لو دامت لغيرك ما وصلت إليك.. بهذه العبارة خاطب زعيم الائتلاف الوطني العراقي عمار الحكيم القادة العراقيين المتمسكين بالسلطة داعياً اياهم إلى النزول من بروجهم العاجية والتخلي عن طموحاتهم الشخصية وتقديم تنازلات للتسريع بتشكيل الحكومة من أجل إنقاذ العراقيين من quot;الظروف المزريةquot; التي يعيشونها وطالبهم بالالتزام بالتوقيتات الدستورية لانعقاد مجلس النواب واختيار الرئاسات الثلاث.. بينما طالب القيادي في الكتلة العراقية نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي بالاعتراف بان هذه الكتلة هي الفائزة في الانتخابات وتعطى كامل الحرية لتشكيل حكومة المستقبل.
قال زعيم الائتلاف الوطني العراقي عمار الحكيمإنه بعد أن تمت المصادقة النهائية على نتائج الانتخابات من قبل المحكمة الاتحادية بعد ثلاثة اشهر من الانتخابات تكون قد تحققت بذلك خطوة مهمة في الخروج من المجهول وصيانة المشروع الديمقراطي في العراق وquot;اصبحنا اليوم امام مجلس نواب مصادق عليه يمكن ان يمثل الانطلاقة الحقيقية وان يمسك بزمام المبادرة في تشكيل الحكومة لتقديم الخدمة الحقيقية للمواطنين كما ان القوائم الفائزة والكتل السياسية اصبحت اليومعلى المحك وعليها ان تتحمل مسؤولياتها كاملة في ان تضع حدًا وتنهي مرحلة الاتصالات والمشاروات وتبدأ مرحلة التفاوض الحقيقي لتشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن. جاء ذلك في كلمة ألقاها الحكيم في الملتقى الثقافي للمجلس الأعلى في بغداد بحضور جمع غفير من الشخصيات السياسية والثقافية والعشائرية.
ودعا رئيس المجلس الأعلى الإسلامي جميع القوى السياسية الى الالتزام بالأسقف الدستورية المقرّة لانعقاد مجلس النواب وتشكيل الحكومة وعدم استغلال الثغرات الدستورية او القانونية لإطالة الانتظار والترقب للعراقيين الذين quot;عانوا ما عانوه في الأشهر الثلاثة الماضيةquot;.
وقال ان الحديث عن تأجيل انعقاد مجلس النواب او جعل الجلسة الاولى جلسة مفتوحة لتأخذ عدة أشهر اخرى في مشاورات ومداولات خطوات تدعو الى الاحباط لدى الشارع العراقي. وطالب جميع القوى السياسية quot;بأن يضعوا يداً بيد وان يلتزموا بالأسقف الزمنية ويعملوا على تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكنquot;.
ودعا القادة السياسيين قائلا quot;انزلوا من بروجكم العاجية وأسقفكم العالية وطموحاتكم الشخصية وانظروا الى الظروف المزرية التي يواجهها المواطن العراقي في يوميات حياته انظروا الى ضعف الخدمات انظروا الى التحديات الأمنية التي تواجه الشارع العراقي اليوم إن مثل هذا التصلب والتمسك بالأسقف العالية والرغبات الشخصية لهذا او ذاك قد أرهقت المواطن العراقي كثيراً وعليكم ان تتنازلوا عن مطاليبكم وعن طموحاتكم لانكم مساءلون امام الشعب وامام التأريخ وامام الله عن هذه المواقف وهذا التصلب ولا بد لنا ان ندعوكم لاستذكار الحكمة الشهيرة (لو دامت لغيرك لما وصلت اليك) فما دامت انها وصلت لكم سوف لن تدوم لكم كما أنها لم تدم لمن سبقكم لا بد ان نفكر بمنطق جديد وبعقلية جديدة لنخرج من افق هذه الازمة علينا ان نجلس ونتحاور على طاولة واحدة كما ناشدنا لمرات عديدة دون جدوى من بعض اعزائنا واطرافنا السياسية علينا ان نضع مصالح البلاد وتقدمها على اي مصلحة شخصية اخرىquot;.
وشدد على ان مبدأ الشراكة الحقيقية وحضور القوائم الاساسية في الحكومة المقبلة يمثل اساساً وركيزة مهمة في نجاح مشروعنا السياسي والديمقراطي العراقي للمرحلة المقبلة. وقال quot;سوف لن نتحمل وزر حكومة تستثني وتستبعد ايًا من المكونات الاجتماعية الاساسية في بلادنا وسنبقى ندافع عن حقوق الجميع وسنبقى نناشد بالشراكة الحقيقية وسنبقى نقدم هذه التوصيات ونشجع الجميع في الجلوس إلى الطاولة المستديرة التي تعالج المشاكل وتضع الحلول والرؤية التي توحد الشعبquot;.
واوضح ان التحالف بين الائتلاف الوطني العراقي وائتلاف دولة القانونما زال متماسكاً ويواصل اجتماعاته وهناك تطور لافت في الوصول الى آلية لاختيار رئيس الوزراء داعيا جميع القوى التي تشكل الأئتلافين إلى ان تتحلى باعلى مستويات المسؤولية وان تقبل بالحلول الوسط التي تضمن المصالح العامة.
وبعد أن أدان الحكيم العدوان الاسرائيلي على قافلة الحرية المتوجهة الى غزة اشار الى قرب حلول الذكرى السنوية لرحيل الزعيم الايراني السابق الخميني فقال ان quot;هذه الشخصية المعطاء والفريدة استطاعت ان تضع الاسس لدولة ولنظام سياسي متنام يتمتع بالخصوصية وبالميزة الكبيرةquot;.
واضاف ان الامام الخميني كان متنوعا في اهتماماته ومتألقاً في ولوجه المسائل العلمية وخبيراً في التعامل مع شعب عشقه والتف حوله والتزم بتوجيهاته لما فيه مصلحة هذا الشعب وتلك الأمة التي وقفت معه quot; وقد اصبح الخميني في نهجه القيادي المميز أنموذجاً يدرّس في الجامعات وفي المعاهد وفي مراكز البحوث والدراسات كمنهج جديد بسماته الخاصة في المنظومات القيادية المعروفة في العالم وكان من اهم سماته وقوفه مع الجمهور حيث كان يحمل هذه النظرية ان القيادة يجب ان تكون صادقة مع الجمهور ويجب ان تطلع الجمهور على تفاصيل الموقف فليس من سرّ على الامةquot;. وكان العراق وايران خاضا خلال فترة حكم الخميني حربا استمرت 8 اعوام ذهب ضحيتها حوالى مليون شخص من الطرفين.
وجاءت كلمة الحكيم هذه في وقت اكد طارق الهاشمي رئيس قائمة تجديد والقيادي في كتلة العراقية نائب رئيس الجمهورية ان الخلاف اليوم بين القوى السياسية لم يعد متعلقا بتفسير الكتلة الاكبر إنما مضمونه العدالة والحق.
واضاف في تصريحات وزعها مكتبه اليوم ان الكتلة العراقية اليوم هي الكتلة الفائزة وينبغي ان يعترف خصومها بفوزها وان تعطى كامل الحرية لتشكيل حكومة المستقبل. وقال quot;نحن اليوم نتكلم عن معايير الحق والعدل وهي معايير تقع في صلب الدين وعلى هذا الاساس نتمنى من المرجعية ان تقول القول الفصل في هذا الخلاف لانه لم يعد خلافا سياسيا حول تفسير النص للمادة 76 من الدستورquot;.
وحول قرارات هيئة المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث وتأثيرها على الوضع الحالي أوضح الهاشمي ان جميع السياسيين كانوا يتوقعون انه اذا حصل بينهم جدل او خلاف فان القضاء سيكون في نهاية المطاف المفتاح لحل هذه الاشكالات. وقال ان quot;الذي حصل هو العكس مع الاسف الشديد فالقضاء سيس وفشل في حماية استقلاله، السلطة القضائية يجب ان تكون سلطة مستقلة تعمل وفق معايير النزاهة بحيادية كاملة وأنا اعتقد ان هذه المعايير لم توفق لها سلطات القضاء والاجهزة التابعة لها quot;.
واعرب عن اعتقاده أن جزءًا كبيراً من الاصلاح ينبغي ان ينصرف للإصلاح القضائي مشددا على ضرورة ان تخضع السلطة والمؤسسة القضائية بجميع مناصبها الى مراجعة موضوعية بناءة للتخلص من كل هذا الاضطراب الذي حصل. واوضح quot; لدينا اليوم مفارقة عجيبة تتمثل في ان تتقلد شخصية ثلاثة مناصب في آن واحد حيث إن السيد رئيس مجلس القضاء هو نفسه رئيس المحكمة الاتحادية ورئيس محكمة التمييز وهذا الموضوع مع تباين الاختصاصات وتعارض الصلاحيات لا يمكن quot;.
وعن المخاوف من العودة الى حكم الحاكم الواحد اكد الهاشمي أنه بمرور الوقت وخصوصا بعد السنوات الاربع الماضية جرى تعميق الفردية واستقطاب السلطة واستقطاب صلاحية اتخاذ القرار في حكومة اطلقنا عليها حكومة الوحدة الوطنية كنا نتمنى ان تكون حكومة شراكة وطنية ما سبب قلقا بالغا لدى الشعب العراقي. واضاف ان quot;هناك اليوم انحرافا عن السياق الديمقراطي الى تكريس الفردية ولا حصر للأدلة والبراهين على المنحى الذي مضت به ادارة الدولة خلال الاربع سنوات وهذا احد الاصلاحات المنتظرة خلال حكومة المستقبل بحيث تعزز حكومة الشراكة الوطنية ليس فقط باتخاذ القرار وانما في تحمل المسؤولية وهو ما لم يحصل خلال السنوات الاربع الماضية quot;.
وحول آلية اشراك جميع الكتل الفائزة في الحكومة المقبلة لبناء حكومة الشراكة الوطنية اوضح الهاشمي ان ما سيطرح مستقبلا في الحوارات والمباحثات لن يقتصر على منصب رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب فهناك ايضا رئيس المجلس الاتحادي وهو منصب سيادي ولدينا رئيس مجلس القضاء وهو منصب سيادي ايضا. وشدد على ان هذا كله بحاجة الى المراجعة بالاضافة الى وزارات بين خدمية واقتصادية وسيادية والهيئات المستقلة التي تم تعيين رئاسات لها دون توافق. وقال quot;لدينا متسع من المناصب لاستيعاب الجميع لكن في نهاية المطاف ما يشغل بال العراقية هو تقليص النفقات الجارية بالميزانية من اجل تعظيم الموارد التي تذهب الى الاعمار والتنمية quot;.
وبحسب الدستور العراقي فإن على الرئيس العراقي جلال طالباني ان يقوم وبعد مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات لمس الاول بدعوة مجلس النواب الجديد للانعقاد خلال 15 يوما من تصديق المحكمة العليا على النتائج، وعندها يكون امام الاعضاء 15 يوما لانتخاب رئيس للمجلس و30 يوما لانتخاب رئيس جديد.
وامام الرئيس الجديد 15 يوما ليطلب من أكبر كتلة نيابية تشكيل حكومة واختيار رئيس للوزراء، ووفق نتائج الانتخابات فإن القائمة العراقية لاتزال لغاية الآن هي الكتلة الاكبر بعد حصولها على 91 مقعدا في الانتخابات من اصل 325 مقعدا.
وأظهرت نتائج الانتخابات التشريعية الاخيرة فوز الكتلة العراقية بزعامة علاوي بالمركز الأول بحصولها على 91 مقعدًا يليها ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي وحصل على 89 ثم الائتلاف الوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم في المركز الثالث بحصوله على 70 مقعدًا وحل التحالف الكردستاني رابعاً بنيله 43 مقعدًا من مجموع مقاعد مجلس النواب العراقي الجديد البالغة 325 مقعدًا.
ويدور خلاف سياسي حاد حاليا حول تفسير المحكمة الاتحادية للكتلة الاكبر التي يحق لها تشكيل الحكومة الجديدة حيث تصر العراقية على حقها في هذا التشكيل باعتبارها الفائزة في الانتخابات لكن ائتلافي دولة القانون والوطني يقولان ان تحالفهما افرز كتلة اكبر في مجلس النواب لها 159 مقعدا وبذلك يكون له حق تشكيل الحكومة.
وكانت المحكمة الاتحادية قالت في الخامس والعشرين من اذار الماضي ان quot;الكتلة الأكبرquot; أو الكتلة النيابية الأكثر عدداً التي يمكنها تشكيل الحكومة. واشارت الى ان تعبير quot;الكتلة النيابية الأكثر عدداًquot; يعني إما الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة دخلت الانتخابات باسم ورقم معينين وحازت على العدد الأكثر من المقاعد أو الكتلة التي تجمعت من قائمتين أو أكثر من القوائم الانتخابية التي دخلت الانتخابات بأسماء وأرقام مختلفة ثم تكتلت في كتلة واحدة ذات كيان واحد في مجلس النواب.
التعليقات