تسعى تل أبيب لجرّ واشنطن إلى خوض حرب على طهران، حيث تلوّح حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي يزور واشنطن حاليًا بتهديدات مستترة لمهاجمة إيران.
واشنطن: أعرب المشاركون في اجتماعات المؤتمر السنوي لأبرز لوبي يهودي في الولايات المتحدة عن القلق ازاء التوتر القائم حاليًا بين الولايات المتحدة واسرائيل، كما أعربوا عن مخاوفهم من تداعيات أي ضربة إسرائيلية على إيران. ومن المقرر ان يستقبل المؤتمر السنوي لايباك (اللجنة الاميركية الاسرائيلية للشؤون العامة) الاثنين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون.
كما دعي نتانياهو الى لقاء الرئيس الاميركي باراك اوباما الثلاثاء في واشنطن، وسط توتر في العلاقات بين البلدين بعد اصرار اسرائيل على بناء 1600 وحدة سكنية للمستوطنين في القدس الشرقية مما ادى الى فشل المفاوضات غير المباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين.
وقال روبرت ستاتلوف المدير التنفيذي لمؤسسة واشنطن حول السياسة في الشرق الاوسط الاحد امام مؤتمر ايباك، ان الازمة بين الولايات المتحدة واسرائيل quot;خطرة وحقيقيةquot; على الرغم من محاولات التهدئة من الطرفين.
ويخشى ستاتلوف وغيره من الخبراء ان تعقد مسألة المستوطنات الجهود التي تبذلها واشنطن لحشد التأييد لفرض عقوبات جديدة على إيران المتهمة بالسعي لحيازة القنبلة الذرية. وتابع ستاتلوف ان الخلافات القائمة حاليًّا بين الادارة الاميركية واسرائيل quot;يمكن ان تسرع قيام اسرائيل بضربة وقائية ضد الطاقات النووية الإيرانية المحتملةquot;.
واعرب السناتور الديموقراطي ايفان باي عن القلق لاحتمال الا تكون العقوبات الاقتصادية ضد إيران كافية لردعها. وقال quot;بات علينا من الان فصاعدًا ان نبدأ بالتفكير جديًّا بالخيار النهائي اي استخدام القوة لمنعهم من الحصول على السلاح النوويquot; ما دفع الاف الحاضرين في المؤتمر الى التصفيق له.
هذا وكشفت صحيفة quot;صندي تايمزquot; في تقرير لها أمس أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيمارس ضغوطاً على الولايات لتزويد بلاده بقنابل متطورة قادرة على اختراق الغرف المحصنة تحت الأرض لشن هجوم محتمل على المواقع النووية الإيرانية.
وكانت الصحيفة نفسها قد ذكرت مؤخرًا أن مخططين عسكريين أميركيين وإسرائيليين درسوا خيارات شن هجوم ضد إيران يستهدف عشرات المواقع ذات الصلة ببرنامجها النووي والمعروفة من قبل المسؤولين الغربيين.
وأشارت الصحيفة إلى أن الخبراء العسكريين في واشنطن وتل أبيب يدركون بأن شن ضربة جوية مباغتة سينجح فقط في تأخير عملية تطوير إيران أسلحة نووية، ولن يضمن التخلص من تهديدها النووي حتى في حال كرروا ضرب منشآتها النووية المعروفة.
وقالت إن التزام الرئيس الأميركي بالضغوط الدبلوماسية في التعامل مع إيران النووية سيجعل السيناريو الوحيد المحتمل هو قيام إسرائيل بشن غارات جوية تتطلب استخدام المجال الجوي لدول عربية، مشيرة إلى أن الأهداف المحتملة للهجمات الجوية الإسرائيلية هي مفاعلات بوشهر وآراك ونتنز، والتي تبعد مسافة تصل إلى زهاء 1700 كلم عن إسرائيل.
وأضافت الصحيفة أن المشكلة التي يواجهها المخططون العسكريون الأميركيون والإسرائيليون تتمثل في عدم امتلاك أي وكالة استخبارات غربية معلومات دقيقة عن المكان الذي تخفي فيه إيران تقنياتها المتعلقة بإنتاج الأسلحة النووية.
ويرى بعض المحللين، أن تل أبيب تسعى لجرّ واشنطن إلى خوض حرب على طهران، حيث تلوّح حكومة نتانياهو بتهديدات مستترة لمهاجمة إيران. وهناك عدد من السيناريوات حول الضربة العسكرية الاسرائيلية المحتملة لإيران تتحدث جميعها عن تدمير المفاعلات النووية في المقام الاول وحول المسارات الجوية المتاحة للمقاتلات:
1- المسار المباشر عبر الأردن ـ العراق ـ ثم آراك الإيرانية، وهو أقصر الطرق وأمنها على الإطلاق، كونه يمر عبر أجواء صديقة يسهل فيها تقديم الدعم اللوجستي للطائرات أو في حال هبوط الطيارين الإضطراري حيث تسهل عمليات البحث والإنقاذ، لكنه مستبعد (ما لم تحدث مفاجأت) نتيجة لرفض الولايات المتحدة القاطع استخدام الأراضي العراقية لتوجيه ضربة جوية لإيران بوساطة الطائرات الإسرائيلية لأن تدخل الولايات المتحدة يعني عواقب وخيمة على المنطقة.
2- المسار الشمالي عبر البحر المتوسط (على طول السواحل اللبنانية والسورية) ثم الحدود التركية السورية، وسلوكه يتطلب قبل كل شيء موافقة أنقرة غير المضمونة حتى الآن، هذا المسار يتيح الوصول إلى مفاعل أصفهان باعتباره الهدف الأبعد، كما يوفر للطائرات الاسرائيلية دعمًا لوجستيًّا خصوصًا في حال فقدان عدد من الطيارين أو الإضطرار للتزود بالوقود في الأراضي التركية أو تحليق طائرات هليكوبتر إسرائيلية لعمليات البحث والانقاذ.
3- مسار خليج العقبة ـ شبه جزيرة الفاو وصولاً إلى مفاعل أصفهان، وهو أقصر من سابقة نسبيًّا لكنه يصدم أيضًا بالرفض الأميركي لاستخدام الأجواء العراقية حتى ولو في أقصى الجنوب، ناهيك عن عدم توفر أي دعم لوجستي على الأرض في مناطق مضطربة وشبه معادية وصعوبة التزود بالوقود جوًّا تحسّبًا من تعرض طائرات الإرضاع لهجوم إبراني.
4- مسار خليج العقبة ـ الصحراء السعودية ـ الكويت ـ الخليج العربي وهو المسار الأقرب إلى الواقع في ضوء المتغيرات السياسية على الأرض، وهو وإن كان طويلاً لكنه يضمن دعمًا لوجستيًا ممتازًا سواء على صعيد عمليات الإنقاذ المحتملة أو عمليات التزود بالوقود في أجواء شبه صديقه أو داعمة تكتيكيًا.
التعليقات