فيصل المسلم خلال عرضه الشيك على شاشة البرلمان العام الماضي

إن لم يتغير السيناريو المفترض لجلسة البرلمان الكويتي اليوم، فإن نائبا كويتيا قد أصبح قريبا من المحاكمة أمام القضاء بعيدًا عن حصانته البرلمانية، على خلفية ما عرف قبل أكثر من عام بقضية الشيكات.

الكويت: بات في حكم الأمر المحسوم أن ترفع الحصانة البرلمانية عن النائب في مجلس الأمة الكويتي فيصل المسلم، بسبب وجود طلب لجهاز النيابة العامة لدى مجلس الأمة، على خلفية الشكوى التي أقامها بنك برقان الكويتي، وأظهر فيها أن النائب المسلم في أحد جلسات البرلمان يعرضشيكا يعود إلى البنك، وهو ما أعتبره المصرف الكويتي، مساسا بأمنه المصرفي، وسلامة تعاملاته مع عملائه. ويعد بنك برقان الكويتي واحدا من أقوى المصارف في الكويت.

وتريد النيابة العامة الكويتية من البرلمان أن يمكنها من النائب المسلم بعيدا عن الحصانة البرلمانية التي تعيق استجوابه في هذه القضية، التي ستسأله النيابة فيها عن الكيفية التي حاز بها وثيقة الشيك التي يفترض بأنها محمية بالسرية المصرفية، ولا يجوز إفشائها.

ووفقا لمجريات جلسة البرلمان أمس، وعدم اكتمال النصاب القانوني من جانب أعضاء مجلس الأمة، فإن هذا السيناريو مرشح للتكرار اليوم، خصوصا وأن حسبة الأصوات حتى لو اكتمل النصاب يعتبر صعباً جداً بالنسبة إلىلنائب المسلم، رغم وجود تأييد برلماني، استنادا إلى نص دستوري يشير إلى عدم جواز مساءلة النائب عن أي آراء أو أفكار يبديها في جلسات مجلس الأمة، أو لجانه البرلمانية. ويرى خبراء برلمانيون أن هذه المادة الدستورية لا تشمل ما قام به النائب المسلم من إظهاره لأحد الشيكات التي قال وقتها أن رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد الصباح قد حررها لمصلحة أحد نواب البرلمان السابق، على سبيل المال السياسي، وهو الأمر الذي نفاه ساحب الشيك، وهو عضو مجلس أمة سابق.

الحكومة تصوت لرفع الحصانة

رغم أن الحكومة الكويتية لا تبدو طرفا في هذه القضية بعد نجاح الشيخ المحمد بتفنيد إستجواب وجه إليه في هذا الإطار من النائب المسلم قبل نحو عام، إلا أن الناطق الرسمي بإسم الحكومة الكويتية وزير المواصلات محمد البصيري أكد بأن أعضاء الحكومة الكويتية الذين غابوا عن جلسة البرلمان أمس كانوا سيصوتون مع رفع الحصانة عن النائب المسلم. وألقى البصيري باللائمة على أعضاء البرلمان الذين لم يحضروا جلسة البرلمان، مؤكدا أن اللوائح البرلمانية تجيز للحكومة أن تحضر ممثلة بوزير واحد، وهو الأمر الذي حدث أمس حين حضر البصيري وحيدا، إلا أن التصويت على رفع الحصانة عن النائب لم يجر، كون النصاب لم يكون مكتملا، وهو أمر قد يتكرر اليوم.

سقوط تلقائي للحصانة

يمهد عدم إكتمال النصاب القانوني لجلسة البرلمان اليوم عملياً، الأجواء أمام سقوط حصانة النائب المسلم تلقائياً، كما تنص اللوائح البرلمانية، إذ أن عدم تمكن البرلمان لأي سبب كان من البت في طلب النيابة العامة رفع الحصانة عن أحد أعضاء المجلس لمدة أقصاها شهر، يعتبر تلقائيا كما لو أن طلب رفع الحصانة قد أجيز. هذا الأمر قد يطبق في حالة النائب المسلم، كون البرلمان قد استلم طلب النيابة في التاسع من الشهر الماضي، وحتى جلسة البرلمان المقبلة، إذا لم يتغير السيناريو اليوم، فإن المدة تكون قد انقضت، وهنا يتوجب على المسلم أن يذهب إلى القضاء بلا حصانة، مع احتمالية أن يواجه تهمة افشاء أسرار مصرفية محمية بالسرية القانونية.

وحتى سقوط الحصانة تلقائيا، وهو أمر يريح بعض أعضاء البرلمان الذين لم يحسموا موقفهم النهائي من التصويت، فإن آخر فرصة تتبقى أمام النائب المسلم تتمثل في الدعوة إلى جلسة خاصة، وهو الأمر الذي يستلزم توافر طلب برلماني يوقعه عشرة أعضاء كحد أدنى، لعقد الجلسة قبل انقضاء المهلة القانونية، إلا أن هذا الطلب مرهون بموافقة الحكومة على الطلب البرلماني، وهو أمر يتوقف على رؤية الحكومة وتقديرها لجدية وجدوى الجلسة الخاصة.

انتقادات للحكومة

وفي الإطار عينه، تلقت الحكومة الكويتية على مدى الأسبوعين الماضيين، اتهامات عدة بأنها تسعى لتفريغ الدستور الكويتي من محتواه، عبر رفع الحصانة عن المسلم بسبب قضية الشيكات، وعدم جواز مساءلة النائب عن أي آراء أو أفكار يبديها داخل قاعة جلسات البرلمان. إلا أن النائب فيصل الدويسان كشف بأن المقصود بهذه المادة الدستورية الآراء والأفكار الناقدة، والكاشفة لمواطن الخلل والتقصير، إلا أن تلويح النائب بشيك مصرفي ممهور بشعار أحد البنوك، ليس رأياً بل فعلا يستحق مرتكبه المساءلة القانونية والقضائية، بسبب تأثيره على سلامة البنك.