لم تسفر المفاوضات غير الرسمية بين المغرب وجبهة البوليساريو التي اختتمت ليلة اول أمس السبت بمانهاست في الولايات المتحدة الأميركية عن نتائج تذكر. وهذه المفاوضات دعا إليها الديبلوماسي الأميركي كريستوفر روس، بصفته المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي إلى الصحراء.

الدار البيضاء: الجولات المغلقة للمحادثات التي أدارها الديبلوماسي الأميركي، شهدت مشاركة وفد مغربي قاده وزير الخارجية والتعاون الطيب الفاسي الفهري ومحمد ياسين المنصوري، المدير العام للدراسات والمستندات بالإضافة إلى محمد لوشيكي، السفير المغربي الدائم إلى الأمم المتحدة، وماء العينين خليهن الكاتب العام للمجلس الاستشاري الملكي لشؤون الصحراء، ووفد البوليساريو قاده رئيس ما تسميه الجبهة المجلس الوطني خطري ادوه، بالإضافة إلى محمد خداد، كل منسق الجبهة مع بعثة المينورسو التابعة للأمم المتحدة، بالإضافة إلى ممثل الجبهة لدى الأمم المتحدة محمد خداد، بالإضافة إلى ممثلي الجزائر وموريتانيا.
رغم الفشل حاول كريستوفر روس أن يبدي تفاؤلا في الجولات المقبلة غير الرسمية المزمع تنظميها شهري يناير كانون الثاني ومارس آذار، وقال إنه اعتمد quot;مقاربة مجددة من أجل خلق مناخ أكثر ملاءمة لإحراز تقدمquot; في المفاوضات، وأضاف أن quot;الأطراف انخرطت في مفاوضات معمقة وفق مقاربات مجددة من أجل إعطاء دينامية جديدة لمسلسل المفاوضات في 2011 على أساس لقاءات منتظمةquot;، وذهب إلى أن أطراف النزاع تقدمت بquot;أفكار ملموسة سيتم العمل على تطويرها خلال الجولتين المقبلتين من المفاوضات غير الرسميةquot;.
بعد هذه الأخبار المتفائلة سيقر كريستوفر روس بأن كل quot;طرف في ختام هذا الاجتماع، واصل رفضه مقترح الطرف الآخر كقاعدة وحيدة للمفاوضات المقبلةquot;، وهذا ما جعله يدعو الأطراف المعنية بالخلاف إلى خلق جو من الثقة ومناخ ملائم لتقدم المفاوضات وتجنب كل ما من شأنه التأثير سلبا على مستقبل المفاوضات.
وقد قدم الطرفان الموقف الرسمي لهما بخصوص تفكيك مخيم quot;كديم إزيكquot; بالعيون يوم ثامن نونبر تشرين الثاني الماضي وأسفرت عن مقتل 11 فردا من القوات العمومية ومدنيين اثنين.
ما يجعل وجهات نظر الطرفين متباينة هو ما أعلنه رئيسا الوفدين المتنازعين، فقد ذهب الطيب الفاسي الفهري وزير الشؤون الخارجية أن الوفد تقدم بكثير من الاقتراحات العملية والجادة من أجل تسريع مسار ووتيرة هذه المفاوضات. وذهب إلى التأكيد quot;على الإرادة القوية للمغرب للتوصل إلى حل نهائي لقضية الصحراء يستند على الواقعية وعلى المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وهي المبادرة التي رحب بها بشكل إيجابي المنتظم الدولي وتمثل فرصة حقيقية لمختلف شعوب المنطقة للاندماج الاقتصادي، كما تحافظ على الوحدة الترابية للمملكة المغربيةquot;.
وقال الطيب الفاسي الفهري quot;لقد بدأنا أثناء هذه الجولة التفكير في مقاربة جديدة وفي طرق جديدة في إمكانيات التوصل إلى حل نهائي طبقا لقرارات مجلس الأمن باعتماد أساليب مبتكرة وجديدةquot;.
الوزير هاجم البوليساريو عندما قال إن الحديث عن موضوع الثروات الطبيعية الحقيقية في المنطقة حتى يتبين الموضوع، وتنكشف ألاعيب وأضاليل البوليساريو الذي يسعى لإيهام الرأي العام الدولي بأن المغرب يستغل تلك الثروات، ثم ما هي الوسائل المتاحة في نطاق المفاوضات للاستماع إلى من يمثل الساكنة الصحراوية، خصوصا وأن البوليساريو لاتمثل سكان الصحراء بل فقط إخواننا المحتجزين في المخيمات فوق التراب الجزائري، علاوة على من باستطاعته المساعدة في المفاوضات في إطار التوصل إلى حل يضمن احترام السيادة المغربيةquot;.
مشددا على أن المغرب لا يريد الرجوع إلى الوراء quot;أو أن نبدأ من الصفر في الوقت الذي قمنا فيه بمجهودات لنبرز جدية المقترح المغربي وفي نفس الوقت التأكيد على أن ما يسمى بمقترح جديد من طرف بعض الأطراف لا يتيح أي مجال للتقدم الفعليquot;.
المغرب قال، من خلال وزير الخارجية، أن هناك خطوطا حمراء تتمثل في شرعية سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية والوحدة الوطنية والترابية.
من جهته أقر رئيس وفد البوليساريو خطري أدوه، في تصريح للصحافة، بعدم تسجيل تقدم في المفاوضات، إذ أعلن أن quot;اقتراحات تسوية النزاع قدمت من قبل الطرفان لكن دون احراز تقدم في المفاوضاتquot; محملا المغرب مسؤولي، ودعا إلى إرساء ما سماه quot;حوار معمق و مفاوضات صريحة و ون شروط مسبقة من أجل التوصل إلى حل يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيرهquot;.
خلال هذه المفاوضات طالب وفد البوليساريو بإطلاق سراح المعتقلين الصحراويين على خلفية أحداث quot;كديم إزيكquot;.
هكذا يظهر تباين الرؤى بين الوفدين المعنيين بقضية الصحراء، لكن المغرب يسعى إلى اختيار طريق ثالث يتعلق بالتشديد، كما قال وزير الخارجية المغربي، على أن البوليساريو ليس الممثل الوحيد للشعب الصحراوي. تزامن هذا التصريح مع إعلان الحركة التصحيحية داخل جبهة البوليساريو الانفصالية بالصحراء، المعروفة بquot;خط الشهيدquot;، كريستوفر روس، بإيفاد مراقبين دوليين مستقلين لمخيمات تندوف، بالجنوب الجزائري، للتأكد من أن القيادة الحالية بزعامة محمد عبد العزيز quot;لا تتوفر على الشرعية للتفاوض باسم الشعب الصحراويquot;.
وجاء في رسالة مفتوحة للحركة إلى المبعوث الأممي أن قيادة البوليساريو الحالية quot;لا تمثل ما عدا نفسها، وبالتالي فليس لها الحق للتفاوض باسم الشعب الصحراوي مع الحكومة المغربية حول مصيرنا ومستقبلناquot;.

وشنت الحركة هجوما على قيادة البوليساريو واصفة أفرادها بالمتمسكين بالسلطة والمتاجرين بمعاناة سكان المخيمات. وطالبت الحركة بضرورة أخذ الأمم المتحدة برأيهم، باعتبارهم جزء من الشعب الصحراوي quot;إذا كانت البوليساريو تمثل الشعب الصحراوي فإن هذه القيادة لا تمثل ما عدا نفسها، وبالتالي فليس لها الحق للتفاوض باسم الشعب الصحراوي مع الحكومة المغربية حول مصيرنا ومستقبلناquot;. هذه المعطيات تعقد حل قضية الصحراء المعقدة أصلا والتي تتداخل فيها أطراف محلية ودولية.