تحوّلت جلسات القات النسائيّة في اليمن إلى نوادٍ أدبية، حيث تختلف تلك الجلسات عن غيرها التي تعدها نساء الوطن العربي، إذ يدور فيها الحديث عن السياسة والاقتصاد والفن والحياة وذلك أثناء وحول مائدة القات.
اليمن: لم ينحصر تناول القات في اليمن على الرجال فقط بل شمل النساء الجاهلات منهن والمتعلمات، على الرغم من رفض بعض المتعلمات تناوله، إلا أن هنالك إعلاميات وسيدات رائدات يقمن بعمل أندية نسائية أثناء تناولهن القات لساعات طويلة ، ويتم فيها مناقشة أهم القضايا المحلية والعربية وتبادل الأفكار وقراءة الشعر والروايات أيضًا.
وفي الوقت الذي يدور فيه جدل كبير حول القات الذي أدرجته منظمة الصحة العالمية ضمن قائمة المواد المخدرة منذ حوالى عشرين عامًا، إلا أن نساء اليمن ورجاله وأطفاله يرفضون تسميته بالمخدر، ويعتبرون من أشهر الدول تعاطيًا له ، كما أن الإسلام وهو دين الأغلبية في اليمن قطع بتحريم كل ما يضر الإنسان أو يتسبب له بالأذى.
وعن طريقة تعاطي القات قالت صباح حميد لإيلاف إنه يتم وضع أوراق القات في الفم ثم تبدأ عملية المضغ والتخزين في إحدى زوايا الفم ليتم امتصاص عصير الورق ببطء أو يبتلع مع قليل من الماء أو المياه الغازية بين الحين والآخر، كما يمكن القيام بتدخين النرجيلة (الشيشة) بصورة جماعية.
وأوضحت أنهم يبدؤون بـ (التخزين) بعد تناول الغداء الذي يكون غالبًا بين الواحدة والثانية ظهرًا إلى قبيل غروب الشمس، ثم يعاود بعضهم التعاطي مرة أخرى حتى ساعة متأخرة من الليل، وعن إحساسها وما تشعر به أثناء التخزين قالت quot;أشعر بنشاط كبير وقد أقوم بتنظيف المنزل وعمل كل ما لدينا دون تعب أو ملل فالقات يعطينا طاقة قوية جدًّا ونشاطًا ذهنيًّاquot;. لكن هذا الشعور سرعان ما يتغير بعد ساعتين من التخزين إذ يسود عليهن حالة من الصمت والهدوء، يليه خمول وكسل وعدم الرغبة في القيام بأي مجهود ذهني أو عضلي، إضافة إلى حالة القلق.
وإدمان النساء على القات في اليمن لا يشمل الكبيرات في السن فقط بل أيضًا طالبات المدارس والجامعات، إذ ليس هنالك سن معين لتناوله. فالكل مسموح له ولا يرى اليمنيون وتقاليدهم عيبًا في ذلك، فهو يوثق علاقاتهم الاجتماعية ، إضافة إلى أنه وسيلة للتسلية وقضاء أوقات الفراغ ، ولا تخلو أي مناسبة اجتماعية لهم منه سواء كانت أفراحًا أو جلسات صلح القبائل وكذلك المأتم . ورفضت صباح تسمية القات بالمخدر فهي لا تراه من أنواع المخدرات quot;بل على العكس هو يحمي أهل اليمن من خطر تعاطي المخدراتquot;.
ولا تكتفي نساء اليمن بتخزين القات فقط بل يقمن بزراعته والمتاجرة به وكثيرًا منهن يتخذنه حرفة، ومن بينهن سيدة تحدثت لايلاف مؤكدة إنها ورثت مهنة بيع القات من والدها، الذي رحل وترك لها أرضًا زراعية، ويقوم أبناؤها بزراعة القات فيها، وهي تقوم ببيع المحصول ، وتؤكد أن زبائنها يتنوعون من رجال ونساء وأطفال، وكل شخص يختار النوع الذي يناسبه ومقدرته المادية، وصرّحت أن تجارة القات تعتبر هي الأضمن ربحًا، حيث لا خسارة فيها وخاصة في اليمن.
في حين يرى آخرون من المعارضين لهذه العادة، بأن القات سببًا من أسباب فقر اليمن وتفككه الأسري، لقضاء المخزن والمخزن ساعات طويلة في تعاطي القات، وإهماله لشؤون حياته وتبذيره بالمال الذي تحتاج إليهأسرته، مما يزيد من نسب طلاق النساء بسبب القات.
خالد ناصر أحد المنظمين لـ جمعية محاربة القات في اليمن صرح لـ إيلاف قائلاً: quot;لن تتقدم اليمن طالما أن القات مسيطر على عقول أهل اليمن، فهو يأخذ جزءًا كبيرًا من دخل الأسرة مما يؤثر على تلبية الاحتياجات المعيشية لبقية أفراد الأسرة، وينعكس سلبًا على وضع الأسرة، ناهيك عن أضراره الصحية حيث أنه يزيد من نسبة السكر في الدم ، والأمراض الهضمية الأخرى ، إضافة إلى تأثيره الاقتصادي على الدولة ، فقد احتلت زراعة القات مساحات كبيرة من الأراضي الصالحة لزراعة البن وغيرها من المحاصيل التي اشتهرت بها اليمنquot;.
أما عن حجم الإنفاق على تعاطي القات في اليمن فقد بلغ بحسب الإحصائيات الرسمية للجهاز المركزي اليمني قرابة 25 مليار ريال يمني سنويًا (156 مليون دولار تقريبًا، وقد أشارت تلك الإحصائيات إلى أننصف مليون أسرة يعتمد دخلها الأساسي على زراعة وتجارة القات، أي أن أكثر من 20% من عدد السكان اليمن قد ارتبطت حياتهم بزراعة القات والتجارة به.
التعليقات