القوى الكبرى تتفق على استراتيجيّة حيال إيران

سعود الفيصل: الصين تدرك مسؤولياتها إزاء إيران

طهران: اصبحت الصين التي يزورها وزير الخارجية البريطاني حاليا، الشريك الاقتصادي الاول لإيران حيث توظف استثمارات ضخمة في القطاع النفطي، مغتنمة انسحاب الغربيين بعد فرض العقوبات الدولية على طهران. وباشر ديفيد ميليباند الاثنين زيارة للصين يبحث خلالها بشكل اساسي الملف النووي الإيراني.

وتصدرت الصين خلال العام 2009 الشركاء التجاريين لإيران مع ارتفاع حجم المبادلات بين البلدين الى 21,2 مليار دولار بالمقارنة مع 14,4 مليار دولار قبل ثلاث سنوات، ما يؤكد تنامي العلاقات بينهما باطراد بعدما كانت شبه معدومة قبل 15 عاما حيث لم تكن تتجاوز 400 مليون دولار عام 1994.

وما شجع هذا التطور في العلاقات التجارية بين بكين وطهران الحظر الغربي الذي فرض على إيران وقد امنت الشركات الصينية العام الماضي 13% من واردات إيران المباشرة بما يمثل حوالى ثمانية مليارات دولار، والحصة نفسها على الارجح من واردات إيران غير المباشرة عبر الامارات العربية المتحدة بحسب الصحافة.

وبذلك تكون الصين حلت محل المانيا المزود الاول لإيران منذ اكثر من عشرين عاما. وتوقع خبير اوروبي ان يتواصل تزايد المبادلات بين البلدين عام 2010 مفيدة من انتعاش الاقتصاد العالمي. ووقعت الشركات الصينية عددا من العقود الضخمة منها عقد لبناء طريق عام يربط طهران ببحر قزوين.

غير ان تعاون بكين الاقتصادي مع إيران تركز بصورة خاصة في قطاع الطاقة بعد الانسحاب التدريجي لشركات النفط الغربية. وطهران هي ثالث مصدر نفط خام للصين (11,4% من الواردات الصينية عام 2009)، بفارق كبير بعد انغولا والسعودية.

وفي المقابل، باتت الصين المستثمر الاجنبي الاول في إيران حيث وقعت عقودا بقيمة اجمالية تتراوح بين 15 و20 مليار دولار، فيما يجري التفاوض على عقود بقيمة مماثلة، بحسب تقديرات خبراء نفطيين في طهران.

وقال خبير طلب عدم كشف اسمه quot;وحدها بكين لا تزال تستثمر بكثافة في إيرانquot;، موضحا ان quot;الضغوط السياسية ومشكلات التمويل الناتجة عن الحظر المصرفي والمردود المالي غير الاكيد، كل ذلك ردع الشركات الغربية الكبرى الناشطة في إيران مثل توتال وشيل وايني وستايت اويل، عن توظيف استثمارات جديدة في هذا البلدquot;.

وتابع ان quot;الصين حلت محلها منذ 2005، وهي غير ملزمة بهذه القيود وتسعى لضمان امداداتها بالطاقة على المدى البعيدquot;. واستثمرت سي ان بي سي/بتروتشاينا، كبرى الشركات النفطية الصينية، عام 2009 ثمانية الى تسعة مليارات الدولارات في مشروعين نفطيين في خوزستان جنوب غرب إيران، وفي مشروع غاز في حقل فارس الجنوبي في الخليج حيث ستحل محل مجموعة توتال.

وتستمر شركة سينوبيك، الشركة الصينية الاولى لتكرير النفط، منذ 2007 في مشروع تقارب قيمته 3 مليارات دولار لاستغلال حقل يادافاران النفطي في خوزستان. كما اشار الخبراء الى توقيع الشركات الصينية العديد من العقود لتحديث وسائل الانتاج والتكرير في إيران، وهي تمد إيران بحسب صحيفة فايننشل تايمز بثلث الوقود الذي تستورده لافتقارها الى وسائل التكرير.

لكن عاطف هايري رئيس مجلس ادارة شركة بيديجست.كوم الاعلامية الاقتصادية لفت الى ان quot;الشركات الصينية تواجه قدرا من الريبة وتصطدم بحواجز ثقافية ولغوية قويةquot;. كما ان بكين قد تتردد في التضحية بمصالحها العليا في سبيل إيران، واوضح تشو ويلي اختصاصي شؤون الشرق الاوسط في جامعة شانغهاي للدراسات الدولية بهذا الصدد ان quot;للصين مبادلات تجارية ضخمة مع الولايات المتحدة واوروبا واليابان، في حين ان حجم مبادلاتها مع إيران لا يزيد عن عشرين مليار دولار في السنةquot;.