تنشط تجارة المخدرات من جديد في المغرب وخاصة في منطقة كتامة التي توصف بأنها عاصمة quot;الحشيشquot; في المغرب، بينما يتوقع المزارعون انتاجًا قياسيًّا خلال الفترة القادمة من مادة القنب الهندي التي تزرع في مناطق صغيرة.

عادت أسعار القنب الهندي quot;الكيفquot; ومشتقاته لتنتعش من جديد ببورصة المخدرات في منطقة كتامة (شمال المغرب)، بعد سنوات من الكساد التجاري والحصار المضروب على مهربي ومنتجي هذه المادة المخدرة.
وليس هناك اتفاق حول طريقة مثلى لتصنيف المخدرات فهناك من يميز بين المخدرات إما اعتمادًا على تركيبتها الكيماوية أو نتائجها الكلينكية، وهناك من يصنفها انطلاقًا من أصلها سواء الطبيعي أو المصنع، وهناك من ينظر إليها من زاوية شرعيتها أو عدم شرعيتها.

مزارعون يتوقعون إنتاجًا قياسيًا

ما إن تبدأ في طي الطريق المؤدي إلى عاصمة الحشيش في المغرب،حتّى تضح لك معالم هذه المدينة الجبلية، التي يؤدي إليها طريق ملء بالمنعرجات، وتحيط به النبتة من الجهتين.

حقول القنب الهندي، ليست كما يرتسم في ذهن بعضهم، أراضي شاسعة وممتدة على طول البصر، بل هي فقط أراضي صغيرة الحجم، تعلوها هذه النبتة الخضراء، التي تعتلي عرش المخدرات في المملكة.
وعلى الرغم من كل هذه، إلا أن المزارعين ليسوا الأكثر استفادة من مداخيل القنب، الهندي، إذ إن هذه النبتة أفرزت طبقة من أغنياء التهريب تتجاوز سمعتها حدود المنطقة بفضل ما حصلته من ثروات طائلة، بعد أن جنت أرباحًا كبيرة من معاملاتها التجارية في تهريب وتجارة المخدرات على الصعيد الوطني والدولي.

وأدت الحملة الأمنية الواسعة، التي أطلقت للقضاء على مزارع القنب الهندي وتفكيك شبكة التهريب الدولية، إلى إدخال المنطقة في quot;حصارquot;، نتج عنه ركود دام طويلاً.
إلا أن quot;بورصةquot; كتامة عادت إلى الانتعاش من جديد، مع قرب حلول فصل الصيف، الذي يعرف رواجًا مهمًا.

وقال مزارعون، لـ quot;إيلافquot;، إنهم quot;يتوقعون ارتفاعًا غير مسبوق في إنتاج القنب الهندي برسم الموسم الفلاحي الجاريquot;، مشيرًا إلى quot;وجود مؤشرات جد إيجابية توحي بإنتاجية قياسية لم تشهدها المنطقة منذ عقد من الزمن، إذ ينتظر حسب المزارعين دائمًا أن تتجاوز مردودية الهكتار الواحد نحو 1950 كلغ بالنسبة إلى حقول الكيف السقوية، وزهاء 500 كلغ بالنسبة إلى الكيف البوري، وهو ما يشكل ارتفاعًا نسبته 63 في المئة مقارنة بمردودية السنة المنصرمة.

وأرجعوا السبب إلى quot;ملائمة الظروف الإنباتية لنبتة الكيف هذا الموسم، الذي سجل كميات قياسية من التساقطات المطرية لم تشهدها المنطقة منذ 1996، علاوة على حدوث تساقطات بداية الصيف الجاري، واستبدال نبتة الكيف المحلي بنبتة quot;الباكستاناquot; أو ما يصطلح عليه بـ quot;الماريخواناquot; المستوردة من باكستان، التي أضحت تغزو حقول الكيف بكتامة، في السنوات الأخيرة، بالنظر لكبر حجم نبتتها الطولي والعرضي وارتفاع إنتاجيتها عن نبتة quot;الكيفquot;، التي اعتاد عليها المزارعون مند عهود مضت.

وتنتج منطقتي كتامة وغمارة، التابعتين إداريا على التوالي لإقليمي الحسيمة وشفشاون، نحو 73 في المئة من الإنتاج الإجمالي من quot;الكيفquot; بالمغرب.

من جهة أخرى، عرفت زراعة القنب الهندي بالمناطق الجديدة تراجعا كبيرا بمحافظات تطوان، والعرائش، وتاونات، إذ اختفت زراعة الكيف هذا الموسم بجماعات ازريزر، وبوهودا، وفناسة باب الحيط، وبني ونجل تافراوت، وكلاز، والوردزاغ، وغفساي، والبيبان.

ولم تعد مشاهد زراعة الكيف تظهر بهذا النطاق من جبال الريف، إلا في الأحواض والمنخفضات والسفوح الوعرة، معظمها زرع ليلا لتلافي اعتقالات لجان مكافحة زراعة القنب الهندي.

هكذا يزرع quot;الكيفquot; بالمغرب!

على الرغم منالجهود المبذولة للقضاء على النبتة، إلا أن عملية المكافحة لا تتحقق فقط بمواجهة ظاهرة الترويج والتسويق، وإنما من خلال مقاربة استباقية تقوم على اقتلاع واستئصال المساحات المزروعة والحيلولة دون انتشارها في اتجاه وسط وجنوب المغرب، أي العمل على احتواء زراعة القنب الهندي بمناطق الريف مع العمل على اجتثاثها في المناطق المجاورة، وفي مرحلة لاحقة استئصالها من معقلها في مرتفعات جبال الريف.
في إطار هذه الإستراتيجية عرف إنتاج القنب الهندي، ابتداء من سنة 2004، انخفاضًا بنسبة 10 في المئة، مسجلاً نسبة تراجع .

لكن التقليص من الإنتاج يقتضي أيضًا توجيه الفلاحين نحو زراعات أخرى بديلة ذات مردودية من الناحية المادية، وهو ما شكل تحديًا حقيقيًا خصوصًا إذا أخدنا في الاعتبار أن زراعة القنب الهندي كانت متأصلة في بعض المناطق منذ القرن السادس عشر.
فبحسب المختصين في المجال، فإن تشجيع الزراعات البديلة لا يتحقق بمجرد اعتماد إجراءات أو تدابير للمواكبة، وإنما ينبغي وضع مخطط استراتيجي بعيد المدى نظرًا، لكون الظاهرة تنطوي على أبعاد اقتصادية وأخرى اجتماعية.

ويشمل نبات القنب أنواعًا مختلفة، منها القنب الهندي، والقنب الأسيوي، والقنب الإفريقي. وترجع أصوله إلى جبال الهملايا، وعرفه الإنسان منذ عقود طويلة، وخاصة بالشرق الأقصى والأوسط، واستخدمت أوراقه في صناعة الملابس، والنسيج، والورق، والحبال. كما استخدمت المواد المستخلصة منه، وخاصة الحشيش، في أغراض علاجية للتخفيف من الآلام والتقليل من الأرق.

وفي بداية القرن 19، ومع عودة جنود بونابارت، والأطباء الإنجليز من الهند، جرى إدخال هذه المادة إلى أوروبا التي طورت استخدامه طبيا لعلاج آلام الرأس، والربو، والصرع. كما طورت الولايات المتحدة الأميركية هذا الاستخدام الطبي نحو معالجة داء السرطان والقيء.

وانتشرت زراعة نبات القنب في مختلف دول العالم، ولم تعد زراعته تعتمد على الوسائل التقليدية، بل أضحت هذه الزراعة تعتمد على تقنيات متطورة في الدول الأروبية، ومنها تقنية الزراعة المغطاة التي تزداد نسبتها بـ 20 في المئة من الفعالية، وهي تقنية تستعمل في إنكلترا، كما تعتمد هولندا بالخصوص على تقنية البيوت الزجاجية.

وتبدأ زراعة مادة القنب الهندي، في نهاية شهر يناير، في بعض المناطق الشمالية للمغرب، وهي زراعة قد تكون بورية أو مسقية، وذلك حسب الموسم الفلاحي وتساقط الأمطار.
ولكل زراعة أهميتها، فالزراعة البورية تكون مبكرة وتعتمد على التساقطات المبكرة، أما الزراعة المسقية فقد يتم تأخيرها، إذ عادة ما تزرع بالسهول، والحقول، والمروج المجاورة للوديان والآبار.

ويميز المزارعون عادة بين الكيف الأطول والأقصر طولا، فالأول يكون مسقيًا وقد يصل طوله إلى مترين ونصف ويتميز بزرقته واحتياجه المفرط للماء، أما النوع الثاني فقد يصل طوله أحيانًا إلى متر.

وتتطلب عملية زراعة الكيف مجهودًا جبارًا من الفلاحين، وخصوصًا عملية التنقية، وهي عملية يتم فيها تنقية الكيف من الشجيرات المذكرة ذات اللون الأبيض التي تسيء للشجيرات الخضراء المؤنثة، وبعد ذلك تبدأ عملية الحصاد، التي تتم في أبعد تقدير، خلال شهري يونيو أو يوليوز، فيتم قطع أشجار الكيف وحملها في شكل أحزمة إلى أماكن خاصة من أجل تجفيفها عبر تعريضها لأشعة الشمس طيلة يوم كامل، لتجمع وتربط في شكل ربطات تزن كل ربطة كيلوغرام ونصف وتوضع بشكل متقن في محلات أو بيوت بطريقة تمكن من حفظها وتستجيب لشروط الصيانة في انتظار بيعها على طبيعتها أو نفضها وتحويلها، لبيعها على شكل صفائح حشيش.