كرزاي من لندن إلى مكة والرياض... والهم شرق

كابول: أطلق الرئيس الأفغاني حامد كرزاي مبادرة رفيعة المستوى للمصالحة مع quot;اخوانه الذين يتحررون من الوهمquot; في حركة طالبان لكن قلة في أفغانستان تشعر بالامل في احراز تقدم سريع في الوقت الذي يشتم فيه المقاتلون رائحة النصر في ساحة المعركة.

وفي مؤتمر عقد بلندن الاسبوع الماضي ساند المجتمع الدولي جهود كرزاي لبدء محادثات ووعد المانحون بتقديم مئات الملايين من الدولارات لصندوق جديد لدفع مبالغ مالية للمقاتلين حتى يلقوا السلاح. ودعا كرزاي زعماء طالبان الى حضور مجلس (لويا جيركا) للسلام يأمل عقده في غضون أسابيع.

وquot;لويا جيركاquot; اجتماع تقليدي لشيوخ القبائل كان يستخدم في حل الازمات الوطنية على مدار عقود من التاريخ الأفغاني. وأصبحت الدول الغربية التي تتطلع الى الخروج من حرب مستمرة منذ ثماني سنوات والتي لم تعد مؤمنة بالحل العسكري البحت اكثر تقبلا من اي وقت مضى لان تلعب طالبان دورا بعد اعادة تأهيلها. وهي تأمل أن تساعد حملة كبيرة هذا العام يدعمها 30 الف جندي أميركي اضافي من المتوقع أن تبدأ أولى عملياتها الكبرى في غضون أيام على دفع طالبان الى مائدة المفاوضات.

لكن في الوقت الذي يزيد فيه المقاتلون من احكام سيطرتهم على أجزاء كبيرة من البلاد ويلحقون خسائر قياسية بقوة عظمى تقول بالفعل انها ستبدأ الانسحاب العام القادم يصعب تصور سبب لموافقة المقاتلين على القاء أسلحتهم. وحتى الان لم تظهر طالبان أي مؤشر على التراجع عن مطلبها الرئيسي بأن تنسحب جميع القوى الغربية من أفغانستان قبل خوض المحادثات.

وقال وحيد مجاهد وهو كاتب عمل بوزارة الخارجية في عهد طالبان quot;هذه الجهود لن تؤتي ثمارا.quot; وأضاف quot;لا أرى أي تغير لان طالبان ملتزمة بموقفها القديم ولا أستطيع أن أري أي جديد من ناحية كرزاي ايضا.quot; في ميدان المعركة تقول واشنطن انها تتوقع احراز تقدم ثابت هذا العام يمكن أن يدفع المقاتلين الى الدخول في محادثات لكن المرجح أن تكون النتائج على المدى القصير على الاقل دموية ومختلطة.

ووفرت quot;زيادةquot; أولى للقوات الأميركية أمر بها الرئيس الأميركي باراك أوباما في أوائل عام 2009 للقوات التي يقودها حلف شمال الاطلسي وقوامها 110 آلاف جندي مزيدا من السيطرة على أحد معاقل طالبان الرئيسية في اقليم هلمند. وفي الشهر الحالي سيظهر اول أثر لزيادة ثانية قدرها 30 الف جندي أعلنها أوباما في ديسمبر كانون الاول مع تقدم اخر كبير في هلمند.

غير أنه في حين استطاع الأميركيون تحقيق مكاسب في المناطق التي تنشط بها قواتهم الاضافية فان المقاتلين نشطون في أماكن أخرى ويشكلون حكومات ظل لطالبان في أماكن بالشمال والغرب كانت خاضعة لسيطرة كابول ذات يوم.

واستطاع المتشددون الحاق خسائر لم يسبق لها مثيل بالقوات الغربية مما أضر بالتأييد الشعبي للحرب في دول من الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة مثل بريطانيا وكندا وشنوا غارات اكثر جرأة على غرار عمليات القوات الخاصة في عواصم أقاليم وفي العاصمة كابول نفسها.

وعندما أعلن ارسال القوات الاضافية قال أوباما ايضا انه سيبدأ سحبها في منتصف 2011 وهي خطوة يعتبر الكثير من الأفغان أنها تعطي طالبان حافزا لاستهلاك الوقت. وحتى الان لم ترد طالبان على دعوة كرزاي لحضور (لويا جيركا).

وقال اياز وزير سفير باكستان السابق لدى أفغانستان لرويترز الاسبوع الماضي quot;لو كانوا يريدون المشاركة في هذه المجالس لما قاتلوا لثماني او تسع سنوات.quot; ولم تتوفر تفاصيل كثيرة بعد عن صندوق تمويل عملية اعادة دمج طالبان الجديد الذي يهدف الى توفير وظائف وأموال للمقاتلين السابقين الذين يبدون رغبة في الاندماج بالمجتمع من جديد.

وأحيطت المبادرة بالكثير من الدعاية الصاخبة في مؤتمر لندن لكن مسؤولين غربيين يعترفون بأن برامج مماثلة فشلت فيما سبق حيث لا تتوفر سيطرة كافية على من يتلقون الاموال ولا توجد ضمانات كثيرة لمنعهم من العودة الى القتال. ولدى سؤاله الشهر الماضي كيف يعلم أن برنامج اعادة الدمج الجديد سيحرز تقدما أفضل من المحاولات السابقة قال المبعوث الأميركي ريتشارد هولبروك quot;لا يمكن أن يكون الوضع أسوأ من هذاquot;.

ويقول دانييل كورسكي من المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية ان التوقعات التي ثارت في لندن باحراز تقدم سريع في المحادثات مع المتشددين البارزين وردية اكثر من اللازم. وأضاف quot;مؤتمر لندن كان شبه مضلل في تفاؤله... لنرفض فكرة أن المفاوضات ستحدث وفقا لجدول زمني يناسبنا. لنرفض فكرة أن 2010 عام حاسم.quot;

وقال كورسكي انه اذا كان الغرب وكرزاي يريدان من طالبان التفاوض فسيحتاجان اولا الى تحقيق انتصارات في ميدان القتال وتحسين قدرات الحكومة الأفغانية واضعاف وحدة طالبان من خلال برامج لاعادة الدمج تدار ادارة جيدة. ومضى يقول quot;لا عيب في ما يفعله كرزاي مادام يفهم ونحن نفهم أنه عمل تحضيري لن يؤتي ثمارا لوقت طويل.quot;