لندن: بعد ساعات من دعوة وجهها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر لمساعديه بإجراء إستفتاء داخلي لاختيار رئيس الحكومة الجديد من بين 6 مرشحين، بدأ مسؤولو التيار تحضيرات لانجاز هذا الاستفتاء الذي سيجري في بغداد ومحافظات البلاد الجنوبية بعد غد الجمعة في وقت شهدت فيهبغداد مصالحة بين رئيس الوزراء الاسبق ابراهيم الجعفري وخليفته نوري المالكي بعد 4 سنوات من القطيعة بسبب انهاء الثاني لعلاقة الجعفري بحزب الدعوة الذي يتزعمه اثر انشقاقه عنه وتشيكله تجمع الاصلاح الوطني... في وقت أكدت فيه رئاسة اقليم كردستان العراق ان حكومة الاقليم تتحالف مع الكتل البرلمانية لتشكيل الحكومة المقبلة وفق اتفاقيات استراتجية والالتزام بالدستور.
وقالت كتلة الاحرار وهي التسمية التي دخل بها التيار الصدري الانتخابات الاخيرة ضمن الائتلاف الوطني بزعامة رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من الشهر الحالي وحصلت فيها على 40 مقعدًا من مجموع مقاعد الائتلاف البالغة 70 مقعدًا ان العمل قد بدأ بالاعداد للاستفتاء والاليات التي ستتبع لانجازه.
ومن المنتظر ان يجري الاستفتاء على اختيار واحد من ستة مرشحين اقترحهم الصدر لمنصب رئيس الوزراء في الحكومة الجديدة التي يجري التفاوض حاليًا لتشكيلها هم نوري المالكي (رئيس الوزراء الحالي) وإياد علاوي (زعيم القائمة العراقية الفائزة في الانتخابات) وعادل عبد المهدي (نائب رئيس الجمهورية) وإبراهيم الجعفري (رئيس الوزراء السابق زعيم تيار الاصلاح ضمن الائتلاف العراقي) وقصي عبد الوهاب (القيادي في التيار الصدري) ومحمد جعفر الصدر نجل المرجع الشيعي مؤسس حزب الدعوة آية الله السيد محمد باقر الصدر الذي نفذ النظام السابق مطلع نيسان (ابريل) عام 1980 حكم الاعدام به وبشقيقته بنت الهدى.
وعلى الرغم من ان نتيجة الاستفتاء لن تكون ملزمة الا انها ستعطي مؤشرًا للشخصية التي يمكن ان يرشحها التيار الصدري لتولي رئاسة الحكومة المقبلة. وسيجري الاستفتاء من خلال توزيع اوراق مطبوعة لاختيار اسم المرشح المفضل من بين المرشحين الستة حيث ستوزع هذه الاوراق على المنازل والاماكن العامة..
وتأتي هذه الاجراءات اثر توجيه مقتدى الصدر رسالة يطلب فيها اجراء الاستفتاء الى لجنة الانتخابات في التيار التي كانت قد اشرفت في وقت سابق على الانتخابات الداخلية لاختيار مرشحي التيارالى الانتخابات التشريعية الاخيرة التي شهدتها البلاد وحصد التيار فيها 40 مقعدًا برلمانيًا من مجموع 70 مقعدًا حصل عليه الائتلاف الوطني العراقي الذي ينتمي اليه التيار. معروف أن الصدر يرفض التجديد لولاية رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يلقي عليه مسؤولية محاربة التيار الصدري ومواجهة عناصره في جيش المهدي بعمليات عسكرية منذ العام 2007 في عدد من المحافظات العراقية الامر الذي ادى الى مصرع العشرات منهم اضافة الى اعتقال وسجن المئات بينهم محكومون بالإعدام.
ويؤكد طلب الصدر هذا فشل مباحثات اجراها في طهران خلال الايام الثلاثة الاخيرة قياديون في حزب الدعوة الاسلامية بزعامة المالكي لاقناع الصدر الموجود في ايران منذ عامين لتلقيه دروسًا دينية بالموافقة على التجديد للمالكي. وفي محاولة منه لارضاء الصدريين فقد أطلق المالكي امس سراح المهندس عادل مهودر راضي محافظ ميسان السابق المنتمي للتيار الصدري بعد سجن دام عدة اشهر بتهم وصفت بانها quot;سياسية وكيدية تحاول المس بالقيادات الناجحة من ابناء التيار الصدري والتي شهد بنجاحها وانجازاتها العدو قبل الصديقquot; على حد تعبير مصدر في التيار الصدري.
ومن جانبه، قال القيادي في التيار الصدري حارث العذاري ان دعوة الصدر لاستفتاء على اختيار رئيس الوزراء هي رسالة للجميع بان قرار اختيار رئيس الوزراء تصنعه الجماهير وليس قوى الاحتلال ومن له مصالح في العراق خصوصًا الدول الاقليمية.
واضاف العذاري عضو اللجنة السباعية في تصريح صحافي اليوم ان الصدر يضع هذا الامر كقرار جماهيري مئة في المئة فكما كانت خطوة الانتخابات التمهيدية ناجحة وصنعت قرار ترشيح الكفاءات بيد الجماهير وكانت خطوة بالاتجاه الصحيح فإن قرار ترشيح رئيس الوزراء من قبل الجماهير خطوة نحو تحقيق هذا الهدف. واضاف quot;نحن لا نفرض النتائج على الاخرين ولكن هي تعبر عن موقفنا إزاء هذه المسألة. والشيء الاخر والمهم هنا ان السيد مقتدى الصدر وقيادات الخط الصدري يوجهان رسالة للجميع ان هذا القرار يجب ان تصنعه الجماهير وليس غيرها وخصوصًا قوى الاحتلال ومن له مصالح في العراق وخصوصًا الدول الاقليميةquot;.
يذكر أن نتائج الانتخابات البرلمانية الاخيرة التي جرت في السابع من الشهر الحالي أظهرت فوز ائتلاف قائمة العراقية بالمركز الاول بعد حصولها على 91 مقعدًا تليها قائمة ائتلاف دولة القانون التي حصلت على 89 ثم الائتلاف الوطني العراقي في المركز الثالث بحصوله 70 مقعدًا كما أظهرت أن التحالف الكردستاني حصل على 43 مقعدًا وقائمة التوافق على ستة مقاعد وقائمة التغيير على ثمانية مقاعد والاتحاد الإسلامي الكردستاني على 4 مقاعد وائتلاف وحدة العراق على 4 والجماعة الإسلامية على مقعدين.
مصالحة بين المالكي والجعفري
في خطوة يسعى من خلالها رئيس ائتلاف دولة القانون زعيم حزب الدعوة الاسلامية رئيس الوزراء نوري المالكي اقناع القوى السياسية وشخصياتها بالتجديد لولايته فقد قام بزيارة لغريمه السابق في حزب الدعوة زعيم تيار الاصلاح الوطني رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري في منزله ببغداد اثر قطيعة استمرت اربعة اعوام.
وجاءت هذه المصالحة اثر اجتماع عقد في منزل الجعفري وحضره قياديون من حزب الدعوة وتيار الاصلاح الوطني الليلة الماضية تم خلاله بحث التطورات السياسية في البلاد ومتطلبات مرحلة مابعد الانتخابات الاخيرة ومجريات العملية السياسية والانتخابية ومستقبلهما فضلاً عن مناقشة التحالفات في المرحلة القادمة وامكانية تشكيل الحكومة باسرع وقت ممكن.
وقال الجعفري مشيرًا الى النتائج المتوقعة للتحالفات السياسية الى انها تاتي ضمن طبيعة المشتركات التي تربط بين الائتلافين (الوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم ودولة القانون بزعامة نوري المالكي) وقال ان quot;هذا الشعور مشترك لدى كبار شخصيات الائتلافين ونحن نتجاوز مسالة الشعور الى قضية سياقات تنفيذية وأنماط عمليةquot;. واكد الجعفري ضرورة الانفتاح والاتساع للكيانات الاخرى من اجل تشكيل الحكومة العراقية المقبلة على اساس شراكة الاخرين وان الامل معقود ان تكون هناك حكومة تتسع بمفرداتها لكل مفردات الساحة السياسية العراقية من خلال تحري الكفاءات والقابليات المتوفرة فيها من اجل بناء العراق بالصورة الصحيحة والاستفادة من اخطاء التجربة السابقة كما نقل عنه مكتبه الاعلامي في بيان صحافي الى quot;ايلافquot; اليوم.
ومن جهته، قال المالكي quot;ان الذين واجهوا الدكتاتورية وتحملوا اعباء التاريخ واصروا على ان يبنوا الدولة العراقية على اساس دستوري لابد لهم ان يتوحدوا من اجل ايجاد قاعدة رصينة لتشكيل الحكومة المقبلة باسرع وقت ممكن فكانت وجهات النظر متطابقة على المضي قدما في أداء هذا الاستحقاق ولابد للائتلافين ان يواصلا المسيرة معًاquot;.
وجرى خلال الاجتماع ايضًا التطرق الى نتائج الانتخابات وما شاب عملية العد والفرز من طعون واعتراضات تقدمت بها اغلب المكونات السياسية التي شاركت في الانتخابات الى المحكمة المختصة للنظر بها والبت فيها وأكد الطرفان quot;على استخدام كل السبل القانونية والقضائية من اجل تحري هذه الطعون والحرص على ان تكون العملية الانتخابية عملية صحيحة لأنها تؤسس الى مرحلة قادمة فلذلك سنمضيمعًا في مطالبة الجهات القضائية في ان تتحرى هذه القضيةquot;.
وكان المالكي الذي تزعم حزب الدعوة الذي رشحه لرئاسة الحكومة العام 2006 خليفة لزعيم الحزب السابق في رئاسة الحكومة قد انهى علاقة الجعفري بالدعوة اواخر ذلك العام اثر صراع صامت بين الطرفين استمر اشهرًا على خلفية تشكيله تنظيمًا خارج اطار الدعوة اطلق عليه quot;تيار الاصلاح الوطنيquot; وعبر المالكي عن اسفه لتصرف سلفه واشار الى ان الساحة السياسية العراقية ليست بحاجة إلى مزيد من التشرذم.
وقال المالكي في بيان انذاك quot;ان اعلان السيد الدكتور ابراهيم الجعفري عن تيار الاصلاح الوطني هو تحرك ذاتي لا تربطه علاقة تنظيمية بحزب الدعوة الاسلاميةquot;. واضاف انه quot;في الوقت الذي نعرب فيه عن اسفنا لهذه الخطوة والتي شكلت انهاءً لارتباطه بحزب الدعوة الاسلامية، فإننا في الوقت نفسه نعرب عن احترامنا لخياره، على الرغم من اختلافنا معه ونؤكد ان المساحة التي تجمعنا واياه اكبر من تلك التي نختلف معه حولهاquot;.
واشار الى ان quot;الساحة العراقية وفضاء الحرية تتسع لجميع الاجتهادات والجهود الخيرة ونتطلع الى ان يكون هذا التحرك جزءًا من تلك الجهود ونرى ان الساحة العراقية ليست بحاجة الى مزيد من الشعارات والتشرذم بل بحاجة الى تكاتف وعمل جاد لخدمة المواطن ورعاية أمنه ورفاههquot;. وقال في ختام بيانه quot;يعاهد حزب الدعوة الاسلامية شعبنا العراقي الصابر بانه سيستمر على خطه ونهجه الذي اختطه الشهيد السعيد الامام محمد باقر الصدر وقوافل الشهداء الذين ضحوا بانفسهم من اجل الدين والوطنquot;.
وجاء انهاء حزب الدعوة لعلاقة الجعفري به بعد ايام من اعلانه عن تشكيل تيار الاصلاح الوطني برئاسته قال انه يهدف إلى نبذ الطائفية والمحاصصة ومحاربة المليشيات. وقال الجعفري في مؤتمر صحافي quot;اعلن اليوم السبت عن تشكيل تيار الإصلاح برئاستي وبمشاركة عدد من الشخصيات من مختلف الكتل والأحزاب السياسية بهدف نبذ الطائفية والمحاصصة ومحاربة المليشيات اضافة الى بناء الطاقات الشبابية الواعدةquot;. وهاجم الجعفري الاتفاقية العراقية الأميركية طويلة الأمد وقال انه ينبذ الاتفاقية المذلة بين العراق وأميركا التي اعتبرها انتقاصًا من سيادة العراق وقال quot;لقد تم عرض مسودة الاتفاقية على قبل أربعة أشهر ورفضتهاquot;.
وكان الجعفري وهو رئيس الوزراء العراقي بين عامي 2005 و2006 زعيمًا لحزب الدعوة الاسلامية لسنوات عدة والذي يتزعمه حاليا المالكي. وجاءت تلك التطورات بعد اشهر من قيادة الجعفري لتمرد هاديء استهدف الاطاحة بالمالكي مبررًا خطواته هذه بما وصفه بفشل المالكي في اتخاذ خطوات جادة لتنفيذ مشروع المصالحة الوطنية مما قاد البلاد إلى وضع كارثي. وادى هذا الصراع الى استبدال مؤتمر لقياديي فروع الحزب في المحافظات وخارج العراق عقد في بغداد باستبدال الجعفري بوصفه رئيسًا للحزب بالمالكي. وشكك الجعفري وقياديون آخرون في الدعوة بشرعية التصويت الذي أدى إلى الإطاحة بالجعفري زعيمًا لحزب الدعوة حيث قاطع الجعفري اجتماعات الحزب ونشاطه الرسمي منذ ذلك الحين.
وكان حزب الدعوة تأسس العام 1957 بقيادة اية الله السيد محمد باقر الصدر الذي نفذ فيه رئيس النظام السابق صدام حسين الاعدام العام 1980.. ثم تعرض الحزب وعناصره، وجهها ذلك النظام من خلال قرار اصدره ينص على تنفيذ الاعدام بكل منتم الى الحزب. ومثّل الحزب دورًا في صفوف المعارضة السابقة وكان معارضًا بشدة للتعاون مع الولايات المتحدة الاميركية لكنه عدل عن موقفه اثر سقوط النظام السابق العام 2003 وتولى زعيمه الجعفري انذاك عضوية مجلس الحكم وشارك في الانتخابات النيابية اواخر العام 2005 ضمن الائتلاف الشيعي الموحد وفاز بثلاثين مقعدًا في مجلس النواب مكنته من ترشيح الجعفري لرئاسة الحكومة اولا ثم المالكي للمنصب نفسه العام 2006.
الكردستاني : تحالفاتنا مع القوى الاخرى ترتكز على الالتزام بالدستور
اكدت رئاسة اقليم كردستان العراق ان حكومة الاقليم تتحالف مع الكتل البرلمانية العراقية لتشكيل الحكومة المقبلة وفق اتفاقيات استراتجية والالتزام بالدستور. وقال فؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة اقليم كردستان اليوم ان حكومة الاقليم تتفق مع القوائم العراقية لتشكيل الحكومة المقبلة على اساس من الاتفاقات الستراتيجية وان شروط حكومة الاقليم للمشاركة في الحكومة العراقية المقبلة هي الالتزام بالدستور العراقي وحل جميع القضايا العالقة بين بغداد والاقليم. وشدد على ضرورة وضع برنامج واضح ومشترك اثناء المشاورات مع القوائم العراقية وبدون هذا البرنامج لن يتم العمل والتفاوض مع القوائم العراقية.
ومن جهته، دعا قيادي كردي الى توحيد الصف الكردي والمواقف من قبل الكتل الكردية الفائزة في بغداد. وقال أرسلان بايز نائب رئيس برلمان كردستان في بيان صحافي بعد اجتماعه برؤساء اللجان البرلمانية quot;ان العملية الانتخابية التي جرت في السابع من اذار ناجحة بكل المقاييس مع وجود بعض الملاحظات هنا وهناك، الا ان عملية الانتخابات جرت بشكل هادئ وناجحquot;.
واشار الى ان نتائج الانتخابات في محافظة كركوك تهم الاكراد كثيرا وهي نتائج مفرحة. وعبر عن اسفه لهدر عدد كبير من الاصوات في كركوك مشددًا على وجوب توحيد الصف والموقف في بغداد.
يذكر ان التحالف الكردستاني حصل على نصف مقاعد محافظة كركوك البالغة 12 مقعدًا برلمانياً.. فيما نال في عموم العراق 43 مقعداً في مجلس النواب العراقي في حين حصلت قائمة التغيير الكردية المعارضة برئاسة نيشروان مصطفى على على ثمانية مقاعد والاتحاد الاسلامي الكردستاني على اربعة مقاعد والجماعة الاسلامية على مقعدين.
التعليقات