بغداد:تتجه العلاقة بين أتباع جيش المهدي الذي يأتمر بأمر مقتدى الصدر وعصائب أهل الحق التي يقودها الشيخ قيس الخزعلي نحو التصادم بعد البيانات المتتالية التي يطلقها مقتدى الصدر على شكل استفتاءات تستهدف النيل من رفاق الأمس أعداء اليوم، حد تشبيه أتباع قيس الخزعلي بأتباع معاوية بن أبي سفيان وفق أحد بيانات الصدر مؤخراً. وهو تشبيه يبين مدى الهوة الكبيرة بين الصدر والخزعلي اللذين تباعدا منذ عام 2004 بعد معارك النجف وبغداد بين القوات الاميركية والعراقية من جهة، وجيش المهدي من جهة أخرى يوم كان الشيخ قيس الخزعلي ناطقا رسميا باسم تيار الصدر قبل أن ينشق احتجاجا على وقف العمليات العسكرية من قبل مقتدى الصدر عام 2004.
ليعلن بعد ذلك تأسيس عصائب أهل الحق مع عدد من قادة جيش المهدي من بينهم اكرم الكعبي وليث الخزعلي وحسن سالم الذين خاضوا مع آخرين عدة عمليات عسكرية ضد القوات الأميركية والبريطانية ونجحت العصائب في خطف وقتل جنود وضباط اميركيين في عملية نوعية في كربلاء مطلع عام 2007 وهي العملية التيجعلتالقوات الاميركية والبريطانية تسارعإلى إلقاء القبض على الخزعلي وعدد من قادة العصائب في البصرة من العام نفسه لينجح قادة في العصائب في خطف خبير المعلومات البريطاني بيتر مور وأربعة من أفراد حمايته البريطانيين.
ذروة الخلاف بين الصدر والخزعلي كانت بعد أن تفاوض الخزعلي من خلال وسطاء عراقيين في سجنه على إطلاق سراح اكبر عدد من معتقلي جيش المهدي والعصائب مقابل الإفراج عن الرهائن البريطانيين حيث يحرم الصدر الخطف وquot;التفاوض مع المحتلquot; وفق بياناته، حتى لو كان لأجل إطلاق سراح معتقلين. فتم تفسيق من يفاوض في السجن ومن يخرج من السجن وفق تلك المفاوضات. فخرج عن طوق الصدر من خرج من قادة سابقين وانضموا إلى الخزعلي الذي حصد شعبية كبيرة في مدينة الصدر شرق بغداد المعقل الأكبر لمقتدى الصدر بسبب الاحتفالات الشعبية بإطلاق سراح المعتقلين فتحولت صور الخزعلي مكان صور الصدر الذي وصف العصائب بالمصائب في احد بياناته.
وقد انتظر الصدر زيارة الخزعلي لإيران بعد إطلاق سراحه مطلع العام الحالي ليسلم الصدر القيادة ويعلن عودة العصائب لحضن جيش المهدي المجمد بأمر من الصدر لكن الخزعلي كان ندا لزائره منتشيا بالشعبية التي يحصدها في بغداد ومحافظات الجنوب. فما كان من الصدر إلا إصدار بيانات تتبرأ من العصائب بل وحملهم الحرب الطائفية التي حدثت في العراق عام 2006 و2007. ونصح أتباعه بالابتعاد عن quot;الاثم الذي يتولد بمصاحبتهمquot;.
ولم يكن لقاء الناطق الإعلامي باسم مكتب الصدر في بغداد الشيخ عبد الهادي الدراجي بالمنتظر لدى زائريه بأمر من مقتدى الصدر للتهنئة بإطلاق سراحه وعرض مبلغ من المال يقول مقربون من الدراجي كان عبارة عن حقيبة مليئة بالنقود جلبها الناطق باسم الصدر واحد مساعديه. لكنه رفضها ورفض العودة لقيادة الصدر. فما كان من أتباع الصدر إلا تسيير تظاهرة كبيرة في مدينة الصدر ربيع هذا العام تندد بالدراجي الذي وصفه أحد الهتافات بعميل الاميركيين.
أتباع الخزعلي يقولون إنهم يتلقون تهديدات بالقتل، اليوم، من أتباع لواء اليوم الموعود (وهو لواء اسسه منشقون عن الخزعلي انضموا للصدر وظلوا ضمن المجاميع الخاصة حسب الوصف الاميركي). ويضيف أتباع الخزعلي في أحاديث لايلاف انهم يوصفون بشتى التهم والاوصاف في خطب الجمعة التي تتبع جميعها لمقتدى الصدر. وباتت تسمع هتافات النيل من الخزعلي واتباعه في خطب الجمعة من قبل المصلين مثل (ملعون قيس الخزعلي) . فيرد أتباع الخزعلي معترضين على الهتاف وعلى الشعارات المعادية لهم التي تلصق على جدران مدينة الصدر ويسعى اتباع العصائب لتمزيقها وسط تدافع وشتائم الصدريين.
أتباع الصدر تحدث بعضهم لإيلاف واصفين الخزعلي بالخارجي وأتباعه بالخوارج الذين لا تجوز صداقتهم حتى وفق آخر بيان من الصدر يرى في مصادقة أتباع الخزعلي التشجيع على الآثم. ويرون أي خروج عن قيادة مقتدى الصدر الذي يرونه كوريث آل الصدر أشبه بالخروج عن الدين.
علاقة الصدر امتدت لكل من يلتقي الخزعلي ولعل علاقته مع رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي متأثرة باستقبال المالكي قادة في العصائب هم سلام المالكي والشيخ عبد الهادي الدراجي وليث الخزعلي شقيق قيس الخزعلي قبل أشهر، محملا حكومة المالكي لعب دور الوسيط في التفاوض مع الاميركيين في صفقة الرهائن البريطانيين.
لكن اتباع العصائب وجدوا في لقاء الصدر مع رئيس الورزاء العراقي الاسبق أياد علاوي ثغرة للنيل من مقتدى الصدر الذي حاصره علاوي في معارك النجف في ضريح الامام علي بن ابي طالب مع أتباعه الذين بينهم من انشق عنه بعد ذلك. وقد وصف الصدر علاوي يومئذ بالدعي عام 2004 حين قالquot;يخيرني الدعي بين السلة (القتل) والذلة وهيهات منا الذلةquot;. وهو قول الامام الحسين بن علي بن أبي طالب يوم كربلاء.
ويرى متابعون عراقيون أن العلاقة بين الصدر والخزعلي لن يكتب لها العودة كما كانت يوما بل قد تتطور لصدامات مسلحة إذا ما ظلت لغة التهديد والتفسيق قائمة بينهما. ويرون أن القوات الأميركية قد تنتقم من عصائب أهل الحق من خلال تشجيع الصدر من طرف خفي على مهاجمتهم، وربما الدخول في صدام عنيف معهم.
خشية الصدام تقترب، ما لم يتم تداركها، مع اقتراب الزيارة المليونية التي يقوم بها شيعة العراق مشيا على الاقدام نحو مدينة كربلاء (110 كم جنوب غرب بغداد) بمناسبة ذكرى ولادة الامام الثاني عشر للشيعة المهدي المنتظر التي تصادف في الخامس عشر من شعبان. التي تصادف بعد ثلاثة أيام. فعادة يتم رفع شعارات وترديد هتافات وأناشيد ذات طابع سياسي تحريضي. وقد استبق اتباع الصدر المناسبة باستصدار فتوى منه بمدى شرعية الاستماع إلى رواديد العصائب وهم (المنشدون) في المناسبات الدينية. فجاء الرد سريعا بعدم الاستماع إليهم لانه يبعث على الاثم والمفسدة.
ثمة تبادل مواقع غير مقصود بين الزعيمين فالصدر يستعد للعودة للنجف من مقر إقامته في قم في إيران بحماية رسمية وموافقة أميركية فيما يبقى الخزعلي حذرا من العودة مواصلا مفاوضاته من قم أيضاً عبر وساطات عراقية مع الجانبين البريطاني والأميركي لتسليم الأول جثة المجند والمترجم الأميركي من أصل عراقي أحمد الطائي الذي يتوسط قادة العصائب لاستعادتها من مسلحين يقولون إنهم يحتفظون بها وللثاني آخر جثة لعناصر حماية خبير المعلومات البريطاني بيتر مور وهو quot;الآن مكمينيميquot; الذي توقفت عملية تسليمه بسبب حملة اعتقالات تقول العصائب إنها طالت أفرادها خلافا للاتفاق مع الحكومة والقوات الأميركية بإيقاف الملاحقات بحقهم.
التعليقات