في لقائه مع مجموعة المفكرين والباحثين والإعلاميين العرب ممن شاركوا في مؤتمر العروبة والمستقبل الذي عقد في دمشق من 15 إلى 19 الشهر الجاري، بدد الرئيس بشار الأسد ما راود ويراود مخيلة اللبنانيين بوجود فتور في العلاقة بينه وبين رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري.

وقال في هذا الإطار باسماً إنه يحلو للبنانيين أن يضعوا معايير مختلفة لأية قضية تطرح عندهم وينسجون حولها القصص والروايات والتحليلات فيما يكون الواقع مغايراً تماماً لما يروج له. وبدا الأسد في كلامه الذي أدلى به قبل يوم من استقباله الرئيس سعد الحريري متحمساً لمساعدة لبنان في كافة المجالات وأكد استعداده لسماع ما سيحمله الحريري معه في زيارته الثانية إلى العاصمة السورية التي تمت يوم الثلاثاء الماضي، لافتاً بصورة خاصة إلى أن المساعدات الإقتصادية في هذا المجال قد تنفع في التخفيف من حالة الضيق المالي والاقتصادي التي يعانيها لبنان.

وما قاله الاسد بشكل مباشر عن مضي العلاقات قدما بينه وبين رئيس الحكومة اللبنانية الذي تعرف اليه حديثا، أضافت اليه المستشارة السياسية والاعلامية للاسد الدكتورة بثينة شعبان جوانب اخرى عندما نفت ان يكون لدى دمشق انزعاج من زيارة الحريري المرتقبة الى اميركا والنظر اليها على انها تساهم في تعزيز الموقف العربي لدى الادارة الاميركية، فيما خصت رئيس الحكومة اللبنانية بثناء خاص لدى إشادتها بالموقف الذي ادلى به خلال وجوده في اسبانيا رداً على الادعاءات الاميركية والاسرائيلية بحصول quot;حزب اللهquot; على صواريخ سكود وتشبيهه ذلك بالاقاويل الاميركية عن وجود اسلحة الدمار الشامل في العراق لتبرير غزوه حيث تبين عدم صحة ذلك.

وقد توقف المراقبون يومها عند تصريحات الحريري وتابعوا ردود الفعل الصادرة حولها خصوصا من الجانب الاميركي الذي عبر عن استيائه منها، كما جاء على لسان مساعد وزيرة الخارجية الاميركية، السفير الاميركي السابق في لبنان جفري فيلتمان، فيما نوهت اوساط سورية مطلعة بما قاله الحريري واعتبرت ان وقعه السياسي مضاعف كونه انطلق من أرض أوروبية لها وزنها على الساحة الدولية. وهذا ما دفع دبلوماسي عربي مخضرم الى وصف ما ادلى به الحريري بـ quot;صاروخ سياسيquot; اطلق بعناية ليدحض المزاعم الاميركية والاسرائيلية حول صواريخ سكود، ولـفتَ في هذا المجال الى ان وزير الخارجية السوري وليد المعلم استعان بالتشبيه نفسه الذي استخدمه الحريري في معرض رده على سؤال عن تزويد سوريا لحزب الله بصواريخ سكود.

واذا كان ثمة من رأى في موقف الحريري السابق quot;صاروخا سياسياًquot; موفقا من حيث المضمون والتوقيت، فان اوساطا سياسية لبنانية وقيادات في المعارضة (السابقة) اعتبرت اصدار الحريري أمس مذكرة بإقفال الادارات والمؤسسات العامة والبلديات وجميع المدارس والجامعات يوم الثلاثاء المقبل في الخامس والعشرين من الشهر الجاري بمناسبة quot;عيد المقاومة والتحريرquot; بمثابة اطلاق quot;صاروخ سياسيquot; ثانٍ يتضمن رسالة واضحة الى كل من يهمه الأمر في واشنطن ونيويورك بصورة خاصة بأن ما فعله الحريري هو ترجمة لموقف الحكومة الواضح الوارد في بيانها الوزاري لجهة تأكيدها على حق الدولة والجيش والمقاومة في التصدي لاي عدوان تتعرض له وتحرير الاراضي التي تحتلها اسرائيل.

كما رأى فريق في المعارضة ان قرار الحريري هذا جاء ايضا ليمحو quot;آثارquot; النفي الصادر عن مكتبه الاعلامي لكلام نسب الى رئيس الحكومة في صحيفة quot;السفيرquot; جاء فيه ان من حق المقاومة امتلاك صواريخ سكود وغيرها من الاسلحة، فيما فسرت اوساط متابعة ان هذا النفي املته الزيارة التي سيقوم بها الحريري الى الولايات المتحدة الاميركية وضرورة عدم التشويش عليها باطلاق مواقف داعمة للمقاومة ليتبين فيما بعد عدم الاخذ بهذه الاعتبارات والتأكيد ان سياسة الحريري تعتمد على النظر الى مصلحة لبنان أولاً وأخيرا كما قال ذلك صراحة في رده على انتقاد فيلتمان له...

تبقى الإشارة الى ان اعلان الحريري يوم الخميس المقبل عطلة رسمية يخالف ما انتهجه رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة الذي ألغى قرار التعطيل بهذه المناسبة . هذا وقد سارع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الى شكر الحريري على مبادرته والتنويه ايضا بدعوته جميع المدارس والمعاهد والجامعات الى تخصيص الحصة الأولى من يوم الاربعاء المقبل لشرح أهمية هذه المناسبة الوطنية. كما بعثت عقيلة الرئيس الراحل رفيق الحريري السيدة نازك الحريري برسالة الى نصر الله تهنئه فيها بذكرى التحرير.