لم يستمتع باراك اوباما الرئيس الاميركي بفرحة اقرار قانون التامين الصحي التاريخي بعد مخاض طويل، اذ ان على طاولته ملف مصيري يختصر علاقات امتدت لعقود مع حليف الروح، اسرائيل، وذلك بعد ان دخلت العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن - تل أبيب خلال الايام الاخيرة مرحلة تنذر باحتمالات تصاعد توتر غير مسبوق في تاريخ العلاقات والروابط الإسرائيلية-الأميركية، بسبب استمرار إسرائيل في سياستها الاستيطانية، وهو أمر تقول واشنطن إنه يعرقل محادثات السلام في الشرق الأوسط، التي تبقى معلقة حتى اجل غير مسمى.

إيلاف من واشنطن: تتجه الانظار الثلاثاء الى البيت الابيض حيث يستقبل اوباما بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي لفض الخلاف الاخير. ويشير عدم لقاء اوباما رسميا نتنياهو الى مدى حدة التوتر في العلاقات بين الادارتين، خاصة انها المرة الاولى في تاريخ الولايات المتحدة عامة وتاريخ العلاقات الإسرائيلية-الأميركية خاصة.

وقد راى مراقبون أن نتنياهو بدوره يتمسك بتحديه اوباما لاعتقاده أن الإدارة الأميركية لا يمكنها الذهاب بعيداً في توتير العلاقات مع إسرائيل قبل اشهر من الانتخابات النصفية لمجلسي النواب والشيوخ. وقد بدا نتنياهو متمسكا بالمستوطنات قبيل وصوله الى واشنطن اذ اكد ان quot;اسرائيل لن توقف بناء المستوطنات اليهودية في مناطق حول القدس الشرقية التي استولت عليها اسرائيل في حرب عام 1967 quot;.

وفيما يتوقع ان يكون اجتماع نتنياهو مع اوباما عاديا، يخلو من الادلاء بتصريحات علنية، قال روبرت غيبس المتحدث باسم البيت الابيض، حيال ما قد ينتج عنه،ان quot; الرئيس يأمل بان يحقق هذا الاجتماع تقدماquot;، واضاف ان اوباما عبر عن امله في امكان احراز تقدم وتقريب المواقف بين الجانبين وان تكون المفاوضات مثمرة لا ان يكون الهدف المفاوضات في حد ذاتها.

وعشية لقاء اوباما - نتنياهو، اكدت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الاميركية ان بلادها متمسكة بحماية امن اسرائيل، لكنها في نفس الوقت ذكرت ان سياسة التوسع الاستيطاني الاسرائيلية تهدد عملية السلام.

ورغم الاستقبال الحار الذي نالته كلينتون من قبل لجنة الشؤون العامة الاميركية الاسرائيلية ( ايباك)، حيث كانت تتحدث، الا ان مراقبون لاحظوا انسحاب ميخائيل اورين السفير الاسرائيلي لدى الولايات المتحدة بعد انتهاء كلينتون خطابها دون مصافحتها، ما يؤكد ان اعادة العلاقات بين الحليفين الى ما كانت عليه قبل التاسع من الجاري لن يكون سهلا.

وفي كلمتها امام ايباك، وهي جماعة ضغط قوية موالية لاسرائيل، اكدت كلينتون ان فوز الرئيس باراك اوباما من خلال اقرار قانون التأمين الصحي يثبت صلابة التزاماته، واجرت مقارنة امام مؤتمر منظمة ايباك اليهودية بين هذه الالتزامات والتزاماته تجاه اسرائيل.

وقالت كلينتون امام المؤتمر السنوي للمنظمة في واشنطن quot;منذ يومها الاول في الحكم، عملت ادارة اوباما على تعزيز امن اسرائيل ونجاحها على المدى الطويلquot;. وقالت كلينتون quot;اؤكد لكم انه (...) بالنسبة الى الرئيس اوباما والي والى هذه الحكومة اجمع، ان التزامنا دعم امن اسرائيل صلب كالصخر، لا تشوبه شائبة، موثوق ودائمquot;، وذلك في تعليقها الاول على اقرار مشروع قانون التأمين الصحي ليل الاحد في الكونغرس بعد جهود شاقة.

لكنها وصفت سياسة التوسع الاستيطاني الاسرائيلية بأنها خطيرة وتشكل مصدر تهديد لعملية السلام في الشرق الاوسط. واضافت ان اسرائيل تواجه quot; خيارات صعبة لكن ضروريةquot; على طريق السلام في الشرق الاوسط مشيرة الى ان سياسة الاستيطان الاسرائيلية quot;مشكلةquot;.

Secretary of State Hillary Rodham Clinton walks onstage before ...
خلال إجتماع لجنة الشؤون العامة الاميركية الاسرائيلية (ايباك)

واكدت وزيرة الخارجية كذلك ان واشنطن لا تزال تعتبر استمرار الانشطة الاستيطانية امرا غير مشروع وحثت الجانبين على عدم اتخاذ اي خطوات من شأنها تقويض جهود السلام الهشة. وقالت ان الولايات المتحدة ستواصل المطالبة بحث حركة حماس على نبذ العنف وعلى الاعتراف باسرائيل، مكررة النداء للافراج عن الجندي الاسرائيلي الاسير جلعاد شليط.

خلاف في صفوف الاسرائيليين

وفيما الخلاف يدور بين الادارة الاميركية وحكومة نتنياهو حول بناء 1600 وحدة استيطانية في القدس الشرقية، نشأ خلاف مماثل بين مجموعات اسرائيلية ناشطة في الولايات المتحدة. وفيما اعلنت مجموعة ايباك وquot;مؤتمر رؤساء كبرى المنظمات اليهودية الأميركيةquot; وquot;عصبة مناهضة التشهيرquot;؛ صراحة تاييدها قرار توسيع الاستيطان ودعمها حكومة نتنياهو منتقدة تعاطي ادارة اوباما مع النزاع، عبرت من جهة اخرى مجموعة جي ستريت الاسرائيلية وquot;أميركيون من أجل السلام الآنquot;، عن انتقادها للقرار الاستيطاني، كما دعت إلى زعامة أميركية قوية وحازمة لإنهاء النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

الجمهوريون ينتقدون

وفي المشهد السياسي الاميركي الداخلي، يطلق المؤيدون للقضية الاسرائيلة صرخة ادانة لموقف ادارة اوباما المتشدد بحسبهم، وكان اخرهم تصريح اريك كانتور، احد كبار النواب الجمهوريين يوم الاثنين الذي انتقد ما وصفه بـquot;السياسة المتشددة لادارة اوباما تجاه المستوطنات الاسرائيليةquot;.

وقال كانتور امام اجتماع quot;ايباكquot; ان quot; الوقت الآن ليس افتعال مشاجرات مع اسرائيلquot;، مضيفا: quot;دعونا نواجه الامر، فاسرائيل ليست مشكلة، انما المشكلة هي الارهابيين المنتشرين من اليمن الى افغانستان مرورا بباكستان، وهؤلاء لن يلقوا السلاح الذي يشهرونه في وجه امريكا في حال نحن تخلينا عن اسرائيل.quot;

يذكر ان واشنطن واسرائيل خاضتا خلافا حادا بعد ان اعلنت حكومة نتنياهو خطة جديدة للانشطة الاستيطانية في القدس الشرقية مما ادى الى احراج نائب الرئيس الاميركي جو بايدن الذي كان في زيارة لاسرائيل انذاك والى دفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى التهديد بالانسحاب من محادثات السلام غير المباشرة التي كانت قد اطلقت لتوها.