تسعى القاهرة في المرحلة القادمة إلى التهدئة لاحتواء الأزمة مع دول المنبع بشان قضية مياه النيل
quot;التهدئة و التعاون الشامل مع دول حوض النيل، وتحركات دبلوماسية نشطة على الصعيد الدوليquot;، هذا هو العنوان العريض لإستراتيجية القاهرة في المرحلة القادمة لإحتواء أزمة مياه النيل مع دول المنبع، تلك الازمة التي وصلت ذروتها فى 14 أيار/مايو الجاري بتوقيع أربع دول على إتفاقية إطارية جديدة لتقاسم مياه النهر دون مصر و السودان، ما أثار غضب القاهرة التي تصر على ما تسميه بالاحتفاظ بحقوقها التاريخية في مياه النهر.
ملامح هذه الاستراتيجية تبلورت بشكل واضح من خلال تصريحات ادلى بها مسؤولون كبار فى الحكومة المصرية امس، تؤكد على دعم وتفعيل التعاون الشامل بين مصر ودول الحوض في جميع المجالات التنموية وتشجيع منظومة البحث العلمي وتعظيم مساهمة رجال الاعمال في دعم مسيرة التعاون المشترك بين مصر و دول الحوض وتجاوز الخلافات العالقة.
جاءت هذا التصريحات على لسان وزير الزراعة وإستصلاح الاراضي محمود أباظة، ووزير الموارد المائية والري محمد نصر علام عقب اجتماعات منفصلة جمعت في اليومين الماضيين الرئيس مبارك، ورئيس حكومته احمد نظيف، ووزير الخارجية احمد أبو الغيط مع إثنين من كبار المسؤولين بدول الحوض، رئيس جممهورية الكونغو الديمقراطية جوزيف كابيلا، ورئيس وزراء كينيا رايلا اودينغا. كان العامل المشترك فيها بحث أزمة مياه النيل وسبل التعاون المشترك.
quot;هناك خطة شاملة لدى الحكومة المصرية لتفعيل التعاون مع دول حوض النيل quot;، وفقا لقول أمين أباظة وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، الذي اكد على وجود quot;خطة متكاملة للتعاون مع دول الحوض تتبناها عدد من الوزارات quot;.
وتعتمد هذه الاستراتيجية المصرية على رجال الأعمال بشكل أساسي في غياب تام لدور الحكومة التي سيتركز دورها في تحسين العلاقات فقط وفتح النوافذ أمام رجال الاعمال. quot; رجال الأعمال المصريين، هم الذين سيقع عليهم العبء الأكبر في تنفيذ الأجندةquot;، وفقا لأباظة، الذي اكد ذلك بعد لقاء جمعه بوزير الخارجية احمد ابو الغيط عقب اجتماع الاخير مع اودينغا.
وأكد وزير الزراعة ان quot;هناك اولوية لإستيراد اللحوم من كل من أثبوبيا و السودان و العديد من أطر التعاون مع كل من كينيا وتنزنيا وبوروندي ورواندا و الكونغو، خاصة انها دول غنية بالموارد الطبيعة وغير مستغلة فى هذه اللحظات quot;.
لكن التعاون لن يتصر على ذلك فقط بل سيمتد أيضا الى quot;تشجيع منظومة البحث العلميquot;، وفقا لوزير الري محمد نصر علام، الذي اكد ان الجامعات المصرية استقبلت عددًا من طلبه الدراسات العليا بدول الحوض للدراسة فيها لنقل الخبرات الأكاديمية المصرية لهؤلاء الطلاب وتنمية مهاراتهم في مجال هندسة الموارد المائية.
ونوه الوزير ايضاً الى مشاركة القطاع الخاص ورجال الاعمال في دعم مسيرة التعاون المشترك بين مصر ودول الحوض.
وعلى جانب اخر تتجه مصر لتنظيم دورة رياضية فى كرة القدم تضم دول الحوض في اطار تعزيز التعاون واحتواء التطورات الاخيرة بسبب المياه، ودعا رئيس الاتحاد المصري سمير زاهر دول الحوض الى المشاركة في دورة تقام كل عامين قبل بطولة الأمم الأفريقية فى شهر كانون الثاني/يناير، تعقد بالتناوب بين دول الحوض على ان تبدا مصر باستضافتها.
وبالتوازي مع هذه الاستراتيجية، علمت quot;ايلافquot; ان القاهرة تقوم بالترتيب لجولات دبلوماسية مكوكية تشمل عدد من الدول الكبرى و الجهات المانحة لإحتواء ازمة مياه النيل وتوضيح موقف مصر من هذه القضية. ومن المقرر ان يقوم عدد من المسؤولين المصريين بجولات الى دول مثل اليابان وفرنسا وبريطانيا وايطاليا حيث توجد بها اكبر الجهات المانحة للاموال لبناء المشروعات في أعالي النيل، والتي يمكن أن تؤثر على حصة مصر.
وسيؤكد المسؤولون المصريون على ضرورة إستقرار هذه المنطقة، خاصة ان الإستمرار في تمويل هذه المشروعات من الممكن أن يثير مشكلات تؤثر على مصالح هذه الدول. ومن المقرر أن تشمل الجولات دولاً افريقية وأسيوية وأوربية.
وكانت مصر قد أخذت تطمينات من رئيس الكونغو الديموقراطية جوزيف كابيلا ورئيس وزراء كينيا دايلا أودينغا بخصوص عدم الإضرار بحصة مصر من مياه النيل، لكن لم تبعث هذه التطمينات الشعور بالارتياح بشكل كامل، في ظل تمسك كينيا، التي وقعت على الاتفاق فى وقت لاحق، بموقفها من الاتفاقية الجديدة.
وقال اودينغا في المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيف امس ان الاتفاقية الجديدة التى وقعتها بلاده في عنتيبي مع اثيوبيا واوغندا ورواندا وتنزانيا ستحل محل الاتفاقيات القديمة.
بيد انه اكد أنه لا نية للتأثير على أمن مصر المائي، قائلا في تصريحات نقلتها وكالة الشرق الاوسط إن quot;الرسالة التي يحملها هي رسالة تفاؤل مجددا أن مصر لن تتأثر بالاتفاقية الموقعة مؤخراً وأن الفقرة موضوع الخلاف سيتم النظر فيها والتفاوض بشأنها وليس هناك شيء منقوش علي الحجر وسوف نخرج في المستقبل بشكل مقبول من الجانبين من خلال التفاوضquot;.
ومن جانبه أكد كابيلا أن الكونغو مقتنعة بأن quot;أي اتفاق بين دول حوض النيل ينشئ مفوضية مبادرة حوض النيل لا بد أن يتم بتوافق الآراء ليحقق المصالح المتبادلة لدول حوض النيلquot;.
وتحصل مصر على حصة سنوية من المياه تقدر بـ 55.5 بليون متر مكعب بموجب اتفاقيتين سابقتين، لا تعترف بهما دول المنبع، بإعتبار انها وقعت اثناء الاستعمار، بينما تصر القاهرة على التمسك بالاتفاقيات التاريخة واتخاذ القرارات بالإجماع وليس بالغالبية والإخطار المسبق عن المشاريع المائية المقامة على مجرى النهر وهو ما تتيحه الاتفاقيتين السابقتين وترفضهما دول المنبع.
التعليقات