أغلبية قراء quot;إيلافquot; تعارض الموقف المصري السوداني حول مياه النيل |
رفضت مصر الإتفاق الإطاري الجديد بشان تقاسم مياه نهر النيل الذي وقعته في وقت سابق أربع من دول شرق أفريقيا مؤكدة معارضتها الشديدة لهذا المشروع، وأكد وزير الري المصري أن بلاده ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة للتأكيد لجميع المنظمات الدولية أن هذه الاتفاقيةquot; ضد القانون الدولي وغير ملزمة لمصر وتمثل تعديا على حقوقها المائيةquot;.
القاهرة، عنتيبي: وقعت اربع دول من شرق أفريقيا اتفاقًا جديدًا لانشاء مفوضية دائمة لادارة مياه نهر النيل يوم الجمعة مما يضعها على مسار تصادم مع مصر والسودان.
ويمتد نهر النيل بطول 6700 كيلومتر من بحيرة فكتوريا الى البحر المتوسط ويمثل موردا مهما للمياه والطاقة لتسع دول يتدفق النهر عبرها، ويلتقى النهران في الخرطوم ليشكلا نهرا واحدا يعبر مصر من جنوبها الى شمالها ليصب في البحر المتوسط.
ويمنح الاتفاق الاصلي الذي يرجع للحقبة الاستعمارية مصر حق الاعتراض على اقامة السدود وغيرها من المشروعات المائية في دول المنبع. وتقول هذه الدول ان هذا وضع غير عادل في ظل احتياجها المتزايد للتنمية والحصول على مزيد من المياه لدعم النمو الاقتصادي.
ورغم المعارضة القوية من جارتيهما في الشمال وقعت تنزانيا واوغندا ورواندا واثيوبيا الاتفاق في حين من المنتظر ان توقعه كينيا وبوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية خلال فترة فتح الاتفاق للتوقيع على مدى عام.
وتعليقا على ذلك قال المتحدث بإسم وزارة الخارجية حسام زكي في بيان ان quot;مصر لن تنضم او توقع على اي اتفاق يمس حصتها من مياه النيل وحقوقها التاريخيةquot; في هذا النهر، واكد ان quot;مثل هذا الاتفاق لا يعد ملزما لمصر باي شكل من الاشكال من الناحية القانونيةquot;.
وتضع مصر والسودان ايديهما على هذا المورد المائي الكبير اذ ان الاتفاق الحالي بشأن تقاسم مياه النهر الذي اعدته عام 1929 القوة الاستعمارية بريطانيا، والذي تمت مراجعته في العام 1959، يمنح مصر حصة قدرها 55,5 مليار متر مكعب من مياه النهر بينما يبلغ نصيب السودان وفق الاتفاقية نفسها 18,5 مليار متر مكعب اي انهما يحصلان معا على 87% من منسوبه محسوبا لدى وصوله عند اسوان في صعيد مصر.
كما يمنح هذا الاتفاق القاهرة حق الفيتو في ما يتعلق بكل الاعمال او الانشاءات التي يمكن ان تؤثر على حصتها من مياه النهر، التي تمثل 90% من احتياجاتها المائية.
وتعترض اثيوبيا وتنزانيا واوغندا وكينيا وجمهورية الكونغو الديموقراطية على هذا التوزيع وانتهى اجتماع تشاوري عقد الشهر الماضي في شرم الشيخ بخلاف معلن بين مصر والسودان من جهة والدول الأفريقية السبع الاخرى من جهة ثانية.
وقال وزير المياه والبيئة في رواندا ستانيسلوس كامانزي quot;تفاوضنا على النص الذي وقعناه للتوه لمدة عشر سنوات. وإذا لم نوقع اليوم اوكد اننا سنستمر لعشر سنوات اخرى من دون التوصل لاتفاقquot;، واضاف quot;اساس تجمعنا هو المضي قدما بسرعة..من المؤسف أن مصر والسودان لم يمكنهما الانضمام اليناquot;.
كذلك تغيب عن حفل التوقيع ممثلو بوروندي وجمهورية الكونغو الديموقراطية ومن ثم لم يوقع البلدان بالاحرف الاولى على الاتفاق الجديد.
وبموجب الاتفاقية الاصلية يحق لمصر التي من المحتمل ان تواجه نقصا في المياه في عام 2017 حصة تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويا وهو نصيب الاسد في جملة تدفقات النيل البالغة 84 مليار متر مكعب.
ومصر هي اكبر البلدان العربية سكانا ويتهدد قطاع الزراعة الهش بها بفعل التغير المناخي وربما يتجاوز النمو السكاني الموارد المائية المتاحة بداية من 2017.
وتخشى مصر من ان فقد قدرتها على رفض مشروعات في دول المنبع قد يخفض مقدار المياه المتدفق اليها بشكل كبير.
من جانبه اكد وزير الموارد المائية والري المصري محمد نصر الدين علام ان مصر قالت انها ستتخذ كافة الاجراءات القانونية والدبلوماسية اللازمة للحفاظ على حقوقها المائية.
وأضاف علام أن اي اتفاقيات من جانب واحد تبرمها دول حوض النيل الواقعة عند المنابع ليست ملزمة لدول المصب مصر والسودان وتفتقر للشرعية، مؤكدا quot;قدرة مصر وثقتها الكاملة في الحفاظ على كافة حقوقها التاريخية في مياه النيل وعدم المساس بحصتهاquot;.
من جانبها اعلنت كينيا في بيان دعمها الكامل للاتفاق الجديد مؤكدة رغبتها في توقيعه quot;في اقرب وقت ممكنquot;.
وقالت دول المنابع ان مقر اللجنة سيكون في بلدة عنتيبي الاوغندية على شواطئ بحيرة فكتوريا وانه سيكون لها سلطة الاعتراض على مشروعات الطاقة والري في الدول الموقعة او التوصية بادخال تعديلات.
وقال وزير الموارد المائية الاثيوبي أصفاو دينغامو quot;موارد نهر النيل لكل الدول وليست لبعض الدول او عدد قليل منهاquot;، واضاف دينغامو ان quot;التعاون ليس خيارا وانما ضرورة. النيل مورد للجميع وليس لعدد محدودquot; من الدول، وقال quot;لا اعتقد اننا نتجه الى حرب مياه. اذا عملنا معا وتعاونا فان النيل سيغطي احتياجات الجميعquot;.
...ورفض سوداني
كما عبر السودان عن رفضه ، وقال إن هناك حاجة لمزيد من الوقت للتوصل إلى أي اتفاق جديد، وأضاف أن اتفاقاً من دون مصر والسودان سيكون quot;مؤسفاًquot; ويقوض جهوداً بذلت على مدار عقود للتوصل إلى صيغة مقبولة من جميع دول الحوض التسع.
وقال أحمد المفتي وهو المستشار القانوني للسودان لدى مبادرة دول حوض النيل إن الاطراف قريبة جدا من بعضها، متسائلاً لماذا يتصرفون بمفردهم، موضحاً أن هناك حاجة للوقت فحسب.
وأضاف أنه ليس حقيقيا أن مصر والسودان تحصلان على نصيب غير عادل من مياه النيل لأن الدول الأخرى لديها وفرة من موارد المياه الاخرى، ومضى يقول إن لديهم المياه من مناطق أخرى ولديهم أمطار غزيرة، موضحاً أن هذه هي الطبيعة وأنهم ليسوا بحاجة إلى المياه لكن السودان يحتاج الى المياه.
وكانت وزيرة المياه الاوغندية جنيفر نامويانجغو قد اعلنت مؤخرا أن الاتفاقية الجديدة ستضمن quot;تقاسما أكثر عدالةquot; لمياه اكبر نهر في أفريقيا، بحسب ما ترى هذه الدول. وأوضحت بياكاتوند أن الدول اليت على استعداد للانضمام إلى الاتفاقية ستمنح مهلة سنة.
واكدت الوزيرة الأوغندية أن بنود الاتفاقية quot;لن تتغيرquot;، معربة عن الاسف لرغبة مصر والسودان في الابقاء على الوضع القائم. وقالت إن البلدين quot;سيتأكدان من صدقنا وجديتنا وأننا نبقي في اذهاننا أنه ينبغي ألا نواجهquot; هاتين الدولتين.
ولا يشير النص الجديد الى اي ارقام، للحجم او الامتار المكعبة، للتقاسم المقبل للمياه لكنه quot;يلغيquot; اتفاقي 1929 و1959 وفقا لنسخة سلمت الى وكالة فرانس برس.
وهو يسمح لدول الحوض باستخدام المياه التي تراها ضرورية مع الحرص على الا تضر بالدول الاخرى.
كما ينص الاتفاق على انشاء مفوضية لحوض النيل تكلف تلقي كل المشاريع المتعلقة بالنهر (من قنوات ري وسدود) واقرارها. وسيكون مقر هذه المفوضية اديس ابابا وستضم ممثلين للدول التسع المعنية.
ويعتمد أكثر من 300 مليون نسمة من دول الحوض على مياه نهر النيل، ويتوقع أن يصل هذا العدد الى 500 مليون بحلول عام 2025.
إنتقاد أوروبي
من جهته، اعتبر ممثل الاتحاد الأوروبي في القاهرة مارك فرانكو أن توقيع بعض الدول من حوض النيل اتفاقاً جديداً حول تقاسم مياه النيل من دون موافقة مصر والسودان quot;فكرة غير صائبةquot;.
وقال فرانكو، رداً على سؤال بهذا الشأن خلال مؤتمر صحافي: quot;ليس فكرة صائبة أن توقع سبع دول وثيقة في هذه المرحلةquot;. وأضاف الدبلوماسي الأوروبي الذي كان يعرض التقرير السنوي لعام 2009 حول العلاقات بين مصر والاتحاد الاوروبي quot;إننا قلقون من إمكانية أن تنقسم (مجموعة دول حوض النيل) الى مجموعتينquot;.
وأكد فرانكو أنه ينبغي العمل على عدم إضافة مصدر جديد للتوتر في منطقة هشة أصلاً بسبب النزاعات في منطقة البحيرات العظمي وفي دارفور وفي جنوب السودان.
ودعا الى quot;إعادة دراسة الملف والبحث عما يمكن عمله للتوصل الى حل وسطquot;، وإلى quot;تقليل التباعدquot; في المواقف حتى quot;لا تتعقد المشكلات السياسية القائمةquot;.
واكد أحد الخبراء أن quot;منسوب النهر لن يتاثرquot; بفعل مشروعات الري المستقبلية، وفي المقابل quot;فان بناء سدود يشكل نقطة خلاف واضحة، وقد يقلص ذلك بصورة كبيرة حجمquot; النهر، كما اقر هذا الاختصاصي الذي رفض الكشف عن هويته.
وقد تمسكت مصر بحصتها التقليدية من مياه نهر النيل وحذرت دول حوض النيل من توقيع اتفاق لتقاسم مياه النهر لا تكون طرفا فيه، واعتبرت القاهرة القضية مسألة أمن قومي مؤكدة أنها ستدافع عما وصفته بحقوقها التاريخية في مياه نهر النيل.
وتعتبر مصر الذي يصل عدد سكانها إلى زهاء 80 مليونا أن دول وسط افريقيا تستفيد من امطار غزيرة, يذهب قسم كبير منها هدرا، ويمكن استغلاله بطريقة افضل.
ولا تزال مصر تؤيد المفاوضات للتوصل الى اتفاق كما اكد وزير خارجيتها احمد ابو الغيط مؤخرا الذي قال أيضا quot;في حال وقعت بعض الدول اتفاقا لا يحظى باجماع، فاننا سنشدد على احترام القانون الدوليquot;.
التعليقات