تستمر معضلة النقاب بإثارة الجدل حول العالم، ففي الوقت الذي يرى بعضهم أنه يحدّ من حرية المرأة، يرى آخرون أن السلطات تمس بحرية التعبير وحرية المرأة في إختيار ما ترتديه، ويأتي ضمن quot;الهجمة العالمية على مظاهر الدين الإسلاميquot;. وبعد إقرار دول أوروبية لخطوات تحظر إرتداء النقاب كألمانيا وفرنسا، تتجه إسرائيل نحو طرح مشروع قانون يهدف إلى حظره في البلاد، مما أثار غضب المسلمين.
القدس، عواصم: إتهم الشيخ حماد أبو دعابس، رئيس الحركة الإسلامية الجنوبية في إسرائيل، تل أبيب بـquot;التحرشquot; في العرب والمسلمين في البلاد واستفزازهم، على خلفية تقديم إحدى نواب الكنيسة لمشروع قانون يرمي إلى حظر النقاب في البلاد باعتبار أنه quot;يقيّد حرية المرأةquot;.
وقال دعابس، ردًّا على الاقتراح الذي قدمته مارينا سولودكين، ممثلة حزب quot;كاديماquot; الوسطي، الذي تقوده وزيرة الخارجية السابقة، تسيبي ليفني: quot; أن تخرج لنا عضوة كنيست باقتراح من هذا القبيل دليل على ضيق صدر الديمقراطية الإسرائيلية، وأعتقد أنه مثير للانزعاج ومجرد تحرشquot;.
وكانت النائب سولودكين قد عبّرت عن نيتها طرح مشروع القانون قريبًا، وقالت إنه يرمي إلى quot;حماية النساء من ارتداء ملابس لا يرغبن بها وإكراههن على ارتداء النقاب لأسباب دينيّة وعقائديّة على حساب حريتهنquot;.
ويأتي طرح الموضوع في إسرائيل بعد إقرار دول أوروبية لخطوات مماثلة تحظر ارتداء النقاب في ألمانيا وفرنسا.
وكانت الحكومة الفرنسية قد أعلنت الأسبوع الماضي عن مشروع قانون يرمي إلى حظر عام للنقاب فى الأماكن العامة كلها بما في ذلك الشارع، لكن مجلس الدولة، أعلى هيئة للقضاء الإداري في فرنسا كان حذر من أن الحظر الشامل للنقاب يمكن أن يكون موضع نزاع قانوني، معتبرًا أنه quot;يمكن ألا نجد له أي سند قانوني قاطعquot;.
ويدور نقاش في فرنسا منذ أشهر بشأن حظر النقاب الذي ترتديه، وفقًا للسلطات، أقل من ألفي امرأة في فرنسا، حيث يندد جزء من المعارضة اليسارية بخطر خمسة ملايين مسلم تقريبًا يعيشون في فرنسا.
ولا يقتصر النقاش حول منع النقاب على فرنسا بل يشمل ايضًا دولاً اوروبية اخرى منها هولندا وبلجيكا التي قد تصبح اول بلد اوروبي يحظر النقاب في الفضاء العام بشكل تام.
وصوتت لجنة من النواب البلجيكيين في نهاية اذار/مارس على اقتراح بهذا الصدد ومن المحتمل اقراره في جلسة موسعة لمجلس النواب الخميس.
وامتد النقاش الى مناطق بعيدة كأفغانستان حيث اعرب ناشطون مدافعون عن المرأة عن غضبهم من الاقتراح الفرنسي قائلين انهم يكرهون النقاب ولكن يجب على المرأة أن تشعر بحرية ارتداء ما يحلو لها.
واختتمت اللجنة البرلمانية تحقيقها في كانون الثاني/يناير واوصت باجازة البرلمان قرار يندد بالنقاب ويصوّت بعد ذلك على اشد قانون ممكن لمنع النساء من ارتدائه.
هذا وتعرّض الاقتراح للكثير من الانتقادات في الكنيست وخارجه، فقد قال النائب بالبرلمان الإسرائيلي، الشيخ مسعود غنايم، إن مشروع هذا القانون: quot;يعدّ مسا بحرية العبادة وحرية التعبير عن الرأيquot;.
وأعرب عن اعتقاده بأن مشروع القانون يصب quot;ضمن الهجمة العالمية على مظاهر الدين الإسلامي، والتي تحولت إلى موضة في أوروباquot;.
وعلى المستوى الفلسطيني، اتهمت رئاسة المجلس التشريعي إسرائيل بإعداد quot;مخطط قاسquot; لاستهداف الحريات العامة والشخصية لفلسطينيي 48، وذلك مقدمة لإجراءات أشد قسوة.
وأضاف البيان، أن الإجراء المتعلق بالنقاب quot;يتزامن مع الإجراءات الإسرائيلية التي تتخذ لتهويد واستباحة الأرض والمقدسات في عموم القدس والضفة الغربية،quot; كما اعتبر المطالبات بحظره quot;استهدافًا عنصريًا شاملاً لمنظومة القيم والحريات الدينية ومساسًا بالهوية الفلسطينيةquot;.
يذكر أن بعض المذاهب اليهودية المتشددة تشدد على ضرورة تغطية الرأس في الأماكن العامة، وهو أمر لم يتضح مدى تطرق مشروع القانون الجديد إليه.
وقام التلفزيون الإسرائيلي بعرض تقرير حول الموضوع، استعرض خلاله آراء العديد من العرب والمسلمين، وبينهم نساء محجبات ومنقبات حول القضية.
وفي هذا السياق، قال محمد الزيارقة: quot;حكومة إسرائيل تعدل قوانين ستؤدي إلى الخراب، لأنها تدعو الفتيات إلى الخروج سافرات، وهذا أمر غير مناسب وعلى الناس الوقوف ضدهquot;.
وأيده في ذلك جمعة أبو زيد، الذي قال: quot;هذا أمر يتعارض مع تقاليدنا، وكذلك يتعارض مع حرية المرأة في ارتداء ما ترغب فيهquot;.
وقالت منقبة عرّفت عن نفسها باسم quot;فاطمةquot;، إن النقاب أحد الفروض الإسلامية، وأكدت أنها وأخريات quot; لا يحللن الخروج سافراتquot;.
أما نسرين أبو صيام، وهي محجبة، فقالت: quot;لكل إنسان شخصية مستقلة، ونحن اليوم في عالم ديمقراطي، ولكل شخص الحق بارتداء ما يرغب فيه، وبالتالي فأنا ضد هذا الأمرquot;.
في غضون ذلك، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون الثلاثاء أن مشروع قانون يحظر ارتداء النقاب فى البلاد سيعرض على الجمعية الوطنية فى مطلع حزيران/يوليو المقبل.
واحتدم النقاش فى الأيام الأخيرة بسبب امرأة كانت تقود سيارة وهي منتقبة هدد وزير الداخلية زوجها، الجزائري الأصل، بتجريده من الجنسية الفرنسية بسبب تعدد الزوجات.
كما وأثارت خطط فرنسا بشأن حظر النقاب في البلاد جدلاً شديداً داخل أروقة برلمان أوروبا، وقال رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا التركي ميفلوت كافوسوجلو: إن حظر النقاب ليس الحل للمشكلة.
وأكد أن مجلس أوروبا يعارض أي تقييد للحريات، ولكن رأي كافوسوجلو كان رأيًا شخصيًا حيث لم يكن باسم المجلس.
وسرعان ما تحولت القضية إلى مصدر إحراج للحكومة التي تواجه معضلة قضائية، إذ أن تعدد الزوجات المتهم به الزوج سيكون موضع تحقيق لكنه لا يعد في حد ذاته سببًا لسحب الجنسية، كما تواجه استنكار الجالية الإسلامية.
وقد نفى إلياس حباج زوج المرأة المنتقبة، عن نفسه تهمة تعدد الزوجات، التى يصعب إثباتها ما لم تكن مسجلة مدنياً، مشيرًا إلى أن quot;اتخاذ عشيقات ليس محظورًا في فرنساquot;.
من جانبه، قال المتحدث باسم الحكومة لوك شاتيل صباح الثلاثاء: quot;بما أن النقاب ليس موضع ترحيب في بلادنا وتعدد الزوجات محظور بفرنسا فإن التعدد الخفي ليس أيضًا موضع ترحيبquot;، وقال quot;عندما تريدون أن تتزوجوا دينيًا يجب أيضًا ان تتزوجوا مدنيًاquot;.
التعليقات