لجأت فتاة منقّبة من قطاع غزة إلى تعلم قيادة سيارة شاحنة في خطوة هي الأولى من نوعها في قطاع غزة، حيث لم يسجل سابقًا في القطاع حصول أي فتاة على رخصة قيادة شاحنة، وتقول لينا ابراهيم ان المستقبل المجهول هو الذي دفعها إلى ذلك.

على الرغم من حالة أسرتها المادية الجيدة، إلا أن لينا إبراهيم لا تتوقع غدًا مشرقًا في ظل ضبابية حياة الفلسطينيين وقضيتهم المرتبطة بعوامل سياسية داخلية وخارجية دولية. وتشير الفتاة لينا بيدها نحو صورة لشمس الحرية معلقة على حائط لمدرسة تعليم قيادة السيارات في غزة، وكأنها تتأمل المستقبل.

تقول لينا التي تدرس في الجامعة quot;فضّلت أن أستغل الإجازة الصيفية الجامعية في تعليم قيادة سيارة شحنquot;. ومن النادر أن تجد فلسطينية تقود مثل هذا النوع من السيارات التي تحمل عادة سلعًا ومواد غذائية وهي مهنة عادة ما تكون للرجال.

لكن لينا quot;22 عامًاquot; تقول لإيلاف quot;ليس من العيب أن تعمل المرأة في مجالات مختلفة كانت تعتقد أنها حكر على الرجل، فالظروف في غالب الأحيان تدفع المرأة لأن تعمل في مجالات لم تكن تعمل بها في السابقquot;. هذا المفهوم النسوي بدأ يدخل حيّز التنفيذ بالنسبة إلينا وغيرها من الفتيات.

وكانت سيدة اخرى فلسطينية من غزة عملت في مجال ميكانيكي سيارات، وهي السيدة الوحيدة التي تمتاز بهذه المهنة، ما جعل معظم السيدات اللاتي يمتلكن سيارات خاصة، لأن يصلحن سيارتهن عندها.

وتعتقد لينا أن الوضع الإقتصادي الفلسطيني يمر بمراحل أكثر سوءًا. وقالت لإيلاف quot;الفقر والبطالة إزدادت بشكل كبير جدًّا، ما حذا بالشباب للبحث مطوّلاً عن عمل دون جدوى، وكذلك للفتياتquot;. ولا تعتقد لينا التي تدرس بصريات طبية في احد جامعات غزة، أن شهادتها الجامعية ستفتح لها مجالاً للعمل. وقالت quot;آلاف الخريجين والخريجات أنهوا دراستهم الجامعية دون أن يتمكنوا من الحصول على عمل مناسبquot;.


ويعمل إبراهيم والد لينا في مهنة ميكانيكي سيارات. وقال لإيلاف quot;الحمد الله وضعي المادي جيد، ولست بحاجة إلى عمل إبنتي، فأنا أقنعتها بتعليم قيادة سيارة الشحن، كي يكون لها مجالاً أوسع في المستقبل في حال تزوجتquot;. وقالت لينا quot;قد يكون نصيبي في الزواج من شاب تعصف به رياح الأيام والسنين، وأضطر لأن أعمل على سيارة شحنquot;.

ويقول والدها إن عمل المرأة يفيد كثيرًا في الحياة الزوجية ولهذا كان أولادي الذكور معارضين تمامًا للفكرة في بداية الأمر، لكنهم رضخوا للواقع وتقبلوا أن تقود أختهم سيارة شحن دون خجل. وقال quot;يجب أن يساعد كل منهما الآخر في حياتهماquot;، في إشارة للزوج وزوجته.

ولا يتعلق موضوع تعليم الغزية لينا بشهرة إعلامية أو ما شابه. وقالت quot;بالطبع لا يهمني الأمر مطلقًا، حتى هنا الكل يستهجن ركوبي للسيارة الشحن وينظرون إليّ بنظرات غريبة، لكن هذا الوضع لا يهمني بالمطلق لطالما أنا لا أعمل شيئًا خطأquot;. وتعلق الفتاة ضاحكةً على شاب كان يقود دراجته النارية حينما رآها وهي تقود الشاحنة، فترك دراجته ونظر إليها مطوَّلاً، وكاد أن يصطدم في سيارة أخرى

وأشارت صابرين أبو لحية، مديرة مدرسة لتعليم قيادة السيارات، أن لينا الوحيدة بين النساء الغزاويات اللاتي تعلمن على سيارة شحن. وقالت لإيلاف quot;ما زالت النساء في غزة بحاجة إلى فرصة أكبر وحرية اوسع في ظل ظروف الأراضي الفلسطينية الصعبة للغايةquot;.

وأضافت quot;لينا تتعلم بسرعة كبيرة، وفي بعض الأحيان تفوق الشباب في الإستيعابquot;. وتنتظر لينا أن تدخل الفحص النهائي بعد أيام قليلة، لكنها لن تأمل حاليًا أن ينتظرها العمل بمجرد حصولها على رخصة قيادة السيارة أو حتى إنهاء دراستها الجامعية، مثلها مثل جيوش الخريجين الذين ينتظرون تغير الوضع الإقتصادي والحالة السياسية الفلسطينية العامة التي تلقي بظلالها على حياة الناس وفرص العمل داخل الأراضي الفلسطينية.