نجحت المساعي التي قام بها الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله،وحدّد الخميس المقبل، على الأرجح، موعدًا لزيارة جنبلاط إلى العاصمة السورية دمشق، بعد فراق طويل، وترقّب طال إنتظاره.

بيروت: تتوّج دمشق عودتها إلى الإمساك إلى حد بعيد بالحياة السياسية في لبنان بعد خروجها العسكري quot;المذلquot; منه ربيع العام 2005 باستقبالها الخميس المقبل على الأرجح، رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي كان عمليًّا قائد quot;إنتفاضة الإستقلالquot; إثر اغتيال الرئيس السابق للحكومة اللبنانية رفيق الحريري، جنبلاط الذي لولاه لما كان تحقق يوم quot;14 آذارquot; (مارس) التاريخي ذلك العام.

رفاق جنبلاط السابقون في حركة quot; 14 آذارquot; إلتزموا الصمت بعد إعلان quot;حزب اللهquot; في بيان مساء الإثنين نجاح مساعي الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في إقناع القيادة السورية باستقبال الزعيم الإشتراكي، لكن أحد السياسيين ممن يعتبرون فاعلين والمتمسكين بمواقف الحركة والإستمرار في خطها السيادي، قال لـ quot;إيلافquot; إن ما ورد في بيان quot;حزب اللهquot; عن إستقبال جنبلاط في سورية هو quot;مهينquot;.

وكان قد جاء في البيان أن quot;القيادة السورية نظرًا إلى حرصها على احسن العلاقات مع جميع اللبنانيين، وجميع القوى السياسية في لبنان، ومع الاخذ في الاعتبار كل المواقف والمراجعات والتطورات التي حصلت أخيرًا، فإنها ستتجاوز عما حصل في المرحلة السابقة، وستفتح صفحة جديدة تأمل ان تعود بالخير على الجميعquot;.

وبذلك سقط احتمال، بل رهان لدى فريق من المتابعين على أن القيادة السورية لن تستقبل جنبلاط مهما فعل وأنها بالأحرى لن تستقبله زعيمًا، وستمضي في تدفيعه ثمن مواقفه السابقة منها سياسيًا، وقيل إن عليه التخلي عن بعض مساعديه مثل الوزيرين وائل أبو فاعور وأكرم شهيب، كما عليه أن يتراجع أمام المحكمة الدولية عن إفادته أمام لجنة التحقيق الدولية أيام كانت برئاسة القاضي الألماني ديتليف ميليس، عندما اتهم القيادة في سورية باغتيال الرئيس رفيق الحريري.

وكشف لـ quot;إيلافquot; أحد السياسيين الذين يترددون على دمشق ويلتقي مسؤولين فيها إن إقدام جنبلاط على تضمين لائحتيه في الشوف وعاليه المرشحين الذين أصبحوا نوابًا - رئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون ونائب رئيس حزب quot;القوات اللبنانيةquot; جورج عدوان والكتائبي فادي الهبر- أثار استياء متجددًا في دمشق من جنبلاط الذي كان قد بدأ قبل الإنتخابات مسيرة معاودة التقرب من العاصمة السورية.

وأضاف: أصيبت بعض الأوساط المطلعة بـ quot;نقزةquot; بعد مقتل أحد الشبان في ظروف غامضة في منطقة حاصبيا بإطلاق الرصاص في سيارته قبل نحو شهرين، وهو من أنصار جنبلاط وقيل إنه ممن شاركوا في المواجهات التي جرت في منطقة الشويفات خلال حوادث 7 أيار ( مايو) 2008. وثمة من اعتبر أن في الأمر رسالة ما. ولم تكبر القضية بل كان حرص على quot;استيعابهاquot;.

من جهة أخرى، عبّر مسؤولون سوريون غير مدنيين لبعض زوارهم اللبنانيين عن استياء من عودة أنصار حزب quot;القوات اللبنانيةquot; إلى مناطق الجبل. علمًا أن هؤلاء يحرصون حرصًا شديدًا حتى في عز التفاهم السياسي الكامل مع جنبلاط تحت مظلة quot;14 آذارquot; التي كانت تجمعهم، على ألا يكون حضورهم منظورًا وفاقعًا، أو مخالفًا لتوجهات جنبلاط وحزبه في الشؤون المحلية، وذلك لعدم إثارة أي حساسيات بالنظر إلى الماضي الدامي بين الفريقين .

وكان لغط ساد بعد حديث جنبلاط في إطلالته الإعلامية عبر قناة quot;الجزيرةquot; السبت الماضي (حديث وصفه الرجل بأنه quot;آخر الكلام) لأنه قدم فيه اعتذارًا ضمنيًا غير واضح عن كلامه في حق الرئيس السوري بشار الأسد ، إذ قال إنه كلام quot;غير لائق وغير مألوف وصدر عني في لحظة غضب وتوتر وفي quot;ساعة تخلquot; ، بمعنى إنه لم يكن مسيطرًا خلال ذلك الوقت على انفعالاته ، ولم يعتذر من الشعب السوري بعدما قيل إن هذا الإعتذار مطلوب منه أيضًا.

واعتبر حلفاء لدمشق في لبنان بعد حديث جنبلاط أن كلام الرجل ومواقفه من حلفائه السابقين في قوى 14 آذار ( مارس) جاءتأقل سلبية مما كانت عليه في الأشهر الماضية، حتى ان جنبلاط تحدث عنquot; العبور الى الدولةquot;، وعن أهمية اتفاق الهدنة مع اسرائيل، وعن انخراط quot;حزب اللهquot; في الجيش والدولة لاحقًا، وحرص على ابراز موقعه الوسطي بين الفريقين المتنازعين في لبنان والتمسك به. أي إن جنبلاط الذي أعلن في2 آب( أغسطس) الماضي خروجه من قوى 14 آذار، لم يعلن دخوله في 8 آذارالحليفة للقيادة السورية.

صحيح إن مواقفه تعبر عن إقرار بهزيمة، لكنه قاتل سياسياً لتحسين شروطه وخفض الثمن السياسي المتوجب عليه والوصول الى quot;استسلام مشرّفquot; في سبيل حفظ طائفته وquot;شعبهquot;، لكنه لم يتنازل عن كل أوراقه ولم يقدم كل ما لديه قبل الزيارة لدمشق، وقد بدا واضحًا في كلامه الأخير أنه لن يقدم على تنازلات أكبر، خصوصًا أنه كما بدا من المقابلة عبر quot;الجزيرةquot; يعمل في سبيل هدف رئيس، هو تسليم مقاليد الزعامة الدرزية والحزبية إلى نجله تيمور، ولا يتطلع إلى علاقة تحالفية بينه وبين الاسد. بل يخفض سقف طموحاته الى حد لا يتجاوز quot;زيارة دمشقquot; لمرة واحدة استثنائية، زيارة يأمل في أن تكون كافية لفتح طريق دمشق أمام تيمور وليد كمال جنبلاط وتوريثه موقعًا سياسيًّا غير مثقل بأحقاد وعداوات.

ويقول بعض جلساء الزعيم الدرزي إنه لن يترشح للإنتخابات النيابية في 2013 ، وبعد أن يتسلم نجله الزعامة مع النيابية يرغب وليد جنبلاط فعلا في أن يعيش مدة في أحدى دول أوروبا والإنصراف إلى كتابة مذكراته فيها .