يعتقد أنَّ السودان سيخرج من إنتخاباته بحكومة إئتلافية ممزَّقة تتقاسمها ضغائن الماضي التي بنيت خلال عقود من الحرب وزادتها الإتهامات المتبادلة بشأن إدارة الإنتخابات سوءًا.

الخرطوم: ربما تخيب امال أي مستثمرين أو دبلوماسيين يأملون أن تمر الفترة حتى استفتاء 2011 على انفصال الجنوب المنتج للنفط في هدوء سياسي. وظلت الاحزاب السياسية السودانية الرئيسية في الشمال والجنوب طوال الحملة الانتخابية تتبادل مع بعضها البعض الاتهامات المريرة التي تراوحت بين التزوير الصريح للانتخابات والتمويل السري للميليشيات. لكن في الشهور القادمة ومع افتراض خروج النتائج المتوقعة للانتخابات ربما تجد هذه الاحزاب نفسها مضطرة على الاقل للظهور بمظهر الشركاء الذين يتقاسمون السلطة.

ويرجع ذلك الى الطبيعة الفريدة للدستور السوداني واتفاق السلام الشامل الموقع بين الشمال والجنوب عام 2005 والذي أنهى ما يزيد على عقدين من الحرب الاهلية بين الجانبين وفرض اجراء الانتخابات والاستفتاء. وفي محاولة لمداواة جراح أطول حرب أهلية في تاريخ القارة الافريقية فرض الاتفاق أيضا قيام حكومة وحدة وطنية.

واذا احتفظ الرئيس السوداني عمر حسن البشير برئاسة البلاد كما هو متوقع على نطاق واسع فسيكون عليه أن يعين رئيس الجنوب الذي يتمتع بما يشبه الاستقلال نائبا أول له. وفي حكم المؤكد أن يظل سلفا كير زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان المتمردة سابقا رئيسا للجنوب. ويعين الرئيس ونائبه الاول الحكومة الوطنية. وربما قرر الجنوب لعب دور رمزي في البرلمان الوطني. لكنه سيكون عليه أن يشارك البشير في الاعداد للاستفتاء على الاستقلال.

ويعتقد العديد من القادة الجنوبيين أن البشير وحزبه المهيمن على السودان حزب المؤتمر الوطني سيفعلان كل ما بوسعهما لاعاقة اجراء الاستفتاء عام 2011. ويتوقع أغلب المحللين أن يصوت الجنوبيون بأغلبية كاسحة لصالح الانفصال. ووعد البشير بالدعوة الى الوحدة. وستؤدي أي خطوة يحاول بها تقويض الاستفتاء الى اشعال العنف مرة أخرى.

واتهم القادة الجنوبيون الخرطوم مرارا بمحاولة ضرب الاستقرار في المنطقة عن طريق تسليح القبائل والميليشيات المتناحرة وشراء ذمم المسؤولين. وتنفي الخرطوم هذه الاتهامات. ولكن هناك مؤشرات بالفعل على شقاقات عرقية عميقة في جنوب السودان ولن يحتاج الامر الى الكثير لاثارة مزيد من سفك الدماء. ومن المتوقع أن تترقب الحركة الشعبية لتحرير السودان والتي تتهم البشير بتزوير الانتخابات أي تكتيكات مشابهة تستخدم لتعطيل الاستفتاء وخصوصا اذا وضعت مراكز تصويت للجنوبيين الذين يعيشون في الشمال.

عملية فرز الاصوات

إلى ذلك، قالت مصادر دولية ان مسؤولي الانتخابات السودانيين الذين يعانون من ضغوط شديدة طلبوا من الموظفين توفير الوقت والكف عن ادخال النتائج في نظام كمبيوتر آمن مما يترك عملية فرز الاصوات عرضة للتزوير والخطأ. والسودان متأخر عدة أيام عن اعلان نتائج أول انتخابات متعددة في 24 عاما في عملية معقدة خيم عليها بالفعل المقاطعات واتهامات المعارضة بالتلاعب في الاصوات.

وقالت المصادر الثلاثة ان المفوضية القومية للانتخابات في السودان طلبت من لجان الاقتراع التوقف عن جمع البيانات على أجهزة الكمبيوتر وان تبدأ في ارسال احصائيات التصويت التي تم جمعها على الورق. وقال أحد مراقبي الانتخابات quot;مبعث القلق هو انه ... يمكنهم كتابة أي شيء على قطعة ورق.quot; واختتم السودان فترة التصويت التي استمرت خمسة ايام في الاسبوع الماضي ومن المقرر اعلان النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية والتشريعية يوم الثلاثاء.

وتشير النتائج الاولى الى فوز حزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه الرئيس عمر حسن البشير في الشمال والحركة الشعبية لتحرير السودان في الجنوب. ونفى الهادي محمد أحمد عضو المفوضية القومية للانتخابات ان هذا سيؤدي لاي فرق في النتائج وقال انه يجري العمل باستخدام الانترنت والفاكس وأي شيء لان هذا هو السودان رغم اي شيء وان بعض الولايات ليس بها كهرباء. وقال محمد جاويش مدير تقنية المعلومات بالمفوضية ان نقص العاملين من المشاكل التي أخرت ادخال البيانات.

وقال مراقب ان برنامج الكمبيوتر يظهر علامات تدل على وجود اخطاء او معلومات مثيرة للريبة مثل ان تكون نسبة الاقبال اكثر من 100 في المئة. واضاف quot;ما افهمه هو انه في عدة اماكن كان يتم التحفظ على كل نتيجة تقريبا لوجود استفسار بشأنها لسبب او لاخر.quot; وقال مصدر دولي اخر قريب من نظام التصويت ان نظام الكمبيوتر أظهر بالفعل تباينات. وقال المصدر quot;التخلي عن النظام الالي يجعل عملية النتائج بكاملها عرضة تماما للتلاعبquot; مضيفا ان المفوضية القومية للانتخابات تلقت نصيحة ضد هذه الخطوة.