إحتفل مسيحيو العراق السبت بعيد الميلاد، وسط أمنياتهم بأن يعم السلام بلدهم، وأن يعيشوا فيه بأمن واستقرار، في ظل التهديدات التي يتعرضون لها من طرف المتشددين.


بغداد: مزج مسيحيون عراقيون أمنياتهم الشخصية في عيد الميلاد المجيد، بأمنيات لبلدهم العراق ممزجة بقطرات من الدموع وشيء من الحسرات وتأوهات تنتزع من أعماق الروح عذابات وأحزان يبدو دخانها متصاعداً من تلك النظرات التي تتعلق بالأفق لكنها لا تذهب مع الغيوم الراحلات، بل تبقى معلقة وتحاول النزول إلى حيث الأرض التي هي وطنهم الممتدة فيه جذورهم إلى مسافات هي الأطول والأعمق والأشد تمسكاً بذرات التراب.
أمنيات مجموعة من مسيحيي العراق عبروا عنها خلال لقاءات مع quot;إيلافquot; تدور حول وجودهم بسلام، مثلما هم مسالمون ووطنيون وجزء من أبناء الوطن الذي لا يريدون التخلي عنه الآن كما لم يتخلوا عنه في أحلك الظروف. كانت لديهم رغبة في الإحتفال بعيدي الميلاد ورأس السنة الميلادية، وكانت تتوهج في عيونهم صور الأسى، وفي دواخلهم لقطات الخوف من المجهول، لكنهم كما يظهر يستمدون القوة من وجودهم ومن حبهم للعراق.

لماذا قتل المسيحيون؟
لدى بشار أمنيات عديدة، لكنه يتوقف عند واحدة منها يريدها أن تتحقق فيقول: quot;أمنياتي كثيرة، كشاب وكعراقي، لكنني الآن لا أريد سوى أمنية واحدة هي أن لا تكون هناك استهدافات ضد المسيحيين بشكل مباشر، وما أسمعه من قتل للمسيحيين في بغداد والموصل يرعبني، فلماذا هذا الحقد؟ أنا أعرف أن الإرهاب لا دين له وهو ما نسمعه يومياً ونقرأه، وهو يستهدف العراقيين من سنوات، ولكن لا أريد ان يحدث ما حدث لكنيسة النجاة فحين أتذكره يقشعر بدني. ما ذنب المصلين وهم لم يؤذوا أحداً؟، فما ذنب الأطفال والنساء الذين قتلوا أمام عيون الآخرين بطريقة بشعة؟quot;
وأضاف بشار quot;أمنيتي أن يتعافى العراق وأن لا أسمع عن عوائل مسيحية هاجرت وتركت بيوتها، فهذا يحزنني جداً ويشعرني بالخوف. أتمنى وأنا أحتفل بعيد الميلاد أن يحفظ الرب العراق فليس لدينا وطن سواهquot;.
من جهتها تردد الصبية نغم كلمات السيد المسيح في حديثها، فذهبت هي الأخرى بأمنياتها إلى الوطن فقالت quot;عزيز علينا العراق، فأنا ولدت فيه وعشت عمري كله دون ان أسافر ولو لمرة واحدة خارجه، أشعر أن حياتي فيه فقط، ودائماً أقول لأهلي أنني عراقية ولا أحب أن أغادر العراق، وامنيتي أن أبقى في العراق وأن لا يأتي اليوم الذي نضطر فيه إلى مغادرة بيتنا الصغير ولا مدينة بغدادquot;. وتستشهد نغم بما جرى مع صديقتها quot;غادرت مع عائلتها إلى quot;عين كاوةquot; وحزنت لفراقها ولأن أهلها شعروا بالخوف وما كانوا يريدون المغادرة، أتمنى أن يوفق الله العراق ويكون أجمل بلد في الدنيا، وأتمنى من العراقيين أن تكون قلوبهم واحدة في حب وطنهم، فما أجمل أن تزول الكراهية ويموت الحقد في نفوس البشر ونردد قول السيد المسيح عليه السلام (على الأرض السلام وفي الناس المسرة)quot;.

أمنيتنا الإحتفال بفرح وأمان
تتمنى غادة أن لا يرحل المسيحيون من ديارهم وأن تتوفر لهم الحماية لأنهم مستهدفون شخصياً، وتقول quot;تصور أنني أسكن في مدينة الدورة التي تركها المسلمون لأن الارهاب لم يرحم أحداً فيها، لكننا صمدنا وصبرنا والحمد لله، وكنت أذهب إلى العمل وأعود إلى البيت وأنا أرتجف من الخوف، ومع ذلك لم اشعر باليأس ولا أعرف لماذا، ربما لأنني أحب العراق، وأتمنى له الخير وأن يسوده الأمن والسلامquot;. وعرت غادة عن أملها أن quot;أحتفل بعيد الميلاد المجيد مع جميع المسيحيين، نحتفل بسعادة حقيقية، ولكن كيف والأحزان ترافقنا، فكيف لي أن أنسى صديقتي التي قتلت في سيارة مفخخة، وإبن عمي الذي اغتالوه لأنه مسيحي وغيرهما، أنا أتمنى أن نعيش بوئام وسلام كعراقيين دون أن نسأل هذا من أي دين وذاك من أي طائفة، أمنياتي أن لا يرحل المسيحيون ويبقون في وطنهم وأن تقوم الحكومة بحمايتهم ليس لأنهم مسيحيون بل لأنهم مستهدفونquot;.

أما زياد فيحلم بعودة المسيحيين المهاجرين إلى العراق quot;ما أتمناه هو ما يتمناه كل عراقي يحب العراق، أن يعم السلام ربوع العراق، فعيد الميلاد هو عيد السلام للعالم كله، وعيد المحبة التي يتمنى الجميع أن يعيشوا في ظلالها وعيد التسامح، وعندما نحتفل بعيد الميلاد نتمنى كل هذه الاشياء، والسيد المسيح جاء ليمنح الناس السلام والاطمئنان، والعيش على هذه الأسسquot;، وأضاف quot;أنا اتمنى أن يعيش العراقيون سعداء في بلدهم، وأن لا يكون هناك فرق بين مسلم ومسيحي وكردي وعربي وسني وشيعي، أتمنى ان يعود المسيحيون الذين هاجروا فليس لهم غير العراق ولا يرتاحون إلا فيهquot;.
من جهته أعرب كريم عن تفاؤله بالسلام والوئام لجميع العراقيين وقال quot;لم تبق لدي أمنيات سوى أن لا أسمع أن مواطنا مسيحياً قتل لأنه مسيحي، هذا حقد أسود وهؤلاء المجرمون والقتلة يريدون ان لا يبقى مسيحي في العراق بحجة أنهم يكرهون أميركا ويكرهون الغرب، لكن نحن عراقيون وجذورنا وأصولنا في هذه الأرض منذ آلاف السنينquot;، وعبّر عن أمنيته quot;نحن نحتفل بعيد الميلاد المجيد وأتمنى ان لا يبقى إرهابي واحد على أرض العراق، وأن تكون السنة المقبلة سنة خير ومحبة على العراقيين، ما أجمل المحبة وهي ترفرف على الجميع وما أجمل السلام، وأنا متفائل من أن الخير سيعود والسلام سيحل لأنه لا يصح إلا الصحيح ووجودنا في العراق صحيح جدا رغم أنوف أهل الكراهية والحقدquot;.