يبدو أن حرباً أيديولوجية شاملة قد اندلعت بين إيران والحكومة العلمانية في الجارة، أذربيجان، بعد أن حظرت باكو مطلع العام الجاري ارتداء الحجاب الإسلامي في المدارس بتلك الدولة الواقعة في منطقة القوقاز، عن طريق إدخال زى مدرسي نموذجي يحظر ارتداء الزى الإسلامي التقليدي.
وجّه رجال دين محافظون في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بصورة علنية ومتكررة انتقاداتهم لقرار أذربيجان حظر ارتداء الحجاب، وحذروا السلطات في أذربيجان من توجهها صوب منحدر زلق، بمنعها الطالبات من ارتداء الحجاب في المدارس بتلك الدولة التي تقطنها أغلبية مسلمة شيعية، ويحتفظ مواطنوها بروابط قوية بالمسيحيين وزملائهم الأذريين في إيران.
ونقلت الصحيفة الأميركية لوس أنغلوس تايمز في هذا السياق عن رجل دين يدعى، فاروقي، خلال إقامته لشعائر صلاة الجمعة في مدينة أردبيل الأذرية في الجمهورية الإيرانية، قوله: quot;لقد تم تنظيم ثورة أيديولوجية في جمهورية أذربيجان، وستصبح تلك الدولة واحدة من المراكز الدينية في المستقبل. وهذا هو الموضوع الذي يثير ذعر الأعداءquot;.
وسبق للمسؤولين الإيرانيين أن طلبوا مراراً وتكراراً من الأجانب ألا يتدخلوا في شؤونهم الداخلية، من خلال إعرابهم عما يراودهم من مشاعر استياء. بيد أن السلطات الدينية الإيرانية لا تتورع على ما يبدو عن التدخل في شؤون الجارة أذربيجان. وسبق لرجل الدين الإيراني البارز آية الله ناصر مكارم شيرازي أن طلب بوضوح من شعب أذربيجان أن يرفض الحظر وأن يتصدى له عبر ممارسة العصيان المدني.
ونقلت إحدى الصحف الأذربيجية التي تصدر باللغة الإنكليزية عنه، قوله :quot; يجب على شعب أذربيجان أن يقاوم سلمياً هذا القرار المناهض للإسلام وأن يمنع تشكيل تلك التحديات أمام القيمة الإسلامية المقدسة. وينبغي أن تُوَجَّه النصيحة إلى كبار الشخصيات الأذربيجانية بألا تخضع للمحرضين الأجانب وأن تستمع إلى صوت شعبهمquot;.
هذا وقد عمَّت أجزاء من أذربيجان تظاهرات غاضبة بسبب القواعد الجديدة الخاصة بالزى المدرسي، والتي أعلنها بصورة شفهية وزير التعليم الأذربيجاني، ميسير ماردانوف. وفي تصريحات مبهمة لوسائل الإعلام، حَمَّلَ الوزير جهات خارجية وصفها بـ quot; المُحَرِّضَةquot;، دون أن يُسَمِّها، مسؤولية وقوفها وراء جزء من تلك التجمعات.
ورغم أن ماردانوف لم يشر إلى دولة بعينها، إلا أن مسؤولين رفيعي المستوى في أذربيجان سبق لهم أن حذروا دبلوماسيين أميركيين من quot;استفزازاتquot; إيرانية محتملة، وذلك وفقاً لما ورد ببرقيات دبلوماسية أميركية نُشِرَت على موقع ويكيليكس.
وختمت لوس أنغلوس تايمز بقولها إن خطوة حظر ارتداء الحجاب على الطالبات في المدارس، تأتي في وقت تشهد فيه العلاقات بين باكو وطهران حالة فعلية من التوتر، وهو ما يعود جزئياً إلى العلاقات الودية التي تربط الحكومة الأذربيجانية بأعداء إيران اللدودين، إسرائيل والولايات المتحدة.
كما يعتقد، وفقاً للصحيفة، أن هذا القرار قد تسبب في توسيع هوة الخلافات بين الحكومة العلمانية التي يتزعمها الرئيس إلهام علييف والأعداد المتزايدة في البلاد من المسلمين الورعين والرتب الدينية، التي تشتبه الحكومة في أن المسؤولين الإيرانيين هم من يقومون بتحريضهم.
التعليقات