باتت مدينة كراتشي الباكستانية حجر الزاوية لدى التنظيمات quot;الجهاديةquot; الدولية عند انطلاق الشرارة الاولى لأي عمل إرهابي، إذ تجرى بها عمليات الإعداد والتخطيط وربما التمويل، حيث يتم الاتفاق فيها على عدد من الصفقات التي تمول تلك العمليات في مختلف دول العالم.


حول بدء تحول واجهة الجهاديين الدوليين صوب مدينة كراتشي الباكستانية، والارتكاز عليها كمحور غاية في الأهمية بالنسبة إلى استراتيجيتهم وأنشطتهم المختلفة، أبرزت مجلة quot;دير شبيغلquot; الألمانية واسعة الانتشار تفاصيل مثيرة تكشف حقيقة هذا الأمر، ومضت لتلقي مزيدًا من الأضواء على طبيعة الأجواء ونمط الحياة هناك.

وفي سياق تقريرها الذي عنونته بـ quot;الجهاديون الدوليون يستعينون بكراتشي كمحور لأنشطتهمquot;، قالت المجلة إنه في الوقت الذي تعتبر فيه كراتشي القلب النابض لباكستان، إلا أن المدينة التي يبلغ عدد سكانها 18 مليون نسمة بدأت تنزلق نحو دوامة من العنف.

ومضت المجلة توضح أنه ومع استعانة الناتو بالميناء لدعم الحرب التي يخوضها في أفغانستان، قام الجهاديون الدوليون بتأسيس معاقل لهم في ضواحي وأحياء المدينة الفقيرة. وفي ما يتعلق بنمط الحياة الذي يعتاد الناس عليه في كراتشي، قالت المجلة إن quot;الدائرة يجب أن تغلق هناك بإراقة الدماء، من أجل محو وصمة اليوم السابقquot;.

ولفتت دير شبيغل في هذا الصدد إلى ذلك الهجوم الانتقامي الذي قام بشنه جنود المشاة التابعون لتنظيم القاعدة، وعددهم ستة أفراد، مساء يوم الـ 11 من شهر تشرين الثاني/نوفمبر الجاري على مركز للشرطة، أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 20 شخصاً، وجُرح نحو 120 من بينهم ضباط شرطة وسكان وعدد من المارة.

وفي الوقت الذي كان يفترض أن يكون عمر شهيد، رئيس وحدة مكافحة الإرهاب في الشرطة الباكستانية، واحداً من الضحايا، إلا أنه قد تواجد بالصدفة في مكان آخر وقت شن الهجوم.

وأوضحت المجلة في ذلك الجانب أنه عادةً ما يترأس وحدات مكافحة الإرهاب عندما يداهمون الإسلاميين المسلحين في الشوارع الخلفية لبعض من أحياء كراتشي مثل سُهراب غوث أو سوق شيرشاه. وهنا، أوضح شهيد قائلاً :quot;إنهم يظهرون لنا أنهم متواجدون، وأنهم قادرون على القيام مجدداً بهجماتquot;.

ثم انتقلت المجلة لتؤكد في السياق ذاته أن السياسة تدار في كراتشي بأسلحة الكلاشنيكوف. ولفتت أيضاً إلى أن الأحزاب الكبرى هناك تمتلك عصابات من السفاحين والقتلة لحماية مناطق نفوذها. وتابعت بتأكيدها على الأهمية القصوى التي تحظى بها كراتشي، مثلها مثل إسلام آباد، في ما يتعلق بإتمام الصفقات والأرباح ذات الصلة بخيوط السلطة في تلك البلاد التي يبلغ عدد سكانها 171 مليون نسمة.

وفي الوقت الذي يلعب فيه ميناء كراتشي دوراً غاية في الأهمية بالنسبة إلى المهمة التي تقوم بها قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، كشفت المجلة النقاب عن أن الجماعات التي تدعم الإرهاب لوجيستياً تستعين كذلك بالمدينة كمحور، أو كمكان لتجنيد المقاتلين، والقيام بالتعاملات المالية، ونقل الأخبار، ووضع الخطط لشن الهجمات.

وأعقبت المجلة بقولها إن عالم الرذيلة والإجرام في كراتشي هو آلة النقود الخاصة بالإرهابيين. فالابتزاز وعمليات السطو على البنوك تحل في المرتبة الثانية بعد التبرعات بوصفها أهم مصادر الدخل المربحة. وتدفق الأموال بعد ذلك مرة أخرى إلى معسكرات تدريب المتشددين في المناطق القبلية. كما لفتت المجلة إلى أن متاهة ضواحي كراتشي تعتبر المكان المثالي الذي يمكن للإرهابيين أن يختبئوا فيه.

واختتمت المجلة الألمانية تقريرها الاستقصائي المثير بقولها إنه من الممكن الآن، وفقاً لما يردده البعض، القيام بشراء مهاجم انتحاري في كراتشي بـ 25 ألف روبية ( أو ما يعادل مبلغاً قدره 300 دولار أو 220 يورو ). وهو الواقع المأسوي الذي أرجعه أحد ضباط الاستخبارات رفيعي المستوى إلى الفقر وضعف القيادة السياسية في البلاد.