يتداول أقطاب في السياسة اللبنانيّة مع القريبين منهم وراء الكواليس آراءحول احتمال إجراء تعديل وزاري يشمل عددًا من الوزراء، بعدما تبيّن خلال مئة يوم من عمر حكومة الرئيس سعد الحريري أنّها عاجزة عن اتخاذ قرارات وتسجيل إنجازات بسبب تركيبتها التوافقية التي تفترض موافقة جميع الأطراف على أي قرار أو تعيين، مما حال ويحول دون ملء شواغر ستدهم الإدارة وقطاع الأمن قريبًا.

بيروت: علمت quot;إيلافquot; أن في مقدم الوزراء المرشحين لشمولهم بالتعديل وزير الخارجية والمغتربين الدكتور علي الشامي، وذلك لأسباب متعددة يأتي في طليعتها عدم رضا الجهة التي أتت به إلى الحكومة، أي ثنائي حركة quot;أملquot; ndash; quot;حزب اللهquot; عن أدائه في عدد من القضايا وهو الآتي فجأة من عالم التعليم الجامعي إلى أعلى منصب دبلوماسي في البلاد من دون المرور بمرحلة تمهيدية. ويسوق بعض مصادر المعلومات مثلاً أن الوزير الشامي تسبب بحرج للبنان عندما سأل وزير خارجية قبرص حيث كان برفقة رئيس الجمهورية ميشال سليمان في زيارة رسمية، quot;لماذا لا توافقون على اعتماد الحل الفيديرالي لحل مشكلتكم مع القبارصة الأتراك؟quot;.

فصدم نظيره القبرصي بالسؤال وسأله في المقابل :quot; لماذا لا تعتمدون أنتم في لبنان الحل الفيديرالي؟quot;. وما لبثت الدبلوماسية القبرصية أن وجهت سؤالاً استيضاحيًا إلى مراجع أعلى من الشامي فحواه quot; هل أنتم كدولة عضو في مجلس الأمن تشغل مقعدًا غير دائم تؤيدون الحل الفيديرالي للأزمة القبرصية؟ quot; وجاء الجواب بالطبع لا.

وإلى ذلك ألزم وزير الخارجية والمغتربين صلاحيات له في الوزارة لقريبين منه مستشارين من خارج الوزارة تسبب بعضهم بمشاكل مع كبار الموظفين أدت إلى شل العمل في بعض المواقع الحساسة وإلى أجواء غير طبيعية في العلاقة بين المركز في بيروت والسفراء في الخارج. كما تلكأ عن مرافقة مسؤولين في زيارات رسمية شديدة الأهمية بالنسبة إلى quot;أمل quot; وquot;حزب اللهquot; اللذين يتمسكان بوزارة الخارجية بغية الإطلاع بدقة على ما يجري في سياسة لبنان الخارجية والتأثير فيها.

ليست الخارجية سوى أحدى الوزارات المرشحة لتشهد تغييرًا، لكن الفارق بين وضع الشامي وآخرين من زملائه في الوضع نفسه إنهم ليسوا موضوعين تحت المجهر بسبب الدور الثانوي لوزاراتهم. وتقتصر الشكوى من ضعف أدائهم على همهمات في الدوائر الضيقة لقيادات الأحزاب التي أتت بهم إلى الوزارة. إلا أن مسألة إجراء التعديل الحكومي تظل مرتبطة بالجو السياسي العام، وهي طبعًا لن تكون في حال طرحها من أجل تحسين إنتاجية الحكومة بل لإعادة أجواء التجميد إلى العلن وطرح الخلافات السياسية الرئيسة، مثل الموقف من سلاح quot;حزب اللهquot; وغيره، على بساط البحث مجددًّا.

وقد يلجأ بعض الأطراف إلى تحريك الوضع الحكومي في هذا الشكل إذا تحقق ما يسري من معلومات عن تطورات مهمة في المحكمة الدولية لقتلة الرئيس رفيق الحريري، إذ ذكرت إحدى الصحف البيروتية ( اللواء) أن المدعي العام دانيال بلمار طلب توفير 300 ضابط وجندي من الجيش اللبناني وقوى الأمن لجلب شخصيات إلى المحكمة في حال عدم التجاوب مع طلب استدعائها إليها. ومعلوم أن هذه المسألة شديدة الحساسية في لبنان وتسببت ماضيًا بخلافات حادة بين الأفرقاء السياسيين فيه، وإثارتها مجدّدًا في شكل فج تحمل على القلق.

وكانت حكومة الحريري قد نالت ثقة مجلس النواب قبل نحو 90 يومًا في 10 كانون الأول / ديسمبر 2009، وبوصولها إلى اليوم المئة من عمرها تنتهي quot;فترة السماح quot; لتبدأ عملية حساب ما أنجزت ومطالبتها بتحقيق الوعود. وإذا كانت لدى الحكومة بعض الأسباب التخفيفية لتأخر حسمها بعض الملفات، ولا سيما انهماك الدولة برمتها في معالجة كارثة الطائرة الأثيوبية المنكوبة التي حلت مأساة على لبنان، فإن بعض المراقبين يرى أن آلية العمل في حكومة ائتلاف وطني كالتي يرأسها الحريري حاليًا وغلبة التوافقية على الآلية الديمقراطية التقليدية في اتخاذ القرارات لا بد من أن تبطئا من عملها.

ولم تنجز الحكومة شيئًا حتى الان تحت وطأة الاعتراض والتعطيل اللذين يكملان مسار ما كان يحصل في الحكومة السابقة، وإن بأسلوب ألطف.

وفي هذا الوقت تحافظ مواقف مسؤولين من الأحزاب والتيارات المشاركة في الحكومة على الوتيرة نفسها من التشنج التي كانت سائدة قبل تأليف الحكومة الحالية، وحتى من الاستفزاز إلى حد كبير، عبر تجاوز ما يمكنأن يعالج على طاولة مجلس الوزراء او على طاولة الحوار حتى يكون مادة لفرض أمر واقع ليس أكثر ولا أقل. وهذا ينذر، بالنسبة الى البعض، ببقاء الوضع في لبنان صعبًا على الرغم من جهود رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري وسعيهما الى التوفيق بين الجميع، كما يؤكد بقاء الوضع على قدر كبير من الهشاشة. وقد أظهرت الملفات المطروحة على الطاولة منذ قيام الحكومة انها مرشحة لأن تتحول إلى أداة تعطيلية حتى لاستحقاقات دستورية أساسية مثل الانتخابات البلدية.

والانطباع السائد ان الانجاز سيغيب عن quot;حكومة التوافق الوطنيquot; الراهنة التي تمت بولادة قيصرية بعد مخاض خمسة اشهر، فهي تواجه صعوبات فائقة في انجاز التشكيلات والتعيينات في وزارة الخارجية. وتواجه ايضاً مشكلات في غالبية التعيينات التي ينتظرها اللبنانيون في اكثر من ادارة عامة ومؤسسة عامة ومرفق عام، وهي لم تتمكن من الوفاء بوعد قطعته للناس وهو خفض سن الاقتراع الى ١٨ سنة، ولا بوعد آخر هو انجاز آلية اشتراك اللبنانيين المغتربين في الانتخابات النيابية وهم في اغترابهم. والأرجح أنها لن تتمكن ايضًا من اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، لذلك قد لا يكون مستبعدًا التفكير في تغيير حكومي شامل حتى في الأشهر المقبلة.