أثارتالعملية الناجحة لإستئصال المرارة، التي أجراها الرئيس المصري حسني مبارك في إلمانيا،العديد من التساؤلات حول التحوّل المفاجىء للإدارة المصريّة، وكشفها عن أمر يعتبرquot;سراً من أسرار الدولةquot;، وعزا الخبراء ذلكإلى تغير في مفهوم السلطة، بينمارأى البعض الأخر أنها محاولةلإظهار شفافيّة الدولة قبل أشهر من إنتخابات مجلس الشورى .

تغير أسلوب الدولة فى التعاطي مع صحة الرئيس حسني مبارك هذه المرة، وتكاثرت الأخبار على شاشات التلفزيون الرسمي وغير الرسمى، وتحدثت الصحف المختلفة الحكومية وغير الحكومية عن العملية الجراحية التي أجراها الرئيس مبارك فى ألمانيا، ما أثار دهشة المواطنين الذين استغربوا من قراءة أخبار كانت تعتبرها الدولة حتى وقت قريب quot;سراً من أسرار الدولة quot;، وغذي في الوقت نفسه، من التكهنات حول سبب تغير تعاطي الدولة مع هذه القضايا الحساسة فى هذا التوقيت .

وكان الرئيس مبارك 81 عاما قد اجرى أمس عملية جراحية لاستئصال الحوصلة المرارية فى مستشفى بألمانيا، وأشارت أخر التقارير الواردة من هناك ان الرئيس يتعافى وأنه تحدث الى افراد عائلته والفريق الطبي المعالج . وتأتى الجراحة المفاجئة للرئيس وسط مناقشات محمومة اشتدت مؤخرا حول قضية الخلافة، خصوصاً مع قرب انتهاء ولاية الرئيس مبارك وعقد الانتخابات الرئاسية العام المقبل . وتثار تكهنات شديدة على الساحة المصرية حول ما اذا كان الرئيس مبارك، الذى تولى السلطة خلفاً للرئيس السادات عام 1981، سيرشح نفسه لفترة جديدة، ام ان الحزب الوطنى الحاكم سيرشح نجله جمال مبارك، أمين لجنة السياسيات بالحزب .

وكان لافتاً وغريباً للمواطنين إذاعة نبأ صحة الرئيس على الملأ، حيث لم ينقطع خبر الجراحة الناجحة التى أجراها الرئيس من على شاشات التلفزيون طوال اليوم،ونشر في جميع الصحف تقريباً. كما تعاملت الهيئة العامة للاستعلامات بشفافية وأشارت في بيان لها ان الرئيس مبارك نقل السلطة الرئاسية مؤقتاً لرئيس وزرائه الدكتور أحمد نظيف، قبل إجراء العملية الجراحية في مستشفى جامعة هايدلبرغ .

وبدا أن الدولة حرصت على إذاعة خبر صحة الرئيس على الملأ منعاً لتكرارأي شائعات او أقاويل تتناول صحته بصورة قد تحدث بلبلة، كما حدث قبل عامين عندما نشرت إحدى صحيفة quot; الدستورquot; المستقلة خبراً عن مرض الرئيس مبارك وإصابته بقصور فى الدورة الدموية، وقضت محكمة بعام سجن على رئيس تحرير الصحيفة ابراهيم عيسى قبل ان يصدر الرئيس مبارك قرار بالعفو عنه. لكن لا يبدو ان الهدف من تغير مفهوم السلطات الرسمية إزاء صحة الرئيس هو وأد الشائعات فقط، بحسب خبراء .

من جهته، اعترف محمد عبد الله العضو البارز بالحزب الوطني بحدوث تغيير، قائلاً ان هذا دليل على تغير المفهومquot;، مضيفاًان صحة الرئيس مسألة هامة، ولا يوجد هناك ما يدعو للحرج من ان يقوم الرئيس بعمل فحوص طبية أو يجرى عملية جراحية. وتساءل : لماذا ينبغي لنا الحفاظ على سرية ذلك وإعطاء الناس فرصة لان تنشر الشائعات؟ .

ويصف الخبراء هذا التغير فى موقف السلطات بـquot; التقدم، لكنه تقدم تأخر كثيراً، وكان يجب ان يأتي مبكراً جداً quot;، مشيرين الى انه من الحكمة أن يعلنالرئيس ذلك مقدماً، لمواجهة خطر التسرب كما حدث في الماضي . وارجع الخبراء سبب قيام السلطات المصرية بالإعلان عن علاج الرئيس فى ألمانيا الى quot;محاولتهم تفادى أخطاء الماضي والعمل بشفافية quot; بحسب قولهم لإيلاف .

ومن جانبه، يرى الناشط الحقوقي هشام قاسم ان الدولة تحاول ان تصبح أكثر شفافية وتريد ان تترك وورائها تاريخ من السرية باعتبار الحالة الحية للرئيس سراً من أسرار الدولة، لكنه يعتقد انه من الصعب، بعد عقود طويلة من السرية، ان يتقبل المواطنون بسهولة ان الحكومة تريد الآن أن تكون شفافة وصادقة . ويرى قاسم ان الحكومة ستحاول ان تصبح أكثر شفافية فى الأشهر القادمة التي ستشهد انتخابات مجلس الشورى و الشعب quot; غرفتي البرلمان المصريquot; وستحاول بكل نشاط توصيل هذه الرسالة من خلال قضايا أخرى عديدة.