احتج عرب وتركمان مدينة كركوك العراقية على لجنة الإحصاء السكاني، وأعلنوا مقاطعتهم لها بذريعة أن الإحصاء يخلق حالة من عدم التوازن في تمثيل مكونات المدينة، وكان لهذا الموقف بالغ الأثر في مواجهة عملية الاحصاء عقبة جديدة،لا سيما بعد اعتبار أن لجنة الإحصاء مخالفة للقانون.


بغداد: فيما تبدأ لجنة مكلفة بتذليل العقبات امام إجراء الإحصاء السكاني في مدينة كركوك العراقية الشمالية المتنازع على اجتماعاتها اليوم الاحد، فقد واجهت عملية الإحصاء عقبة جديدة بإعلان ممثلي العرب والتركمان في المدينة مقاطعة عمل هذه اللجنة التي شكلتها وزارة التخطيط والتعاون الغنمائي لحسم المشاكل بين مكونات المدينة العربية والكردية والتركمانية والتي تعيق الإحصاء مؤكدين أنها لم تراع في تشكيلتها التمثيل الحقيقي لهذه المكونات معتبرين أن ذلك مخالفة للقانون.

متدربون على عملية الاحصاء السكاني العام بالعراق

اجتماع لممثلي العرب والتركمان

وأثر اجتماع لممثلي العرب والتركمان من أعضاء مجلس النواب العراقي ومجلسي محافظة وقضاء كركوك وممثلي مجالس أقضية ونواحي كركوك و رؤساء وممثلي الكيانات السياسية في مدينة كركوك الغنية بالنفط والمتنازع عليها (255 كم شمال بغداد) تم خلاله مناقشة آخر المستجدات المتعلقة بإجراء الاحصاء السكاني العام فقد تم الإعلان عن مقاطعة لجنة شكلتها وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي لبحث معيقات الإحصاء في المحافظة (مليون وربع المليون نسمة).

وأشار ممثلو المكونين التركماني والعربي خلال مؤتمر صحافي عقب الإجتماع أمس السبت إلى أن تشكيل وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقية للجنة الإحصاء في المحافظة في أمرها الوزاري المرقم 50 في الثامن من الشهر الحالي مخالف للقانون. وقالوا في بيان صحافي حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه أن آلية تشكيل اللجنة مخالفة للمادة 23 من قانون 36 لعام 2008. موضحين أن الأمر الوزاري ينص على إشراك ثلاثة نواب من الكتلة الكردستانية ونائبين من العرب ونائب تركماني واحد في اللجنة فيما نصت المادة 23 تلك على اعتماد نسب متساوية في كل ما يخص الأوضاع في كركوك سواء عن تشكيل لجان أو أي قضايا أخرى. ورفض ممثلو العرب والتركمان أيضا إشراك ممثلين من حرس الإقليم (البيشمركة) وممثل عن هيئة إحصاء إقليم كردستان في اللجنة quot; لمخالفته نصوص الدستور والقوانين العراقية النافذةquot; كما أشاروا. وأكد المجتمعون بأنهم لن يشاركوا في اجتماعات اللجنة ما لم تتم إعادة تشكيلها استنادا إلى المادة 23 والأخذ بنظر الإعتبار المادة 6 من قانون رقم 26 المعدل عام 2009. ودعوا إلى تشكيل لجنة جديدة تضم ممثلين عن مكونات كركوك العربية والكردية والتركمانية بالتساوي.

وبرغم هذه المقاطعة فقد أعلن النائب عن كركوك عضو التحالف الكردستاني خالد شواني أن أولى اجتماعات لجنة حل المشاكل التي تعترض التعداد العام في مدينة كركوك ستبدأ اجتماعاتها في المدينة اليوم الأحد.

خلاف يتزامن مع مطالب بارزاني

ويأتي هذا الخلاف الجديد بين مكونات كركوك متزامنا مع تأكيد رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني لدى افتتاحه أمس لمؤتمر الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه أن الإقليم له حق تقرير المصير، وأن تكون مدينة كركوك المتنازع عليها تابعة له. ومصير كركوك من قضايا الخلاف الرئيسة بين الإقليم الكردي والحكومة المركزية في بغداد اللذين توجد نزاعات بينهما تتعلق بالأرض وببعض أغنى حقول النفط في العالم. وشدد بارزاني على أن حق كردستان في كركوك غير قابل للتفاوض وقال إن الهوية الكردية لكركوك ليست موضوعا للمساومة.

ورفضت حكومة إقليم كردستان الخميس الماضي اعتبار عملية مسح نسبة 20 بالمئة من سكان العراق بديلا للإحصاء السكاني العام الذي تعيق إجراءه خلافات سياسية وقومية بين الأكراد والعرب والتركمان.

وأوضحت أنه يمكن إجراء مسح لعينة 20% من السكان عندما يكون هناك عدد صحيح من السكان كأساس علمي كي يتم الإعتماد عليه لتحديد هذه العينة أو النموذج وحساب النسبة المئوية لكن الجهات الرامية العراقية تفتقد لذلك إلى حد الآن بسبب عدم إجراء الإحصاء العام للسكان في عموم العراق منذ 23 عاما والإفتقاد لخارطة صحيحة عن كيفية توزيع فئات السكان كي نتمكن من أخذ نمودج بشكل دقيق ودون أخطاء. وأكدت أنه وفقا لهذه الأسس فإنه لا يمكن أن يحل مسح العينة مكان الإحصاء العام للسكان ليتم استخلاص العلامات المهمة التي تبنى عليها الخطط والبرامج المستقبلية.

خلافات سياسية وعرقية

وأفشلت خلافات سياسية وقومية آخر محاولة جرت الأحد الماضي للإتفاق على تحديد موعد جديد لإجراء الإحصاء السكاني في عموم البلاد للمرة الأولى منذ عام 1987 وذلك خلال اجتماع شارك فيه طالباني والمالكي والهاشمي وقادة الكتل السياسية حيث تقرر تشكيل لجان في المحافظات التي تعاني مشاكل تعيق إجراءه في محاولة لتذليلها خلال أسبوعين تمهيدا لاتفاق لاحق على موعد محدد للإحصاء.

وقرر الإجتماع تشكيل لجان لكل محافظة فيها مشاكل تعيق إجراء التعداد السكاني وهي محافظات كركوك ونينوى الشماليتين وصلاح الدين شمال غرب بغداد بعد أن هددت هذه المحافظات بمقاطعة الإحصاء فيما لو أجري في موعد لم تتفق عليه جميع الكتل السياسية. وسيتم تشكيل هذه اللجان من ممثلين عن الكتل السياسية والمكونات القومية ووزارة التخطيط ونواب من تلك المحافظات بإشراف من بعثة الأمم المتحدة في العراق quot;يوناميquot;. وستعمل هذه اللجان على إزالة الهواجس والمخاوف التي تكتنف مكونات تلك المناطق لغرض إجراء الإحصاء بشكل مهني بعيدا عن تلك المخاوف حيث ستقدم هذه اللجان تقاريرها النهائية بعد انتهاء مهمتها خلال فترة أسبوعين إلى مجلس الوزراء لدراستها وتحديد موعد لاحق للإحصاء.

وتحظى عملية الإحصاء السكاني بدعم قوي من الأكراد فيما يعترض التركمان والعرب في كركوك إضافة إلى محافظة الموصل على إجرائه خوفاً من تبعات سياسية قد تترتب على نتائجه.

وعلى الرغم من أن المحكمة الإتحادية أكدت في رأي لها الفصل بين التعداد السكاني العام وإجراءات الإحصاء في مدينة كركوك في نطاق إجراءات المادة 140 حول المناطق المتنازع عليها، إلا أن هذا التفسير لم يقنع عرب وتركمان كركوك الذين أكدوا مقاطعتهم للإحصاء في حال تم تنفيذه بمعزل عن تطبيق قرارات سابقة أبرزها تشكيل لجنة تقصي الحقائق في المدينة عن عمليات تغيير سكاني قام بها الأكراد في المدينة منذ عام 2003.

ومن المنتظر أن يجري الإحصاء السكاني الجديد في العراق للمرة الأولى منذ 23 عاما حيث كان آخر تعداد شامل قد أجري عام 1987 بينما أجري تعداد عام 1997 في 15 محافظة فقط حيث كانت محافظات إقليم كردستان الثلاثة خارج سيطرة الحكومة و السيطرةالأمنية ولذلك فإنه يجري وسط ظروف ومتغيرات سكانية وأمنية مختلفة يشهدها العراق بعد سقوط نظامه السابق عام 2003.

وقد جرت عدة محاولات بعدها لإحصاء السكان العراقيين لكنها كانت تتأجل في كل مرة بسبب الخلافات القومية حوله وخاصة في مدينة كركوك ا(255 كم شمال بغداد) الغنية التي يطالب الأكراد بضمها إلى إقليمهم الشمالي الذي يحكمونه منذ عام 1991 وسط اعتراض سكانها من العرب والتركمان.

4 تأجيلات للإحصاء السكاني

وطبقا للدورة الإحصائية العراقية كان من المفترض إجراء التعداد عام 2007 إلا أنه أرجئ بسبب الظروف الأمنية إلى عام 2009 ثم إلى 24 تشرين الاول/اكتوبر عام 2010 ثم إلى الخامس من كانون الأول/ديسمبر وتم هذا التأجيل الرابع بسبب مخاوف من تسييسه.

وكان أول تعداد لسكان العراق الذي يتجاوز سكانه اليوم 30 مليونا قد جرى عام 1934 حيث بلغ العدد آنذاك ثلاثة ملايين ليبلغ سبعة في إحصاء 1957 الذي اعتبر فيما بعد أساسا في تحديد طبيعة التركيبة السكانية للعراق. وبينما أجل الإحصاء المقرر عام 1987 بسبب ظروف الحرب مع إيران فإن آخر تعداد أجري عام 1997 أظهر أن عدد سكان العراق تجاوز 25 مليونا. ومنذ عام 1997 لم يجر أي تعداد سكاني شامل في العراق وبصورة أخص لا توجد أية إحصائية رسمية تبين حجم الطوائف الدينية والقوميات العرقية. ويبلغ عدد سكان العراق 27.962.968 نسمة حسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط العراقية لعام 2005 يؤلف المسلمون (نحو 95%) من السكان كما يتألف من مسيحيين ويزيديين وصابئة وديانات صغيرة أخرى.

ويتكون العراق من قوميتين رئيستين هما العربية والكردية (دستور عام 1970) ويشكل العرب 75-80%، والأكراد من 15إلى20%، والتركمان والمسيحيون والآخرون 5%. ويتمركز الأكراد في شمال البلاد وخاصة في محافظات السليمانية ودهوك وأربيل. وحسب تقديرات وزارة التخطيط العراقية لعام 2005 فإن نسبة سكان هذه المحافظات الثلاثة إلى باقي أنحاء العراق يبلغ نحو 13.2% من عدد السكان الكلي وذلك من دون احتساب الأكراد المتوزعين في محافظات أخرى مثل ديالى والموصل وكركوك وبغداد لعدم وجود إحصائية رسمية تشير إلى أعداد السكان وفقا لتقسيم عرقي.

وكان عدد العراقيين 16 مليون نسمة عام 1987 ويتوقع ان يبلغ عددهم هذ المرة ما بين 30 و32 مليون نسمة بحسب توقعات الجهاز المركزي العراقي للإحصاء.