قرار الاستيطان يضع إسرائيل في موقف حرج

القضايا الرئيسية في عملية السلام الفلسطينية الاسرائيلية

تأزمت بشدة العلاقات الإسرائيليّة الأميركيّة المهمة بالنسبة إلى الشرق الأوسط المضطرب بينما سعى دبلوماسيّون لإنقاذ محادثات السلام مع الفلسطينيين تتوسط فيها واشنطن.

تل أبيب، واشنطن: أعلن متحدث عسكري إسرائيلي الأحد أن الجيش الاسرائيلي إعتقل أحد قادة حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في الضفة الغربية تطارده اسرائيل منذ سنوات. وأوضح المصدر نفسه ان ماهر عودة (47 عامًا) احد مؤسسي الجناح العسكري لحماس في الضفة الغربية اعتقل في منطقة رام الله بشمال الضفة الغربية ليل السبت الاحد. واضاف متحدث عسكري لوكالة الأنباء الفرنسية quot;انه كان ملاحقًا منذ أواخر التسعينات لضلوعه في سلسلة هجمات انتحارية في اسرائيل اوقعت سبعين قتيلاًquot;.

واعتبرت حماس اعتقال احد القادة البارزين في جناحها العسكري في الضفة الغربية quot;ثمرة التنسيق الامني الخطيرquot; بين السلطة الفلسطينية واسرائيل. وقال فوزي برهوم المتحدث باسم حماس لوكالة الانباء الفرنسية ان اعتقال ماهر عودة quot;ثمرة التنسيق الامني الخطير بين السلطة الفلسطينية والاحتلال حيث كان مطلوبا ومطاردا للطرفينquot;، مضيفا ان الاعتقال quot;جزءا من المنهج الصهيوني لقمع حماس والمقاومة في الضفةquot;.

واعتبر برهوم ان quot;استمرار التنسيق الامني وأد للمصالحة لانه يأتي في اطار استئصال حماس وتقوية حركة فتح.. اعتقال اي قيادي من حماس ياتي بموجب خارطة الطريق ذات الشق الامنيquot;.وشدد برهوم على ان التنسيق الامني يشكل quot;عقبة كبيرة امام جهود المصالحة الوطنيةquot;.

في غضون ذلك، اعتبر كبير مستشاري الرئيس باراك اوباما الاحد ان اعلان اسرائيل بناء 1600 وحدة سكنية يهودية في القدس الشرقية يعتبر quot;اهانةquot; للولايات المتحدة ويعرض عملية السلام للخطر.

وقال ديفيد اكسلرود لشبكة quot;سي ان انquot; ان هذا الاعلان اعتبرته واشنطن quot;تحدياquot;، مضيفا ان quot;الامر كان اهانة. لكنه نسف خصوصا المحاولة الهشة جدا لارساء السلامquot; في الشرق الاوسط، وتابع quot;لقد بدأنا لتونا مفاوضات غير مباشرة. نتنقل بين الفلسطينيين والاسرائيليين. ومجرد ان يصدر هذا الاعلان في هذا الوقت بالذات له اثار مدمرة جداquot;.

وخلال المقابلة، اعتبر اكسلرود ان رسالة واشنطن وصلت الى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو.من جانب آخر، توقّع مسؤول أميركي كبير quot;فترة من عدم اليقين هنا في الايام والاسابيع المقبلةquot; حيث يطالب الفلسطينيون بالتراجع عن خطة استيطانية إسرائيلية جديدة ويرد ائتلاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والذي يشمل أحزابًا موالية للمستوطنين على انتقادات واشنطن الحادة على نحو غير معتاد.

من جانبه دعا مدير دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات اليوم الأحد دول العالم الى تحويل انتقاداتها العلنية لاسرائيل الى افعال تلزمها بوقف الاستيطان في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة.

وقال عريقات لإذاعة quot;صوت فلسطينquot; صباح اليوم ان اسرائيل تواجه حملة استنكار غير مسبوقة لسياسة الاستيطان التي تتبعها بصورة لم يشهدها العالم من قبل. وشدد على ضرورة قيام دول العالم، ولا سيما الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي بعمل يلزم حكومة بنيامين نتانياهو بالغاء قرارات الاستيطان الاخيرة.

ووصفت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تصرف إسرائيل بأنه quot;مهينquot; بعدما وافقت إسرائيل على بناء 1600 منزل جديد الاسبوع الماضي في منطقة بالضفة الغربية ضمتها الى القدس بينما كان جو بايدن نائب الرئيس الأميركي في المنطقة للتوصل الى اتفاق على مفاوضات مع الجانب الفلسطيني بوساطة أميركية.

وقال بايدن لوكالة رويترز يوم السبت إنه يعتقد أن نتنياهو صادق في التوصل لاتفاق يمنح الفلسطينيين دولة وان رئيس الوزراء الإسرائيلي يدرك أن إسرائيل quot;ليس امامها بديل.quot; وعلى الرغم من تأكيد كلينتون أن علاقات واشنطن بإسرائيل quot;دائمة وقويةquot; فقد قالت لنتنياهو في مكالمة هاتفية يوم السبت انه ينبغي أن يعمل على اصلاح العلاقات مع واشنطن وابداء التزامه بتحالف مهم لأمن إسرائيل في منطقة معادية.

وقال مسؤول إسرائيلي طلب عدم نشر اسمه ان نتنياهو quot;يجري مشاورات مع اعضاء كبار في الحكومة.quot; وامتنع عن ذكر تفصيلات. وسئل المسؤول عن خطوة نتنياهو التالية لمحاولة اصلاح علاقات إسرائيل مع حليفتها الرئيسية فقال quot;لن نعرف الا بعد انتهاء المشاورات.quot;

وقبلت كلينتون أن نتنياهو فوجئ بقرار الموافقة على البناء الاستيطاني الذي أصدرته يوم الثلاثاء وزارة الداخلية الإسرائيلية التي يسيطر عليها حزب شاس الديني الموالي للمستوطنين لكنها قالت ان رئيس الوزراء ما زال مسؤولاً عنه. وقال متحدث باسمها انها ابلغت نتنياهو بأن القرار quot;اشارة سلبية للغاية بشأن نهج إسرائيل تجاه العلاقات الثنائية ... وقوضت الثقة في عملية السلامquot;.

وصرح مسؤول أميركي كبير بأن وزارة الخارجية الأميركية استدعت السفير الإسرائيلي لدى واشنطن مايكل اورين للوزراة يوم السبت للاجتماع مع جيم ستينبرج نائب وزيرة الخارجية في علامة اخرى على استياء الولايات المتحدة من الاعلان الاستيطاني اثناء وجود بايدن في إسرائيل. وفي واشنطن وصفت رابطة مكافحة تشويه السمعة في واشنطن والتي تسعى لحشد الدعم لإسرائيل بين اعضاء الكونجرس الأميركي تصريحات كلينتون بأنها quot;رد فعل مبالغ فيه بشكل كبير.quot;

وقال ابراهام فوكسمان أحد أعضاء الرابطة quot;نحن مصدومون ومندهشون من نبرة الادارة وتعرية إسرائيل في العلن. وأضاف quot;لا يمكننا تذكر حالة فيها استخدام لغة بهذه الحدة مع دولة صديقة وحليفة للولايات المتحدة. لا يمكن للمرء سوى ان يتساءل عن المدى الذي يمكن ان تذهب اليه الولايات المتحدة في الابتعاد عن إسرائيل حتى ترضي الفلسطينيينquot;.

ويسعى الرئيس الأميركي باراك أوباما لتحسين علاقات الولايات المتحدة مع العالم العربي الذي يدعم الفلسطينيين كما يسعى لتعزيز التحالفات في المنطقة المنتجة للنفط وخاصة ضد ايران التي تطور تكنولوجيا نووية وضد اعداء اسلاميين مثل تنظيم القاعدة. ويعتقد بعض المحللين ان كسر الجمود بشأن اقامة دولة فلسطينية بعد 20 عامًا من المحادثات ربما يساعد على تحدي المفاهيم العربية بأن واشنطن عبد لإسرائيل وان كان الدعم القوي لإسرائيل في الكونجرس يعمل على الحد من الضغوط الأميركية.

وقال مساعدون للرئيس الفلسطيني محمود عباس انه ينتظر لقاء جورج ميتشل مبعوث أوباما عندما يعود الى المنطقة خلال الايام المقبلة قبل أن يتخذ قرارًا حول التزام قطعه قبل أسبوع ببدء محادثات مع نتنياهو عبر وسطاء أميركيين. وقضى ميتشل وادارة أوباما أول عام لهما في السلطة في الضغط على الفلسطينيين للتراجع عن مقاطعتهم المحادثات منذ الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في ديسمبر/كانون الاول 2008 .

وعلى الرغم من عدم رضائه عن قرار تجميد جزئي للبناء في المستوطنات يستمر عشرة شهور اتخذته إسرائيل في نوفمبر تشرين الثاني فان واشنطن مارست ضغطًا أكبر على عباس للعودة الى طاولة المفاوضات. ووافق الرئيس الفلسطيني قبل أسبوع على محادثات غير مباشرة مع إسرائيل تستمر أربعة أشهر بعد موافقة جامعة الدول العربية على الامر مما أعطى لعباس غطاء سياسيًا أمام انتقادات من حركة المقاومة الاسلامية (حماس).

وقال صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين quot;الرئيس عباس قال للأميركيين انه سيكون من الصعب جدا التوجه لاي محادثات دون الغاء القرار الإسرائيلي ببناء 1600 وحدة استيطانية في القدس الشرقية والتعهد بعدم القيام بأي عطاءات أو نشاطات استيطانية في المستقبل وان الجانب الفلسطيني ينتظر الرد مع قدوم المبعوث الأميركي ميتشلquot;.

وقال مسؤول أميركي كبيرإنّ واشنطن قد تركز على التقليل من أهمية موافقة إسرائيل على بناء وحدات استيطانية جديدة بالقول ان ذلك لن يحدث قبل عام على الاقل وان واشنطن تتفهم الصعوبات التي تواجه نتنياهو. ووصف المسؤول موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه شائك بسبب اعتماد ائتلافه على جماعات موالية للمستوطنين.

لكنه قال ان واشنطن تتوقع أيضًا أن يتجنب نتنياهو أي تكرار لنزاعات حول المستوطنات وقال quot;يعلم الإسرائيليون أن الطريقة الوحيدة للبقاء في الجانب الايجابي من المعادلة معنا وعلى الصعيد الدولي هي ألا تتكرر هذه النزاعاتquot;.

وحتى مجال المحادثات المحتملة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني محل شك ولا يرى كثيرون احتمالاً سريعًا للتوصل الى حل للصراع. وترفض إسرائيل حتى الان مطالب فلسطينية بأن تشمل المحادثات غير المباشرة quot;قضايا الوضع النهائيquot; ومن بينها الحدود واللاجئين ووضع مدينة القدس.

من جانب آخر، مرت وزارة الدفاع الإسرائيلية بتمديد الاغلاق الكامل المفروض الجمعة على الضفة الغربية حتى منتصف ليل الثلاثاء بعدما كان مقررًا أساسًا حتى منتصف ليل السبت، وذلك تحسّبًا لردّ عنيف على الدفع الجديد الذي اعطته الحكومة الإسرائيلية للاستيطان.

وأمر وزير الدفاع ايهود باراك السبت بتمديد هذا الاغلاق الصارم المفروض على الضفة الغربية حتى منتصف ليل السبت اساسا quot;لدواع امنيةquot; نظرًا لخطر وقوع هجمات، بحسب ما ذكر ناطق عسكري. ودخلت الاجراءات حيز التنفيذ منتصف ليل الخميس الجمعة وتستمر لغاية منتصف ليل الثلاثاء الاربعاء.

ويعمد الجيش الإسرائيلي منهجيًّا الى اغلاق الضفة الغربية بمناسبة كل عيد يهودي، لكنها المرة الاولى منذ اكثر من سنة التي يتخذ فيها قرار الاغلاق من دون ان تحتفل إسرائيل بأي عيد. كما اعلنت الشرطة الإسرائيلية التي تخشى صدامات جديدة، مساء السبت ان الدخول الى باحة المسجد الاقصى سيحظر مجددًا الاحد على الرجال الذين لم يتجاوزوا الخمسين من العمر، على ان تبقي الشرطة على تعزيزاتها الامنية في القدس الشرقية.

وقد حصلت صدامات عنيفة الجمعة الماضي في باحة المسجد الاقصى بعد قرار رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ادراج موقعين دينيين في الضفة الغربية هما الحرم الابراهيمي في الخليل وقبر راحيل في بيت لحم على لائحة التراث التاريخي لإسرائيل. واصيب إسرائيليان بجروح طفيفة مساء السبت جراء القاء زجاجة حارقة على آليات على طريق عام يربط القدس بتل ابيب، بحسب الشرطة.

كما افادت الشرطة عن اطلاق صاروخ قسام مساء السبت على جنوب إسرائيل بدون ان يسفر عن اصابات او اضرار. واندلعت مواجهات السبت بين نحو مئتي متظاهر من الفلسطينيين نددوا بمواصلة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية وخصوصا في القدس الشرقية، والجيش الإسرائيلي عند حاجز قلنديا في شمال القدس داخل الضفة الغربية كما ذكرت وكالة الانباء الفرنسية. واعلن رئيس البرلمان الاوروبي جرزي بوزيك خلال زيارة الى عمان ان اغلاق الضفة الغربية quot;لا يساعد. اننا اليوم في حاجة الى اي خطوة حسن نية لتحريك عملية السلام في اسرع وقتquot;.

برلمانيو quot;الاورومتوسطيquot; ينتقدون إسرائيل لتوسعها الاستيطاني ورفض quot;الدولتينquot;

إلى ذلك، وجه عدد من أعضاء الوفود العربية والأوروبية المشاركة في اجتماعات الجمعية البرلمانية الاورومتوسطية التي بدأت في عمان يوم أمس إنتقادات واسعة للسياسات التي تنتهجها حكومة تل أبيب تجاه عملية السلام بالتوسع في بناء المستوطنات ورفضها مبدأ حل الدولتين.

وطالب غالبية الأعضاء إسرائيل بالالتزام بقرارات الشرعية الدولية واتخاذ خطوات لإيجاد حلول للقضية الفلسطينية وفق مبدأ حل الدولتين. جاء ذلك خلال مناقشة جلسة عقدت اليوم في عمان لمناقشة عملية السلام في الشرق الأوسط.

وطالب عدد من الأعضاء بضرورة الإقرار بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على أرضه التي احتلت عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف وحق اللاجئين في العودة وفق القرارات الدولية وتكون هذه الدولة جنبًا إلى جنب مع دولة إسرائيل لتعيش الدولتان في سلام وكما جاء في المبادرة العربية للسلام.