نمت منذ عقود عديدة صداقة حميمة بين طيور quot;اللقلقquot; وسكان مدينة الفارو الاسبانية.

صلاح سليمان: اصبحت مدينةquot; الفاروquot; في شرق اسبانيا ذات شهرة خاصة، فقبل سنوات عدة حطت فيها اسراب من طيور اللقلق وعششت في مبانيها التاريخية واسطح منازلها، ومع مرور الوقت تزايدت اعدادها بشكل ملحوظ وتكاثرت حتى ان اسطح المباني والكنائس اصبحت تزدحم بأعشاشها.

في قلب المدينة، يستطيع السياح ان يروا صورة تتكرر مع بداية فصل الصيف إذ تهبط اسراب اللقلق فيها وتبني اعشاشها في كل مكان وخصوصاً على برج وسطح كنيسة quot;القديس ميخائيلquot; القديمة والاسطح المجاورة. يذكر ان اكثر من 120 عشا يقع في هذه المنطقة وبعد موسم التكاثر يعتقد ان عددها يصل الى اكثر من 500. ويقول اهالي المدينة انها اكبر مستعمرة سكنية لطيور اللقلق في العالم.

احد سكان المدينة التي عششت طيور اللقلق فوق سطح منزله رأى ان الطيور التي هبطت على اسطح المنازل كانت في البداية خجولة ولكنها راحت تتكرر وتتزايد في كل عام حتى اصبحت المدينة مكانا محببا لها. ويبدو ان الامر محير لسكان المدينة عن اسباب اختيار اللقلق للعيش بينهم، لكن في كل الاحوال هم فخورون بالعيش بجوار الطيور، وتولّدت الفة بينهم الان فالسكان يحبون الطيور، وبدورها الطيور لم تعد تشعر بالخوف منهم، وربما ان هذه الصداقة التي نمت بين الطرفين دفعت الطيور الى الاعتقاد بان العيش مع الانسان هو اكثر امنا من العيش وسط الحيوانات المفترسة.

ورأى سكان المنطقة ايضا ان محيط مدينة الفارو يبدو مكانا مثإليا للطيور فهو رطب ومليء بالحشرات التي يعتمد عليها اللقلق في الغذاء، على سبيل المثال فإن الارض في منطقة quot;ايبرو ريوquot; القريبة من الفارو تكثر فيها المستنقعات الغنية بالاسماك والفئران والضفادع والديدان، وكثير من انواع الحشرات الاخرى، لهذا تتخذها الطيور مكانا مناسبا للبحث فيها عن طعامها، وفي الاوقات العصيبة التي تجف فيها هذه المستنقعات فان الطيور تتجه للبحث عن الطعام في مقالب النفايات وفي طرقات المدينة، ويبدو الاهالي سعداء عندما تهاجم اللقالق الفئران وتقوم بتنظيف المدينة منها.

لكن يبدو ان جنة اللقالق وسط البشر اصبحت مهددة فالقائمون على امر كنيسة سان ميجيل يرون ان الكنيسة اصبحت مهددة بالسقوط بعد ان زادت اعشاش الطيور عليها بشكل ملحوظ، كذلك فان برج الكنيسة المتخم بالاعشاش هو الاخر في مرحلة الخطر لهذا ترى بلدية المدينة البدء بازالة اعشاش الطيور الثقيلة من على اسطح المدينة واخلاء سطح الكنيسة بالكامل لاعادة ترميمها من جديد.

رغم ان سكان المدينة يخافون على المباني من التحطم او التشويه إلا أنهم سعداء بان أصبح لمدينتهم شهرة عالمية كونها عاصمة لطيور اللقلق، خصوصاً وانهم يحبون هذه الطيور بشكل كبير ويقومون باطعامها في الشوارع وفي الطرقات ويلعب معها الاطفال الصغار ويلتف حولها السياح لالتقاط الصور.

من جهة اخرى يرى سكان المدينة ان اختيار اللقلق لمدينتهم لم تكن هي المصادفة الاولى الغريبة فيها، فهناك مصادفة اخرى يعرفها اهالي الفارو، وهي انها تشتهر بانها المدينة الاولى في اسبانيا التي ينجب سكانها مواليد توائم.

واوحت هذه الصداقة بين الانسان واللقلق احد كتاب السيناريو في المدينة لان يعكف على اعداد فيلم عن قصة هذه المدينة مع اللقالق وسيكون عنوان الفيلمquot; جنة اللقلق المهددةquot;.