم المعيقات والتضييقات في الضفة والقطاع للتخفيف عن الشعب الفلسطيني.

وقال: quot;لا نسمح ولا نرضى بلغة الدماء لأن آثار ذلك تنطوي على دمار كبير للشعب الفلسطيني في ظل الخطر الإسرائيلي القائم والمتواصل، منوها بأن تحقيق المصالحة يعتبر نجاحا للكل الفلسطيني.

وعن معوقات التوصل إلى اتفاق المصالحة بيّن عساف أن المصالح الحزبية عند طرفي النزاع يعيق التوصل إلى اتفاق شامل ينهي الحالة الراهنة في ظل تعنت حماس بعدم التوقيع على الوثيقة المصرية وحدوث تجاوزات تتمثل بالاعتقال السياسي والفصل التعسفي في الضفة والقطاع.

وأشار إلى أن حركتي فتح وحماس كانتا قد اتفقتا قبل نحو شهر خلال الاجتماع الثنائي الذي جرى في دمشق على ثلاث نقاط خلافية، تتعلق بلجنة الانتخابات ومحكمة الانتخابات واللجنة العليا لإدارة الوضع بعد الاتفاق، فيما بقيت النقطة الرابعة خلافية والتي تتعلق بالأجهزة الأمنية.

وقال عساف: quot;حماس تطالب بدمج كافة الأجهزة الأمنية بين الضفة والقطاع وأن تكون شريكا أساسيا في الملف الأمني، وتطالب بوقف التنسيق مع الجانب الإسرائيلي، لافتا إلى أن الشخصيات الفلسطينية لم تشارك في هذه الاجتماعات الثنائيةquot;.

وأوضح أن الشخصيات المستقلة أصدرت بيانا اتهمت فيه حركتي فتح وحماس بالسعي إلى إدامة الانقسام من خلال هذه الاجتماعات الثنائية التي ربما إذا لم تسفر عن نتائج إيجابية، فإنها تعمل على تأجيج الواقع عبر تراشق الاتهامات في ظل غياب طرف ثالث يراقب ويرصد ماذا يحدث ويؤكد من يتحمل مسؤولية عدم التوصل إلى اتفاق أو يعطل الوصول إليه؟.

وقال نحن كشخصيات مستقلة أو تنظيمات فلسطينية شركاء مع فتح وحماس ولسنا وسطاء بينهم وعلى الكل تحمل المسؤولية والتعاطي بجدية مع موضوع المصالحة وإيلائه أهمية كبرى في هذه المرحلة لأن البقاء على الأرض الفلسطينية أصبح في مهب الريح.

ودعا الفصائل الفلسطينية إلى المسارعة في عقد لقاءات شاملة تضم الجميع بعيدا عن اللقاءات الثنائية لمناقشة الواقع الراهن، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة أن يكون اللقاء القادم المنوي عقده بين فتح وحماس بمشاركة الفصائل الفلسطينية سعيا لتحقيق المصالحة أو لفضح من يعطل التوصل إلى هذا الاتفاق.

وبين أن العوامل التي ساعدت وعززت دور الشخصيات المستقلة في جهودها الرامية إلى تحقيق المصالحة تتمثل في الوضع العام الناجم عن الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية كتهويد القدس والتوسع الاستيطاني وحملات الاعتقال وبناء جدار الضم والتوسع واستهداف الكل الفلسطيني بغض النظر عن التوجه السياسي ومكان الإقامة في الضفة أو القطاع.

تعنت حماس

وأوضح عساف أن تعنت حركة حماس بعدم التوقيع على الوثيقة المصرية هو الذي يعيق الوصول إلى اتفاق مصالحة فلسطينية حتى الآن رغم أن حركة فتح وقعت على هذه الوثيقة وكان لها تحفظات عليها.

ودعا حركة حماس إلى الإسراع في التوقيع عليها لإنهاء الانقسام والتفرغ لمواجهة التحديات الراهنة، منوها بأن أية ملاحظات يمكن مناقشتها بعد التوصل إلى اتفاق ينهي الوضع القائم وهناك ضمانات من قبل القيادة المصرية.

وقال إذا كان هناك إرادة فلسطينية سنصل إلى مصالحة وطنية خلال عشر دقائق، مبينا أن الإرادة الحالية ليست فلسطينية والمصالح أيضا غير فلسطينية بل مصالح خارجية ينفذها فلسطينيون للأسفquot;.

وأشاد بتوجه الرئيس محمود عباس وجديته في التوصل إلى مصالحة فلسطينية حيث كان قد أصدر تعليماته لرئيس كتلة فتح البرلمانية عزام الأحمد بالتوقيع على الوثيقة المصرية دون مناقشتها ومراجعتها، كما أنه كان قد أوعز للشخصيات المستقلة في لقاء سابق معهم بالاتفاق مع حركة حماس على أي اتفاق ينهي الوضع القائم وقام بالتوقيع على ورقة بيضاء من أجل ذلك.

وشدد على ضرورة قيام مؤسسات المجتمع المدني والشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع بحملات ضاغطة على حركتي فتح وحماس للإسراع في إنهاء الانقسام السياسي في ظل ما تقوم به السلطات الإسرائيلية على الأرض.

اتصالات داخلية وخارجية

وضمن متابعات وجهود الشخصيات المستقلة أكد الدكتور ياسر الوادية رئيس تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة في تصريح quot;لإيلافquot; ضرورة إنهاء ملف الإنقسام الداخلي بأسرع وقت وذلك للتفرغ للمستجدات والتحديات التي تمر بها الأراضي الفلسطينية.

وقال إن معاناة المواطنين الفلسطينيين باتت لا تطاق جراء الإنقسام السياسي الحاصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة ونتيجة الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة.

ودعا الوادية الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى تشكيل ضغوط قوية من أجل التوصل إلى انجاز ملف المصالحة والابتعاد عن المصالح الحزبية والفردية.

وأوضح أن التاريخ الفلسطيني لن يرحم كل من يساهم في تعميق هذا الانقسام المؤسف الذي ألحق الضرر بالقضية الفلسطينية وصورة المواطن الفلسطيني أمام العالم.

وذكر أن تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة أجرى اتصالات بجميع الأطراف المحلية والعربية الشقيقة للعمل على تحقيق وحدة الشعب الفلسطيني ورفع العقبات التي تعطل المصالحة.

وأشاد رئيس تجمع الشخصيات المستقلة بالدور الكبير الذي تقوم به الشقيقة مصر، والمتمثل باحتضان جولات الحوار الفلسطيني التي أثمرت عن ورقة فلسطينية بامتياز برعاية مصرية، سميت بالوثيقة المصرية للمصالحة، مشددا على ضرورة قيام حركة حماس بالتوقيع عليها والمباشرة بتحقيق الوحدة الفلسطينية لمواجهة التحديات الراهنة.

وثمن الوادية جهود جامعة الدول العربية ممثلة بالأمين العام للجامعة وكذلك الدول العربية الشقيقة التي دعمت المصالحة الداخلية كالمملكة العربية السعودية واليمن وسوريا، مضيفا أن التجمع سيقوم في الفترة القريبة بعدة خطوات تتمثل بعقد لقاءات لأعضاء الحوار في الملف الأمني من شأنها أن تعمل على تحريك ملف المصالحة الفلسطينية.

وكان الوادية التقى مؤخرا منسقي لجان التجمع والمئات من أعضاء تجمع الشخصيات المستقلة من جميع محافظات قطاع غزة من علماء مسلمين وأكاديميين ورجال أعمال وإعلاميين ورجال إصلاح ومثقفين وممثلين من القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في مقر التجمع في مدينة غزة بمناسبة عيد الأضحى المبارك حيث تم خلال اللقاء التطرق إلى الظروف الراهنة في ظل الانقسام السياسي بين شقي الوطن وكذلك المعاناة التي يعاني منها المواطنون في الضفة والقطاع إثر تواصل الاعتداءات الإسرائيلية وتعثر المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.

يذكر أن الشخصيات المستقلة كانت قد عملت على عقد عشرات الندوات واللقاءات أملا في إنهاء الانقسام الحاصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة وكانت عنصرا فاعلا في حوار القاهرة وما زالت تواصل مساعيها للتخلص من الحالة الراهنة.

اهمية التجمع

وحول تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة أكد الوادية، أن التجمع هو إطار وطني مستقل يعمل ككتلة ضغط، يحركها الصالح العام، والمصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، ويضم مجموعة كبيرة من الشخصيات الحرة المستقلة من علماء مسلمين، ورجال دين مسيحيين، وأكاديميين، ورجال أعمال، ومثقفين، وإعلاميين، ورجال إصلاح، وفعاليات مجتمعية، وممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص في قطاع غزة والضفة الغربية والشتات، كما ويضم شخصيات مهنية وإعتبارية لها حضورها في المجتمع الفلسطيني، ويسعى إلى تحقيق اهداف الشعب الفلسطيني في الحرية والإستقلال مرتكزا على الحق العدل ومبادئ الشرعية الدولية.

وأوضح رئيس تجمع الشخصيات المستقلة أن أهمية التجمع كانت نابعة لما يمر به الشعب الفلسطيني من تفرق بين جناحي الوطن، وتداعياته الخطرة على الوطن وحياة المواطنين، في ظل حصار إسرائيلي مشدد، وإغلاق معابر قطاع غزة جميعها، وحرمان المواطن من أدنى مقومات الحياة الكريمة، ومحاربته في قوته وقوت عائلته، ما كان له آثار كارثية على جميع مناحي الحياة في قطاع غزة والضفة الغربية والشتات .

وقال: quot;إثر ذلك إرتأت الشخصيات المؤسسة ضرورة تشكيل تجمع يتمتع بالمصداقية، مبتعدا عن التحيز، لصالح المهام الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والمصالحة وغيرها، يطلق عليه اسم (تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة).

وبحسب الوادية فإن التجمع يعبر عن ضمير الشعب الفلسطيني، وهو بذلك ليس بديلا عن أي من التنظيمات السياسية أو الهيئات المهنية، والإجتماعية القائمة، بل هو جسم يسعى إلى التواصل معها لتحقيق أهداف التجمع والتأثير إيجابيا في مواقفها.

أهدافه ولجانه

وقال الوادية يسعى التجمع إلى النهوض بمكوناته كافة للمشاركة بفاعلية وإصرار في وضع أجندة فلسطينية، ضمن المنظور الوطني الفلسطيني الشامل من خلال تشكيل لجان متعددة وتسخير كافة الطاقات والإمكانات المتاحة ودفعها وترسيخها كأجندة لا يمكن تجاوزها.

وذكر أنه ولتحقيق الأهداف المنشودة فقد تم تشكيل العديد من اللجان منها: لجنة الحوار والعلاقات الوطنية والإعلام والعلاقات العامة والدولية والخدمات والمعابر والتربية والتعليم والصحة والإغاثة والمصالحة الشعبية والثقافة والتخطيط الاستراتيجي والحريات والمرأة والإرشاد والفعاليات ولجان قانونية واقتصادية وزراعية وأخرى لإعادة الإعمار والمشاريع واللاجئين والمتابعات الحكومية والتحضير للانتخابات.

وأكد رئيس تجمع الشخصيات المستقلة أن هدف تأسيس هذا التجمع يصب أساسا في تمتين وحدة الوطن السياسية والجغرافية ووحدة نظامه السياسي، والتأكيد على مبادئ الوحدة الوطنية وللتأكيد أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة وأن إسرائيل هي دولة احتلال.

وقال: quot;يعمل التجمع على إعطاء الأولوية لمتطلبات إعادة البيت الداخلي على أسس من الحوار، والتوافق بعيدا عن لغة الإتهامات والتخوين، وإعطاء الأولوية لحاجات المواطن الحياتية والإنسانية الأساسية في قطاع غزة، وإيجاد الحلول الخلاقة للقضايا ذات الإهتمام بواقعية(مثل المعابر وحركة البضائع والأفراد) دون التفريط بأية مكاسب، وضمن محددات المصلحة الوطنية العليا وعدم التضحية بها تحت أية ذريعة في كافة أرجاء الوطن، وبتفعيل دور القطاع الخاص في إيجاد وتنفيذ تلك الحلولquot;.

ويسعى التجمع أيضا للتأكيد على إحترام سيادة القانون، واستقلال القضاء، والحريات العامة وفقا للقانون الأساسي الفلسطيني، والقوانين النافذة في فلسطين، ووفقا للمعاهدات والمعايير الدولية ذات العلاقة، كما يؤكد التجمع رفضه كافة الإنتهاكات والتجاوزات للقانون والحريات بغض النظر عن مرتكبها ومكان ارتكابها.

وأكد الوادية أن التجمع يسعى أيضا للعب دور فاعل ومؤثر في الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والتربوية والثقافية. ويعمل على إقامة علاقات إيجابية متوازنة مع الجميع، ومواصلة جهود الإصلاح لمنع تفاقم الصراع الداخلي وتبعاته.