أعلن فريق موقع (نواة) الالكترونيّ التونسيّ إطلاق موقع جديد يحمل اسم quot;تونيليكسquot; لتجميع ونشر التقارير السريّة لسفراء أميركا في تونس. وكشفت مصادر في هيئة تحرير الموقع الجديد لـ(إيلاف) عن حيثيات إطلاق تونيليكس وما يتضمنه من معلومات قد تسبب أزمة بين واشنطن وتونس.


تونس: بالتزامن مع نشر موقع ويكيليكس للدفعة الجديدة من الوثائق السرية التي حصل عليها بطرقه الخاصة والتي بدأت في إثارة جدل كبير عبر العالم، أعلنت إدارة موقع quot;نواةquot; التونسيّ الالكتروني إطلاق موقع جديد يحمل اسم تونيليكس مخصّص لنشر التقارير السرية لسفراء الولايات المتحدة في تونس.

وتشير قراءة عمودية سريعة للكمّ الكبير من الوثائق المنشورة على quot;تونيليكسquot; عن تطرّق إلى مواضيع تونسية تتعلق بوضع الحريات وحقوق الإنسان وسيطرة أقرباء الرئيس بن علي على الحياة الاقتصادية و السياسية، والعلاقة مع بعض المعارضين البارزين، وملفّ الإرهاب، من زاوية لا تبدو مألوفة.

وتشير تلك الوثائق إلى أنّ تونس لم تكن quot;حليفاquot; يمكن الوثوق فيه او الرضا عنه بالنسبة إلى الأميركيين كما توضح أنّ الإدارة الأميركيّة اختارت تقليص النقد العلني لنظام بن علي في ما يتعلق بقضايا الحريات،والفساد المالي،كما تشير في جانب منها إلى غضب تونسيّ واضح من تحاور الأميركيين مع بعض السياسيين بما يفسح المجال أمام quot;الإسلاميين المتطرفينquot; للعودة إلى الواجهة وربما الإمساك بالسلطة.

يقول متحدّث باسم فريق موقع نواة التونسيّ في إفادات خاصة لـ(إيلاف):المعادلة بالنسبة لنا، كفريق نواة، كانت سهلة، فإما أن نصنع الحدث الإعلامي تونسيا عبر نشر التقارير السرية الصادرة عن السفارة الأميركية في تونس أو أن ننتظر حتى يتم نشرها على موقع ويكيليكس وغيرها من المواقع الإعلامية الكبرىquot;.

ويؤكد المتحدّث الذي خيّر الاحتفاظ باسمه انه وإلى حد الآنquot; التقارير المنشورة على موقع تونيليكس لم تُنشر بعد على الإنترنت، وهذا راجع إلى الإستراتيجية الإعلامية التي يتبعها موقع ويكيليكس والمتمثلة في النشر quot;قطرة بقطرةquot; حتى يتسنى للعالم هضم التسريبات الأولى والتفاعل معها. ثم إن ما يجري في تونس ليس مهما بالنسبة إلى أغلب المؤسسات الإعلامية الكبرى، ما منحنا فرصة التفرد بنشر التقارير ووضعها في إطارها الوطنيquot;، على حدّ تعبيره.

بالنسبة إلى الجانب التقني، يقول المصدر ذاته، التقارير التي تذكر تونس، سواء تلك التي تم نشرها على موقع ويكيليكس و الغارديان و دير شبيغل، يصعب نبشها من أجل العثور على معلومات تخص تونس، ولهذا السبب رأينا من الواجب توفير موقع خاص تعرض فيه التقارير الصادرة عن سفراء أميركا في تونس.

جانب من التسريبات المنشورة على quot;تونيليكسquot;

ويمضي قائلا: quot;الموقع الذي أنشأناه يصعب حجبه من طرف الرقيب التونسي، فحجب موقع تونيليكس كليا في تونس لا يتم إلا عبر حجب حزمة من خدمات غوغل الرئيسة. هل يعني هذا أن الرقيب التونسي لن يحجب موقع تونيليكس؟ ربما، لا ندري؟ إلا أن ثمن الحجب سيكون مكلفا و باهظا بالنسبة إلى تونس، هذا إلى جانب قدرتنا على استخدام أي أساليب تقنية أخرى من أجل إدخال المعلومة، فقد تمرسنا على آلة الحجب التونسيةوتقنياتها. حجب خدمات غوغل من أجل حجب موقع تونيليكس فقط هو قرار من الصعب أن تتخذه الحكومة ، إلا أنه وارد و ستبدي لنا الأيام القليلة المقبلة كيف سيتعامل النظام مع الموقع الذي أنشأناه ومع التسريبات، خاصة تلك التقارير النقدية التي كتبها سفيرا تونس الحالي والسابق عن وضع الحريات وحقوق الإنسان و سيطرة أقرباء الرئيس التونسي على الحياة الاقتصادية والسياسية و حتى الحزبية داخل التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم.quot;

وعن مصدر التقارير ومصداقيتها، يقول المتحدث باسم فريق الموقع:quot; تحصل فريق نواة على التقارير المتعلقة بتونس منذ خمسة أيام تقريبا قبل نشرها يوم الأحد على موقع تونيليكس، الشيء الذي مكننا من دراستها وتحليلها واختيار الطريقة التقنية المثلى لنشرها و تعريف التونسيين بكواليس السفارة الأميركية في تونس مع اعتماد أساليب مقاومة مستعصية على الحجب. و بكل صراحة، كاد صبرنا ينفذ و نحن نقرأها، متعطشين لنشرها بكل سرعة، إلا أن اتفاقنا المبدئي مع الطرف المجهول الذي سرب لنا التقارير، و الذي لا نعرفه أصلا إلا أنه يبدو على اطلاع بالمستوى التقني لفريق موقع نواة، كان يتمثل في التزامنا بعدم نشر أي شيء قبل نشر التسريبات الأولى على موقع ويكيليكس الذي شهد صعوبة في النشر جراء quot;هجمات حجب الخدمةquot; DDOS Attacks التي تعرض لها مساء يوم الأحدquot;.

إلى ذلك، غصت صفحات التونسيين على شبكة فايسبوك بروابط موقع quot;تونيليكسquot; الذي انفرد بنشر التقارير السرية التي تهمّ بلادهم، كما نشرت المدونات ومواقع أخرى محتوى التسريبات التي تقاسمها عدد كبير من مستعملي النت ممن تجاوبوا مع الموقع وأبدوا إعجابهم بالفكرة، وسط صمت رسميّ مطبق إلى حدّ إعداد التقرير.

ويقول المتحدث باسم quot;نواةquot; لـ(إيلاف):لقد تفاعل التونسيون بإيجابية مع موقع تونيليكس، وقد تم تناقل الخبر بشكل مكثف على مواقع التشبيك الاجتماعي مثل فايسبوك و كذا على موقع التدوين المصغر تويتر، و هذا دليل على تعطش التونسي لمعرفة تقييم الولايات المتحدة للأوضاع في تونس خارج إطار اللغة الخشبية والدبلوماسية التي تعودنا عليها من جانب أميركا، وهذا هو الأمر الجديد، أي أن نقرأ انطباعات عفوية وصريحة للسفراء الأميركيين في تونس وهي في الحقيقة محرجة للغاية ومن المرجح أن تتسبب بأزمة دبلوماسية بين تونس والولايات المتحدة.

ويختم المصدر قائلا:quot; الكثير من المعلومات الواردة في التسريبات نعرفها جميعا، الجديد هو الإطلاع على تقييم الدبلوماسيين الأميركيين للأوضاع في تونس، وتحليلهم لأسباب انسداد آفاق الوضع السياسي والحقوقي وأزمة البطالة وتفشي الرشوة والفساد الإداري، هذا إلى جانب بعض النوادر حول سلوك وطبيعة بعض الشخصيات السياسية في تونس كالوزراء ومديري البنوكquot;.