لندن: حذر المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني من خطورة إقصاء أي كتلة فائزة في الانتخابات التشريعيّة الأخيرة وقال إن ذلك سيهدد سلامة العمليّة الديمقراطيّة في البلاد، ودعا الى تشكيل حكومة قوية قادرة على بسط الأمن والاستقرار وتوفير الخدمات المطلوبة للعراقيين.. ومن جهته حذر الرئيس العراقي جلال طالباني من خطورة الحديث عن موجات عنف جديدة قادمة، قائلاً ان ذلك يخلق رعبًا بين العراقيين مثمّنًا الموقف الشجاع للدول التي تعرضت بعثاتها للاعتداء وأصرّت، وفي مقدمتهامصر، على مواصلة نشاط بعثاتها الدبلوماسية في العراق.

وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل المرجعية الدينية العليا بزعامة السيستاني خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) أن الظروف الأمنية التي يشهدها العراق حاليًا من عودة العمليات الإرهابية وتنوعها والتي أودت بحياة الكثير من المواطنين الأبرياء وتطلّع الشعب العراقي إلى تحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على وحدته الوطنية وأمله في تحسين الخدمات وتوفيرها بأسرع وقت... كل هذه الأمور تحتّم على جميع الكتل السياسية الرئيسة والأساسية والتي فازت في الانتخابات ونالت ثقة المواطنين أن تبدأ الحوارات الجادّة والتفاهمات فيما بينها وتغلِّب المصالح العامة لهذا البلد على المصالح الضيّقة من اجل الإسراع بتشكيل حكومة قوية كفوءة قادرة على بسط الأمن والاستقرار وتوفير الخدمات المطلوبة لأبناء الشعب العراقي.

وطالب جميع الكتل السياسية الرئيسة أن تكون بمستوى المسؤولية التي قلّدها أبناء الشعب العراقي من خلال انتخابها وأن تكون موضع ثقة هؤلاء المواطنين الذين أدوا المسؤولية الوطنية التي عليهم، واشار الى ان quot;الدور الآن أصبح لهذه الكتل وأصبحت الكرة في ملعبهمquot; كما نقل عنه موقع quot;نونquot; الالكتروني المقرب من المرجعية الشيعية من مدينة كربلاء. وحذر ممثل السيستانيمن إن إقصاء أي واحدة من الكتل السياسية الرئيسة التي فازت في الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من الشهر الماضي سيهدّد سلامة العملية الديمقراطية في العراق.

وقال ان مشاركة الجميع في تحمّل المسؤولية سيبعث الاطمئنان لدى جميع المواطنين العراقيين وجميع فئات الشعب العراقي التي شاركت في الانتخابات لأنها ستشعر ان من انتخبتها سيكون لهم دور أساسي في العملية السياسية في العراق وبالتالي ستتولد الثقة لدى جميع أبناء الشعب العراقي بأن العملية الديمقراطية وفرّت لهم المشاركة في صنع القرار من خلال المشاركة في السلطتين التشريعية والتنفيذية.

وأظهرت نتائج الانتخابات التشريعية العامة التي أعلن عنها في السادس والعشرين من الشهر الماضي فوز ائتلاف قائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي بالمركز الأول بعد حصولها على 91 مقعدًا تليها قائمة ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي التي حصلت على 89 مقعدا ثم الائتلاف الوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي في المركز الثالث بحصوله على 70 مقعدًا.. وحصول التحالف الكردستاني بقيادة الحزبين الكرديين الكبيرين على 43 مقعدًا وقائمة التوافق على ستة مقاعد وقائمة التغيير الكردية المعارضة على ثمانية مقاعد وائتلاف وحدة العراق والاتحاد الإسلامي الكردستاني على 4 مقاعد لكل منهما والجماعة الإسلامية على مقعدين.

ودان ممثل المرجعية الدينية العليا ما شهدته بغداد الأسبوع الماضي من سلسلة من العمليات الإرهابية قائلا quot; لقد لوحظ تنوّع هذه العمليات ففي الأولى استهداف للسفارات العربية والأجنبية وبعدها استهداف لبنايات سكنية سقط بسببها العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى.. واشار الى ان الرسالة التي يريد الإرهاب أن يبعثها للعراقيين من خلال هذه العمليات الإرهابية هي إن هؤلاء الإرهابيين يملكون اليد الطولى في تهديد الأمن وتقويض الاستقرار لهذا البلد.

واضاف إن الإرهابيين - بهذا التنوع في عملياتهم الإرهابية - يريدون الانتقام من الشعب العراقي الذي أرسى دعائم العملية الديمقراطية من خلال مشاركته الواسعة في الانتخابات وبالتالي فهم يريدون من هذا الشعب أن يدفع ضريبة جسيمة وباهظة على مشاركته في العملية الانتخابية وإنجاحه للعملية الديمقراطية التي يتطلع إليها هذا الشعب بعد سنين طويلة من الظلم والاستبداد.
وفي وقت سابق اليوم اكد رئيس المجلس الاعلى الاسلامي في العراق عمار الحكيم ان الائتلاف الوطني يبني اليوم التحالفات مع دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي من ناحية ومع التحالف الكردستاني بزعامة الحزبين الكرديين الرئيسيين من ناحية اخرى كما انه يمد الجسورمع القائمة العراقية الفائزة في الانتخابات بزعامة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي.

وقال الحكيم للصحافيين لدى استقباله رئيس الوزراء الاسبق ابراهيم الجعفري quot;ان المشاورات بين الاطراف الاساسية في الائتلاف تأتي لتنضيج الرؤى والمواقف والخطوات المطلوب اعتمادها في تشكيل الحكومة المقبلةquot;. واشار الى ان الائتلاف الوطني يبني اليوم التحالفات مع دولة القانون من ناحية ومع الكردستاني من ناحية اخرى ومازالت الجسور ممتدة مع القائمة العراقيةquot; متمنيًا ان تصل هذه المشاورات والرؤى الى quot;تحالفات رصينةquot;. وكان الحكيم دافع قبل اسبوع عن quot;القائمة العراقيةquot; بزعامة علاوي رافضا وصفها بانها quot;بعثيةquot; واستبعادها من أي تشكيلة حكومية مقبلة داعيًا الى تشكيل حكومة quot;شراكة وطنيةquot; رباعية الائتلاف تضم الكتل الاربع التي تمكنت من حصد الأغلبية العظمى من الأصوات في الانتخابات.

ولمناسبة الذكرى السابعة لاحتلال العراق في مثل هذا اليوم من العام 2003 دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الى ان يبتعد العراق في هذه الفترة الانتخابية الجديدة عن المتزمتين والراغبين بالسلطة شهوة ورغبة وإرهابًا، مطالبًا جميع السياسيين بـالنظر بعين الرحمة إلى الشعب الذي أعطاهم صوته للتخلص من المفخخات والإرهاب والاعتقالات والحكومات العميلة للمحتل والتي تملأ البلاد بالعاطلين.

طالباني يحذر من تخويف العراقيين بموجات عنف قادمة

قال الرئيس العراقي جلال طالباني ان اليوم التاسع من نيسان (ابريل) يعيد الى الذاكرة اليوم نفسه من عام 2003 quot;إعلانا عن انتهاء حقبة سوداء من تاريخ العراق ساد خلالها نظام الجور والطغيان وكان فرد واحد يضع إرادته فوق إرادة شعب بأكمله ويعمد إلى أبشع أساليب التنكيل بمناوئيه ويتصرف بمقدرات البلد وثرواته وكأنها ارث وملك عائليquot;. واضاف في تصريح مكتوب تلقت quot;ايلافquot; نسخة منه ان الحاكم السابق (صدام حسين) قد quot;زج ببلادنا في أتون حروب داخلية وخارجية احترق في لهيبها مئات الآلاف من أبناء شعبنا واستنزفت ثروات البلاد ودمرت طاقاتها وحكمت عليها بعزلة خانقة وحصار قاسٍ، حيث لم تقتصر حملات تصفيات الخصوم على المعارضين السياسيين بل اتخذت شكل إبادة شاملة تمثلت في المقابر الجماعية والأنفال وحلبجةquot;.

واضاف انه quot;ما كان لنظام دكتاتوري كنظام صدام حسين بمؤسساته ودوائره القمعية الكثيرة إلا أن يخلف ذيولاً دموية ما زلنا حتى اليوم نعاني منها ونعمل على إزالتها وقد سعى شعبنا وقواه السياسية الخيرة منذ اليوم الأول الذي أعقب انتهاء النظام السابق إلى أن تتولى إدارة شؤون البلاد حكومة وطنية تقوم بمعالجة الإرث الثقيل للماضي وتمهد لإجراء انتخابات حرة ووضع دستور دائمquot;.

واشار الى انه quot;رغم إن الأحداث اتخذت منحى أخر لنحو عام من الزمن فان إصرار الأحزاب والقوى السياسية والمراجع الدينية والفكرية أثمر عن تسليم السلطة إلى حكومة عراقية وطنية أعدت لإجراء انتخابات الجمعية الوطنية التي تولت إقرار مشروع الدستور الذي صادق عليه الشعب في استفتاء عام. ورغم اتفاق الأطراف على ضرورة إدخال تعديلات على القانون الأساسي فإن هذه الوثيقة التي ينبني عليها النظام السياسي ضمنت للمرة الأولى في تاريخ العراق الحديث، الحقوق الأساسية للمواطن الفرد والجماعات السياسية والقومية والدينية.

وكان ذلك انتقالاً فائق الأهمية من حقبة الاستبداد والتفرد بالحكم إلى الشروع بإنشاء دولة المؤسسات واعتماد مبدأ التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطةquot;. واوضح انه على الرغم من كل المعوقات فإن عجلة البناء الاقتصادي بدأت تدور ببطء وفي مواجهة عراقيل كثيرة لكن الأحوال الاقتصادية للكثيرين من المواطنين أخذت في التحسن وارتفعت المداخيل ارتفاعًا محسوسًا.

وقال ان quot;هذه المنجزات، على أهميتها، لا يمكن أن تنسينا المشاكل الكثيرة التي ما زال يواجهها عراقنا الحبيب وخاصة في مجال الخدمات إذ يعاني المواطن منذ سبع سنوات من انقطاعات الكهرباء وشح المياه وعدم انتظام عمل شبكات المجاري، إضافة إلى النواقص والثغرات في الخدمات الصحية وفي توفير مباني المدارس وتحسين النقل والاتصالات وغيرهاquot;.

واضاف quot;لعل الفساد الذي ورثناه من النظام السابق علاوة على انه آفة اجتماعية وأخلاقية خطيرة صار معوقًا أساسيًا للتنمية والبناء السليم للبنية الاقتصادية كما إن الفساد المالي والإداري ينتقص من مبدأ المساواة والتكافؤ بين المواطنين وهو مبدأ كفله الدستور العراقي.. إن توفير الخدمات التي تليق بمواطن في بلد حباه الله بثروات هائلة وقطع دابر العابثين بالأموال العامة والتعاطي مع سائر الملفات المعلقة الأخرى تقتضي معالجة موضوعين مترابطين ترابطاً وثيقاً وهما انجاز المصالحة الوطنية الشاملة وتحقيق الأمن المستقرquot;.

واضاف quot;خلال السنوات المنصرمة تمكنا بعون الله تعالى من تفادي الوقوع في شراك الحرب الأهلية التي نصبها أعداء العراق الطامحون إلى النكوص ببلادنا القهقرى وتعويق مسيرتها الديمقراطية وكانت تجربة الصراع الداخلي المؤلمة والمريرة جعلت جماهير شعبنا على اختلاف انتماءاتها تزداد قناعة بان السبيل لإحقاق الحقوق وضمان الإنصاف والعدالة لا يتمثل في العنف ورفض الأخر بل في الحوار والاحتكام إلى العقل واللجوء إلى صناديق الاقتراع وقد برهنت الانتخابات الأخيرة إن بلادنا ماضية قدمًا في ترسيخ المبادئ الديمقراطية وبناء دولة المؤسسات وهذا ما لا يروق لقوى الردة والإرهاب التي أدركت إن أمالها في تقويض العملية السياسية تتلاشى مع توطد المؤسسات الدستورية وتنامي الممارسات الديمقراطيةquot;.

واشار الى quot;إن مواجهة هذه الهجمة الهمجية الشرسة تقتضي قبل كل شيء تعزيز جهود الأجهزة الأمنية وسد الثغرات التي تتخلل عملها وبناءاتها، بيد أن استتباب الأمن ليس مهمة الأجهزة الأمنية وحدها بل هو محصلة عوامل سياسية واقتصادية ونفسية وغيرها، وبالتالي فإن الأمن هو مهمة مشتركة لجميع المشاركين في العملية السياسية وأجهزة الدولة المختلفة والمواطنين عامةquot;.

واوضح quot;إن تشخيص النواقص وانتقاد الأخطاء حق وواجب على الجميع لكن ذلك لا ينبغي أن يكون وسيلة للكسب السياسي أو للثأر والتسقيط. فكل مشارك في العملية السياسية مستهدف بنيران الإرهاب وبالتالي فانه مدعو إلى تقديم المشورة والمساعدة لإخماد النيران واستئصال هذه الآفة السرطانية وينبغي على جميع الأطراف تحاشي التهديد بموجات عنف آتية وإثارة الهلع في نفوس المواطنين بل إن الواجب الوطني يقتضي تظافر الجهود في التصدي للعنف وإحباط المخططات الأثيمة للقوى المحركة من الداخل والخارجquot;.

وقال quot;لقد بينت الاستهدافات الإجرامية الأخيرة إن من بين أهدافها منع اندماج العراق بمحيطه العربي والإقليمي وتعطيل المساعي الرامية إلى توسيع وتعميق الروابط الأخوية مع الدول العربية الشقيقة والبلدان الإسلامية المجاورة. ولا يسعنا إلا أن نشيد بالموقف الشجاع للدول التي تعرضت بعثاتها للاعتداء لكنها اصرت وفي مقدمتها الشقيقة الكبرى مصر على مواصلة نشاط بعثاتها الدبلوماسية في العراق وتوسيع الصلات الأخوية معه وبدورنا نؤكد انفتاح بلادنا على أشقائنا وأصدقائنا العرب والمسلمين والأجانب ورغبتنا في إقامة علاقات وطيدة معهم تقوم على الاحترام المتبادل للسيادة والتعاون الوثيق، وتظافر الجهود في مواجهة مظاهر العنف والارهاب وتحقيق الاستقرار الإقليميquot;.

وفي الختام قال طالباني quot;إن العراق الجديد الذي بدأ قبل سبع سنوات مسيرته المحفوفة بالصعاب والمخاطر مصمم على إن طريق الأمن والاستقرار والازدهار لشعبه لا يمر عبر الانكفاء نحو الماضي المثقل بإرث الاستبداد بل عبر الانطلاق نحو بناء دولة تعددية ديمقراطية اتحادية دولة مؤسسات تضمن قوانينها تنوع الآراء وتكافؤ الفرص وهذه الدولة لا تبنى بالأماني والتصارع بل بالعمل الجاد المثابر والحوار الأخوي البناء الذي يحتمل اختلاف الآراء وتباين وجهات النظر لكنه ينبذ العنف والاستبدادquot;.

مكتب طالباني: التجديد لولايته ليست مخالفة للدستور

إلى ذلك، اكد مكتب الرئيس العراقي ان التجديد لولاية الرئيس لفترة اخرى ليست مخالفة للدستور وانما هي منسجمة مع بنوده. وقال المكتب في بيان صحافي اليوم الى ان ما نشر أخيرًا في صحف من quot;أن الولاية الحالية لرئيس الجمهورية هي الولاية الثانية وبناء عليه لا يجوز ترشيحه لولاية أخرى كون ذلك مخالفًا لمنطق المادة 72 من الدستور، امر يثير الاستغرابquot;. واضاف ان الدستور الحالي (وهو القانون الأساسي) ينص في المادة 144 منه على ما يلي: quot;يُعد هذا الدستور نافذاً بعد موافقة الشعب عليه بالاستفتاء العام، ونشره في الجريدة الرسمية، وتشكيل الحكومة بموجبهquot;.

وعبر عن الامل في quot;أن تحرص وسائل الإعلام على تكريس وتعميق الوعي القانوني والاستناد إلى نص وروح المواد الدستورية والتشريعات السارية وليس إلى الأهواء والأمزجة في تأويلهاquot; على حد قول البيان.

ويدور خلاف حول تولي الرئيس طالباني الرئاسة العراقية من جديد حيث تؤيد ذلك بعض الكتل السياسية وتعارضها اخرى وفي وقت سابق قال نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي ان العراق بلد عربي ويجب ان يحكمه رئيس عربي في اشارة الى ان طالباني كردي. واثار هذا الطرح لغطا واسعًا بين مختلف القوى السياسية لكن المؤشرات تؤكد لحد الان الاتجاه للتجديد لطالباني في رئاسة العراق مجددًا لأربع سنوات مقبلة.