واشنطن: كانت قمة الامن النووي التي عقدها الرئيس الأميركي باراك أوباما حدثاً مثمراً للغاية بالنسبة لإسرائيل إذ لم يؤد إلى تداعيات سياسية تذكر وهي التداعيات التي جعلت زعماء إسرائيل يتفادون المشاركة في مثل هذه المنتديات في الماضي. ولكنها قد لا تكون سوى مهلة عابرة للسرية التي تتغاضى عنها الولايات المتحدة والتي تكتنف ترسانة إسرائيل النووية المفترضة منذ عشرات السنين.

ويقول بعض المحللين إن مسعى أوباما للتخلص من أسلحة الدمار الشامل ونزع فتيل المواجهات الملتهبة في الشرق الاوسط سيعنيان زيادة الضغط على إسرائيل لانهاء السياسة التي تطلق عليها اسم quot;الغموضquot; او quot;التعتيمquot; النووي.

ومع اختتام القمة التي عقدت في واشنطن على مدى يومين والتي خلت الى حد كبير من انتقاد إسرائيل تتجه الانظار الى المراجعة التي تجريها الامم المتحدة الشهر القادم لمعاهدة حظر الانتشار النووي التي وقعت عام 1970 والتي لم توقعها إسرائيل قط مما يغضب الكثير من العرب والمسلمين.

ويتكهن دبلوماسيون بأن دولا مثل مصر التي لم توجه انتقادات في اطار جدول أعمال قمة الامن النووي المحدود غير الملزم الذي خصص لمكافحة الارهاب ستستغل اجتماع نيويورك الذي يستمر ثلاثة أسابيع لمضاعفة النداءات بأن تكون منطقة الشرق الاوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل.

وليست هناك رغبة بين جيران إسرائيل ليتركوها تستمتع بعد أن انضمت لست وأربعين دولة أخرى تعهدوا بأن يكونوا لاعبين نوويين مسؤولين وبالتبعية نددت هذه الدول بايران وسوريا عدوتي إسرائيل اللدودتين اللتين استثنيتا من القمة.

وعبر مندوب إسرائيل نائب رئيس الوزراء دان ميريدور عن رضاه عن استقباله quot;لم يكن هناك صخب. الجميع يعلمون أننا لا نمثل تهديدا على صعيد الانتشار.quot; ولدى سؤاله كيف يمكن أن تؤثر مشاركة إسرائيل على مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي قال ميريدور quot;أتوقع أن يكون حدثا صعبا.quot;

وأحجم عن التكهن بما اذا كانت الولايات المتحدة التي أيدت ضمنا مطلب إسرائيل بأن يقوم نزع السلاح على أساس السلام في الشرق الاوسط ربما تجرب الان أسلوبا مختلفا. وفي تلخيصه لما جرى في القمة أحجم أوباما عن التعقيب على سياسات إسرائيل النووية لكنه ذكر الصحفيين بدعوة أميركية مستمرة منذ فترة طويلة لانضمام كل الدول لعضوية معاهدة حظر الانتشار النووي.

اما أوباما الذي يشعر أن نهج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نحو تحقيق السلام مع الفلسطينيين يعرقل جهوده فانه قد يفضل الان جر إسرائيل الى الزخم الدبلوماسي الذي يحشده ضد برنامج ايران النووي وتحديات أخرى.

وقال ايان كيرنز كبير الباحثين في معهد رويال يونايتد سيرفسز للدراسات الدفاعية والامنية بلندن quot;كلما يحرز أوباما تقدما كلما ازدادت صعوبة أن تحافظ إسرائيل على (غموضها) في الدوائر الدبلوماسية.quot; وأضاف quot;اذا وصلنا الى نهاية مايو ووصلت مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي الى نوع من الاتفاق دون مناقشة المنطقة الخالية من أسلحة الدمار الشامل فانني سأقول ان الإسرائيليين لم يواجهوا صعوبة تذكر.quot;

كان نتنياهو قد قرر الاسبوع الماضي عدم حضور قمة الامن النووي بنفسه وأشار مساعدون الى مخاوف من ألا توجه انتقادات الا لإسرائيل . لكن ما حدث هو أنها لم تواجه اي انتقاد واتهم بعض المعلقين الإسرائيليين نتنياهو بتجنب مواجهة مع أوباما بشأن محادثات السلام المتوقفة مع الفلسطينيين.

وأثار احجام نتنياهو عن الحضور الدهشة لان المسؤولين الإسرائيليين أمضوا ستة أشهر في التحضيرات مع الأميركيين لضمان الا يحتوي بيان القمة على لغة تسبب مشاكل لسياسات إسرائيل النووية. وقال مسؤول تقاعد مؤخرا quot;مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي على بعد أسابيع وبالطبع نتوقع أن يدعمنا الأميركيون... لكن الان ربما يفكرون (اذا لم تدافع إسرائيل عن نفسها فلماذا نفعل نحن هذا اذن؟quot;

وأي محاولة من قبل الولايات المتحدة لفتح موضوع عضوية إسرائيل لمعاهدة حظر الانتشار النووي ستعوقها تساؤلات بشأن الهند وباكستان غير الموقعتين على المعاهدة واللتين خلافا لإسرائيل اختبرتا أسلحة نووية علنا وناقشتا استخدامها في الحرب.

وستشجع قمة الامن النووي بتركيزها على مراقبة المواد الانشطارية مبادرة أخرى لاوباما لوضع اللمسات النهائية على اتفاقية لانهاء انتاج الدول لهذه المواد. وسيسلط هذا الضوء على مفاعل ديمونا الإسرائيلي الذي يشتبه أن انتاجه من البولتونيوم يكفي لتصنيع 200 قنبلة.

وقال ميدريدور انه ليس لديه علم بمبادرة أميركية تجاه إسرائيل بشأن معاهدة وقف انتاج المواد الانشطارية وأشار الى أن الجهود السابقة لتمريرها توقفت في بدايتها بسبب اعتراضات باكستانية. وأضاف ميريدور quot;(المبادرة) ليست جديدة. لم نقل أي شيء عنها.quot;

ولا تؤكد إسرائيل أو تنفي أنها الوحيدة التي تملك أسلحة نووية في المنطقة قائلة ان هذا التكتم يبعد الاعداء ويؤكد دوام دولة يهودية ولدت من محارق النازي وفي نفس الوقت تتجنب الاستفزازات التي يمكن أن تثير سباقات تسلحية.

ويقول افنر كوههين مؤلف دراسة (إسرائيل والقنبلة) والذي ينشر قريبا متابعة لها بعنوان (السر المعروف) ان قمة الامن النووي قد تبرز ما وصفه بالتوتر بين قدم السياسة والموافقة الضمنية التي تتمتع بها من واشنطن. وقال كوهين quot;منحت إسرائيل الشرعية كصاحبة مصلحة نووية مسؤولةquot; من خلال القمة.

لكنه أضاف quot;في المجتمع الدولي بوجه عام ولا أتحدث عن الحكومات وحسب بل ايضا عن المنظمات غير الحكومية والجماهير ووسائل الاعلام والاكاديميين هناك شعور متزايد بأن (التعتيم) بات مزعجا وعفا عليه الزمن ولا يتفق مع المعايير وقواعد السلوك اليوم.quot;