بعد إكتساح الحزب الوطني الحاكم الانتخابات التشريعية المصرية وفوزه بنحو 83% من مقاعد مجلس الشعب، تبقى التساؤلات حول الاستحقاق الاهم الذي تمثله الانتخابات الرئاسية العام المقبل، مطروحة في ظل استمرار الغموض حول نوايا الرئيس حسني مبارك.


القاهرة: حصل الحزب الوطني الحاكم في مصرعلى 420 مقعدًا في مجلس الشعب من اجمالي 508 مقاعد بينما فازت احزاب المعارضة مجتمعة بـ14 مقعدًا والمستقلين بسبعين مقعدًا.

حتى ان الخبراء يرون ان استجابة الرئيس مبارك او تجاهله للدعوة التي اطلقها عدد من منظمات المجتمع المدني لحل البرلمان الجديد، ستشكل مؤشرًا مهمًّا بشأن مرشح الحزب الحاكم في الانتخابات الرئاسية.

ويقول الخبير في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو الشبكي quot;اذا تم حل البرلمان، فهذا معناه ان مشروع توريث الحكم لجمال مبارك (نجل الرئيس المصري حسني مبارك) لم يحسم بعد ومعناه ان الرئيس مبارك سيعيد ترشيح نفسهquot;.

ويضيف quot;اذا لم يتم حل مجلس الشعب، وهو الارجح، فهذا مؤشر على ان الامور تتجه نحو التوريثquot;. ولم يعلن مبارك (82 عامًا) ما اذا كان سيترشح للرئاسة ام لا. كما ان مسؤولي الحزب الوطني يدلون بتصريحات متضاربة بهذا الشأن.

ويعتقد الشبكي ان الحزب الوطني اراد ان يجعل quot;هذا البرلمان على مقاس مشروع التوريثquot;. واشار الى انه اضافة الى استبعاد الاخوان المسلمين quot;كان لدى قيادته اصرار على ازاحة حزمة نواب مستقلين من بينهم حمدين صباحي وعلاء عبد المنعم وجمال زهران، مثلوا المعارضة الحقيقية في مجلس الشعب السابق وكشفوا العديد من قضايا الفسادquot;.

وكان الائتلاف المستقل لمراقبة الانتخابات قددعا في بيان الاثنين الرئيس المصري الى quot;حل البرلمانquot; مؤكدًا quot;مطاعن خطرة باتت تحاصر بقوة مشروعية مجلس الشعب اذا ما اعتمد تشكيله على النتائح المعلنة للانتخابات البرلمانيةquot;.

واضاف الائتلاف انه يخشى من ان quot;يطيل الاستمرار في اهدار حجة الاحكام القضائية وثيقة الصلة بالعملية الانتخابية وترك الامور بيد برلمان مطعون في مشروعيته، الانتخابات الرئاسية المفترض اجراؤها العام المقبل وكل ما سيسنه البرلمان من تشريعاتquot;.

وبرر الائتلاف، الذي يضم عددًا من منظمات المجتمع المدني هذه الدعوة بquot;عدم احترام اللجنة العليا للانتخابات ووزارة الداخلية للاحكام الصادرة من القضاء الاداري الذي الزمهما بادراج بعض المرشحين المستبعدين من الكشوف النهائية وتجاهلهما حكم المحكمة الادارية العليا الذي ألزم اللجنة العليا بتطبيق تلك الاحكام، وهو ما ادى الى بطلان الانتخابات قانونًا في دوائر متعدّدةquot;.

غير ان محللين اخرين يرون ان الشبهات التي تحيط بمشروعية مجلس الشعب الجديد بسبب اتهامات بالتزوير هيمنت على المشهد الانتخابي وادت الى انسحاب قوتي المعارضة الرئيسيتين الاخوان المسلمين وحزب الوفد الليبرالي، قد تلقي بظلالها على انتخابات الرئاسة.

ويقول مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان بهي الدين حسن ان quot;الوضع كارثي، فالبرلمان مشكوك في شرعيته بينما تمر البلاد بمرحلة انتقالية حساسة قبل انتخابات الرئاسةquot;.

ويضيف quot;بصرف النظر عن ترشيح الرئيس مبارك نفسه للرئاسة ام لا، من مصلحة النظام ان تتم هذه المرحلة بمؤسسات غير مطعون في شرعيتها لاسيما ان رابطا وثيقا صار يربط الانتخابات الرئاسية والتشريعيةquot; منذ التعديلات الدستورية التي اجريت في العام 2007.

وتضع هذه التعديلات شروطًا متعدّدة للترشح لانتخابات الرئاسة اهمها ضرورة حصول اي حزب سياسي يرغب في ترشيح احد مسؤوليه للرئاسة على مقعد واحد على الاقل بالانتخاب في مجلس الشعب او مجلس الشوري. وبموجب هذا الشرط اصبح حزب الوفد مستبعدًا من انتخابات الرئاسة اذ ليس لديه اي نائب منتخب في المجلسين.

كما يشترط الدستور المعدل حصول اي مرشح مستقل على تأييد 250 عضوًا منتخًبا من مجلسي الشعب والشوري من بينهم 65 على الاقل من الشعب و25 من الشورى. واعتبر الخبير في مؤسسة كارنيغي للسلام عمرو الحمزاوي ان quot;الحكومة المصرية تواجه الان ضغوطًا هائلة بسبب صورتها السلبيةquot; خصوصًا في الخارج.

واضاف انها quot;باتت الان امام معضلة تتمثل في كيفية تحسين هذه الصورةquot;. وكانت الولايات المتحدة قد أعربت عن quot;خيبة املهاquot; ازاء الظروف التي دارت فيها الانتخابات، الامر الذي اعتبرته السلطات المصرية quot;تدخّلاً غير مقبول في شؤونها الداخليةquot;.

وانتقد الاتحاد الاوروبي الاثنين الظروف التي جرت فيها الانتخابات التشريعية في مصر معربًا عن الاسف لما تخللتها من انتهاكات لحقوق المعارضة واعمال العنف الدامية احيانا. لكن عمرو الشبكي يرى ان الحزب الحاكم غير معني بالصورة التي ستخرج عليها الانتخابات الرئاسية التي يعتقد انها quot;ستكون شكلية تماماquot;.

ويضيف ان quot;الانتخابات ستكون تحصيل حاصل للتوافق الذي سيتم على اسم رئيس الجمهوريةquot;. ويتابع quot;بما انني لا اتوقع ان يترشح الرئيس مبارك في 2011 فإن هناك احتمالين: اما ان يترشح جمال مبارك وفي هذه الحالة لا بد من ان ينال قبول المؤسسة العسكرية، او ان يتم الاتفاق بين الحزب الحاكم والمؤسسة العسكرية على مرشح اخر يتقدم مستقلاًّ على ان يقوم الحزب الوطني بتأمين الشروط الدستورية اللازمة لترشيحهquot;.