إعتبر مفيد الجزائري القيادي في الحزب الشيوعي العراقي أنّ المستقبل في البلاد هو للتيار الديمقراطي وليس للتيارات المتعصّبة طائفيًا أو قوميًّا. وفي حديث لإيلاف أكّد الحزائري أن القضية العراقية هي قضية الشعب العراقي، وهو من ينبغي أن يحسمها وأن يتّخذ القرار بشأنها، رافضًا بالتالي تدويلها.
بغداد: أكد مفيد الجزائري القيادي في الحزب الشيوعي العراقي أنّ قواعد الحزب الشعبية لم تنحسر مما سبب في النتائج التي حصل عليها في الانتخابات البرلمانية الاخيرة بقدر ما كان هنالك انخفاض في الوعي السياسي الذي جعل من الناخب البسيط عرضة اسهل للتلاعب من قبل القوائم الكبيرة المتنفذة، مشيرًا إلى أنّ المستقبل للتيار الديمقراطي وليس للتيارات الدينية المتعصبة طائفيًّا او قوميًّا.
وقال الجزائري الذي هو وزير الثقافة الاسبق والنائب السابق في البرلمان العراقي في حديث مع ايلاف ان هناك من يريد ان يدفع الاوضاع باتجاه المربع الاول، مؤكدًا ان حزبه ضد تدويل القضية العراقية لأنها قضية الشعب العراقي الذي هو من ينبغي أن يحسمها وان يتخذ القرار بشأنها.
* سأبدأ من الحزب الشيوعي والانتخابات الاخيرة، ما اسباب النتائج غير الجيدة التي حصل عليها ؟
- اسباب كثيرة ، فيها ما يتعلق بالجوانب التي تتعلق بالتعديلات التي اجريت على القانون والتي عمليًّا قطعت الطريق على التعددية والتنوع في مجلس النواب وحرمت اي كيان غير كبير من فرصة الوصول الى مجلس النواب ، وهناك اسباب تتعلق بامكاناتنا وظروفنا كقائمة اتحاد الشعب ، امكانات المالية والامكانات الاعلامية.
كما ان هناك امورًا تتعلق بالطريقة التي جرى فيها تصوير الامور من قبل القوائم الكبيرة المتصارعة والتي ادت الى نوع من الاستقطاب حتى لدى الرأي العام ، وعمليًّا احتار الناس بين ان يتخذوا قرارهم بالتصويت او عدم التصويت لهذه الجهة او تلك ، وفقًا لبرنامجها ولأهدافها ولما تريد ان تفعله، وايضًا وفقًا لما فعلت ولم تفعل في الفترة الماضية ، وجرى التركيز فقط على الجوانب التي فيها للاسف الشديد عناصر وتوجهات طائفية على الرغم من كل الحديث عن تجاوز الطائفية والاستقطاب الطائفي.
وهناك ايضًا التلاعبات التي صارت حديث القاصي والداني، حتى صار الجميع يشكون من التلاعب والتزوير ووصل الامر الى حد ان الهيئة التمييزية تتخذ قرار باعادة العد والفرز بشكل يدوي، ولو لم يكن هناك سبب لما اقرت الهيئة بالحاجة الى اعادة العد والفرز ، ولكن هذه طبعًا لا تعني ان كل شيء على ما يرام من ناحية الانتخابات التي تجري عندنا وان الناخبين في المستوى الذي نتمناه.
الناخبون العراقيون تعرضوا للكثير من التأثيرات السلبية من ايام النظام الدكتاتوري السابق والتي ادت الى انخفاض الوعي السياسي لدى نسبة كبرى من الجمهور العراقي، وهذه طبعًا تترك تأثيراتها ، فانخفاض الوعي السياسي يجعل من الناخب البسيط عرضة اسهل للتلاعب من قبل القوائم الكبيرة المتنفذة.
* هل تعتقد ان قواعد الحزب الشيوعي الشعبية انحسرت؟
- لا ، لا اعتقد ، لأننا عندما نقارن ارقام ما حصلنا عليه من اصوات على الرغم من كل هذا الذي تحدثت عنه ، ونقارنها بارقام ما حصلنا عليه في الانتخابات السابقة نجد على العكس .. هناك زيادة، وان لم تكن زيادة كبرى ، وطبعًا اضافة الى ذلك .. العوامل التي هي خارج ارادتنا ومن ضمنها التلاعبات والتزويرات، فمن الواضح ان الحديث عن الانحسار في غير مكانه.
* ظهرت دعوات تطالب بتغيير اسم الحزب .. ما ردكم على هذا ؟
- تغيير اسمنا او عدم تغييره هو رهن ارادة مؤتمر الحزب ، هذا قرار لا يتخذ من قبل القيادة وانما المؤتمر وحده الذي يحق له ان يغير اذا اراد ان يغير ، وسبق ان طرح مقترحا في احد المؤتمرات السابقة من هذا النوع، ولم يحصل على الاكثرية. دائما في اي مؤتمر نعقده الباب مفتوح امام من يرغب بطرح هذا المقترح ، والمؤتمر هو الذي يصوت ويحسم المسألة.
* لماذا لم تنضموا الى اي من القوائم الكبيرة او المتنفذة ؟
- لأن قسم منها لم نستطع ان نجد شيئا مشتركا بيننا وبينهم. وقسم آخر لم نجد عنده الاستعداد للتفاهم حول البرنامج والمشتركات التي ينبغي ان نتفق حولها ورغب في ان يفرض علينا شرطًا .. انه حتى اذا انضممنا ، فلاحقًا اذا صرنا جزءًا من كتلته يفرض علينا ما يريد ، يجب علينا ان نطيع ما يصدر عنه ويسلبنا هذا كله استقلالنا السياسي والفكري والتنظيمي، وهذا امر نرفضه رفضًا مطلقًا .
* يقال انكم الان تغردون خارج السرب... ماذا تقول في هذا؟
- بالعكس نحن في قلب السرب الحقيقي ، السرب الوطني ، من يغردون خارج السرب هم الذين يتوجهون الى العواصم الاقليمية والدولية ويزينون لها الدخول الى المعترك السياسي العراقي والتدخل فيه ، ومن يغردون خارج السرب هم اولئك الذين لايضعون المصلحة الوطنية نصب اعينهم وانما المصالح الضيقة التي هي قد تكون ذاتية شخصية حزبية طائفية ، وربما عشائرية والى اخره ، نحن في قلب المشروع الوطني ، واذا كان هناك من يعبر عن حقيقية المشاعر الوطنية والارادة الوطنية فنعتقد اننا نحن من ضمن هؤلاء وربما نكون في المقدمة.
* طالتكم اتهامات تشير الى ان الفكر الشيوعي ليس اسوأ من الفكر البعثي ما ردكم على ذلك؟
- هذا كلام لا اعتقد انه يستحق ان يرد عليه ، الشيوعيون وفكرهم وسياستهم عرفهم الشعب العراقي طيلة 76 سنة واكثر ، وايضا في الوقت نفسه عرفوا الفكر البعثي وتطبيقاته وتجرعوا الامرين والمصائب والكوارث بسببه ، فكيف يوضع من خرب العراق ودمره وصار جلادًا للشعب العراقي بمن واجهوا هؤلاء الجلادين ودافعوا عن الشعب ومصالحه ومطامحه واماله وكانوا كذلك منذ 76 سنة وما زالوا حتى اليوم وهم على العهد باقون.
* كيف تنظرون الى ما يحدث على الساحة السياسية الان من تحالفات وتجاذبات ؟
- والله نشعر بالاسى ، المعركة الانتخابية التي ابرز الجميع فيها عضلاتهم وكيف سيخدمون الشعب وكيف سيحققون مطالب الناس ويبدأون مسيرة البلد نحو الخدمات الافضل والقضاء على البطالة والفساد وتأمين بداية تحريك العجلة الاقتصادية وتأمين التنمية والتقدم الى الامام ، الان هم مشغولون ليلاً نهارًا في الصراع في ما بينهم على الكراسي والامتيازات وعلى المنافع ، وهذا شيء محزن جدًا حقيقة ، نحن تمنينا ونتمنى عليهم ان يعودوا الى القضية الاساسية التي خاضوا الانتخابات باسمها وهي قضية البلد والناس وتحقيق الاستقرار واطلاق عملية الاعمار والتنمية وتوفير ظروف افضل للناس ولحياة الناس وتوفير فرص العمل ، هذا هو ما ينبغي ان يتنافسوا عليه وان يتعاونوا من اجله ولا يدعوا المصالح والمنافع الضيقة تسيطر على سلوكهم وتفرقهم وتحولهم الى اعداء يتنابزون وكأنهم يستعدون لمقاتلة بعضهم.
* هل لديكم رأي معين بالتحالف الاخير بين الائتلاف الوطني ودولة القانون ؟
- نحن ندعم اي تقارب بين القوى السياسية وهذه الائتلافات التي تتكون سيبين الزمن مدى اصالتها وقوتها وقدرتها على البقاء والاستمرار من عدمه ، نحن نؤيد كل ما يجمع وليس كل ما يفرق ويمزق ويثير الشقاق.
* اقصد هل تجده تحالفا سياسيا ام طائفيا؟
- ما اعلن هو عن تحالف سياسي بين ائتلافين او كتلتين خاضتا هذه الانتخابات بشعارات متقاربة في الحقيقة ونحن نريد ان نتعامل معه بهذا الاعتبار كما اعلن ونأمل ان لا يتحول الى ائتلاف وتكتل طائفي.
* هل انتم مع تدويل القضية العراقية او ضدها؟
- ضد .. بالمطلق ، القضية العراقية قضية الشعب العراقي هو من ينبغي ان يحسمها وان يتخذ القرار بشأنها ، العودة يجب ان تكون الى الشعب اولا ، والشعب هو الذي يقرر ونحن لا نريد قطيعة لا مع الدول الاقليمية ولا مع الدول الاجنبية، ولكن كما انهم لا يقبلون بأن يتدخل احد في شؤونهم الداخلية او ان يدوّل قضاياهم ، كذلك نحن نرفض التدخل في شؤوننا الداخلية ونرفض محاولات تدويل قضيتنا التي هي قضية شعبنا اولا واخيرًا.
* هل تعتقد ان الاوضاع تشير الى عودة حتمية الى المربع الاول ؟
- هناك كما يبدو من يريد ان يدفعها باتجاه المربع الاول، ولكن نحن ما زلنا على الرغم من كل السلبيات في الوضع وفي تطورات المرحلة الماضية ما زلنا نعلق امالاً على حكمة القوى السياسية العراقية وقدرتها على ان تجد المشترك الذي يجعلها تقف صفًا واحدًا حتى ضد من يريدون اعادة الامور الى المربع الاول.
* هل لديكم رؤية حول مواصفات رئيس الوزراء المقبل؟
- يجب ان ينال الرضى والقبول من الاطراف السياسية المختلفة ولا سيما الاساسية في البرلمان، وهذا لا يعني ان توضع امور ومطالب تعجيزية، ولكن مصالح الجميع ينبغي ان تؤخذ بالاعتبار، البلد ما زال يمر بفترة الانتقال، نحن لم ننته بعد من بناء الدولة الجديدة، عملية البناء الجديدة لا زالت تتطلب تضافر جهود الجميع وحتى تتضافر جهود الجميع فلا بد من ان تقترب هذه القوى من بعضها ولا بد ان يكون رئيس الوزراء شخصية تجمع هذه الاتجاهات والاطراف المختلفة وتندفع في مقدمتها لتحقيق مصالح ومطامح وامال العراقين، من هنا اهمية شخصية رئيس الوزراء الذي ينبغي ان يكون مقبولاً من الشعب ومن القوى السياسية المختلفة الفاعلة بالاساس في العملية السياسية.
* نسمع ونرى الكثير من الحوارات بين القوائم والكيانات ولكن لم نسمع مثل هذا عنكم لماذا؟
- نحن دخلنا الانتخابات في قائمة (اتحاد الشعب) وهي قائمة تتكون من حزبنا الحزب الشيوعي العراقي ومجموعة من الكيانات السياسية الاخرى ، الاحزاب والشخصيات الديمقراطية ، مع هؤلاء عملنا على ان نلتقي معهم كما نحاول ان نجمع معنا لاحقًا القوى المكونة للتيار الديمقراطي ، نحن نعتقد ان المستقبل للتيار الديمقراطي وليس للتيارات الدينية المتعصبة طائفيًا او قوميًا او الى اخره، دخلنا الانتخابات كقائمة اتحاد الشعب والعملية الانتخابية لم تنته الى حد الان. النتائج الانتخابية لم تعلن بعد ، فالعد والفرز يعاد مرة اخرى ، وسنرى حين تنتهي العملية الانتخابية وتعلن النتائج النهائية ويتم اختيار رئيس الحكومة وتشكل الحكومة الجديدة ، فالظروف التي ستنشأ سنجد ان كانت هناك حاجة لان نتقارب مع قوى نجد انفسنا قريبين منها وهي قريبة من عندنا ، والا نحن نؤكد ونركز على توجهنا الحالي بدعم امكانات وقدرات التيار الديمقراطي وتطويرهما.
* هل ستكون لديكم حصة في الحكومة المقبلة ؟
- هذا سؤال لا يطرح علينا، ان كانت سوف تكون لنا حصة او لا تكون، وهو سؤال سيطرح في الوقت الذي سيشكل فيه رئيس الحكومة، الذي لا ندري من هو ،حين يشكل الحكومة الجديدة ربما سيعرض علينا او لا يعرض علينا، لا نستطيع ان نرجم في الغيب، واذا طُرِح علينا شيء من هذا النوع سندرس كل شيء في حينه.
- ما رؤيتكم المستقبلية للواقع السياسي وسط هذا الخضم؟
- نأمل ألا يحدث المزيد من التوتر والدفع باتجاه التدويل او باتجاه المزيد من الخلافات او تأجيج خلافات بين القوى والاطراف السياسية ، نحن ندعو الى تشكيل حكومة جامعة ، حكومة وحدة وطنية حقيقية تتمثل فيها كل القوى الموجودة في البرلمان وحتى ربما التي خارج البرلمان ما امكن ، لان كما قلت المهمات التي تواجه شعبنا وكقوى سياسية معنية ومشاركة في العملية السياسية وتريد انجاح هذه العملية السياسية يجب ان تعمل معًا وان تجمع جهودها في اطار الحكومة الجديدة وبالتالي نحن نرفض كل المواقف والفعاليات والاعمال التي تحدث شقاقًا وتباعدًا.
التعليقات