بعد جولة مكثفة من الجولات الداخلية خلال شهر رمضان، غادر رئيس الوزراء الكويتي بلاده أمس، الى سويسرا في زيارة خاصة، بعد أن سجل لصالح تلفزيون الكويت أول مقابلة تلفزيونية مطولة له، تبث الليلة، وينتظر أن يخصصها للحديث عن الملفات الداخلية.

في أول مقابلة تلفزيونية مطولة يدلي بها منذ تعيينه في شهر شباط|فبراير عام 2006 رئيسا للوزراء، يطل الشيخ ناصر المحمد الصباح رئيس الحكومة الكويتية الليلة، ليخاطب الشارع الكويتي عبر شاشتهم المحلية الرسمية، متحدثا بوصفه الرجل التنفيذي الأول في الدولة الكويتية عن القضايا والملفات المحلية، التي ينتظر الشارع الكويتي سماع مواقف وتقديرات الشيخ المحمد تجاهها، بعد نحو ثلاثة أسابيع من النشاط الداخلي المكثف والمتواصل منذ بدء شهر رمضان المبارك، حيث جال على عدد كبير من الديوانيات الكويتية، وزار العديد من مقار التكتلات والتيارات السياسية الكويتية، وسط إنطباعات بأن الشيخ المحمد يريد أن يفتح جميع قنوات الإتصال مع الجميع في الداخل الكويتي، ويخطط لعلاقة مثالية مع جميع التيارات السياسية داخل البرلمان الكويتي الذي سيعود للإنعقاد في السادس والعشرين من الشهر المقبل.

ويأتي حديث الشيخ المحمد في وقت كثر فيه الجدل في الداخل الكويتي، حول العديد من القضايا والملفات الداخلية، وفي مقدمتها أزمة الرياضة الكويتية، التي طال أمدها على وقع خلافات شخصية بين فريقين رياضيين متناحرين بسبب رغبتهما في الإستحواذ على مقاليد القرار في الهيئة العامة للشباب والرياضة، وإتحاد كرة القدم الكويتي، الذي باتت شرعيته معلقة على الإعتراف الداخلي به، وتصويب مسألة إنتخابه وفقا للقوانين الرياضية المحلية، علما أن أطراف كويتية تبذل بصمت مسودة تفاهمات ترضي الأطراف المتصارعة لإنهاء أزمة الرياضة في أقرب وقت ممكن.

كما يلح ملف القروض ومديونيات الكويتيين، ليصار الى بحثه في أقرب الآجال، علما أنه مثابة مشروع أزمة سياسية قد تعيد علاقة الحكومة بمجلس الأمة الى مربع التصعيد السياسي، خصوصا وأن أطراف برلمانية لم توافق على مقترحات الحكومة لتخفيف معاناة المواطنين المتعثرين جراء القروض البنكية، عبر تأسيس صندوق حكومي لإعانة المعسرين، وفق شروط، إذ تريد أغلبية برلمانية أن تبادر الحكومة الى شراء الفوائد التي رتبتها البنوك الكويتية على قروض أقرضتها لآلاف الكويتيين، على أن يعيدوا جدولة القروض بدون فائدة.

وترى الحكومة الكويتية بأن هذا المقترح النيابي، يرتب هدرا لثروة الأجيال المقبلة، ويكلف خزينة الدولة من المال العام كلفة باهظة تتجاوز العشرين مليار دولار أميركي، وهو أمر يتعارض مع أبسط القواعد الإقتصادية في العالم، وإذا ما أجابته الحكومة، فإنه سيعرض الإقتصاد الكويتي للخلل، إذ تستعيض عنه بصندوق لإعانة المعسرين، ينتظر أن يبدأ بإستقبال الطلبات خلال أيام قليلة، وسط ترقب للحراك البرلماني في هذا الإطار، إذ تعد أطراف برلمانية العدة لإعادة طرف ملف القروض في الأيام الأولى لدور الإنعقاد المقبل.

وينتظر أن يركز رئيس الوزراء الكويتي في حديثه الليلة في تمام الساعة التاسعة والنصف حسب التوقيت المحلي للعاصمة الكويتية، على تصوراته، وتقديراته لملف خطة التنمية التي تحظى بإهتمام كبير من جانبه، إذ سيتحدث الى الكويتيين عن قراراته مواقفه التي سيتخذها إزاء التقاعس من جانب كبار الموظفين في الحكومة، في تطبيق خطط ومشاريع التنمية، كي يلمس الشعب الكويتي آثار هذه الخطة التي أقرها البرلمان الكويتي قبل أشهر قليلة، علما أن رئيس الكويتي يستمع يوميا الى تقارير شفوية، ويقرأ أخرى مكتوبة من قبل كبار المسؤولين عن التقدم في مستوى الإنجاز للخطة، ويتوقف كثيرا عند التفاصيل، ويبادر الى توجيه المعنيين بالنصائح والتوجيهات والملاحظات التي دونها من التقارير الواردة إليه.

ورئيس الوزراء الكويتي الذي غادر بلاده أمس متوجها الى سويسرا في زيارة خاصة، يعقبها بزيارة عمل الى الولايات المتحدة الأميركية لتمثيل أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح في الإحتفالات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، قد حظي بشكل متجدد منذ العام 2006 بثقة أمير دولة الكويت، وكان يبادر الى تعيينه في هذا المنصب، رغم مبادرته للإستقالة مع خمس حكومات، واضعا نفسه رهن تصرف الأمير الكويتي على خلفية متاعب وصدامات مع البرلمان الكويتي، بسبب تباين المواقف حيال الملفات الداخلية.

ويحمل رئيس الوزراء الكويتي درجة البكالوريوس في السياسة والإقتصاد من جامعة جنيف السويسرية، كما أنه يتقن الى جانب لغته العربية الأم، اللغات الإنجليزية، والفرنسية، والفارسية، وله إبنان هما الشيخ صباح الذي يعمل مستشارا في الديوان الأميري، والشيخ أحمد الذي يعمل في وظيفة عليا في وزارة الخارجية الكويتية، من زوجته الشيخة شهرزاد الحمود الصباح، إبنة عم والده الراحل الشيخ محمد الأحمد الصباح أول وزير دفاع في أول تشكيل للحكومة الكويتية بعد الإستقلال.

وتولى الشيخ المحمد مهام العمل الدبلوماسي مبكرا، إذ خظي بثقة القيادة السياسية العليا في عقد الستينات من القرن الماضي، ليكون سفيرا للكويت لدى إيران، وهي عاصمة مهمة جدا في ذلك الوقت، قبل أن يصبح فيها عميدا للسلك الدبلوماسي، وذلك من بعد تأديته واجب الخدمة مبعوثا دبلوماسيا في جنيف ونيويورك وكابول، قبل أن يعاد ليصبح وكيلا لوزارة الإعلام، قبل أن يصبح وزيرا لهذه الوزارة المهمة جدا، ثم صار لاحقا وزيرا للشؤون الإجتماعية والعمل، وهو المنصب الذي غادره ليعين من قبل أمير دولة الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح، وزير لشؤون الديوان الأميري، وهي المهمة التي أداها على أكمل وجه، وظل لصيقا بأمير الكويت الراحل حتى ساعاته الأخيرة قبل أن يتوفى في الخامس عشر من كانون الأول|يناير 2006، إذ كان أول أمر يصدره الأمير الكويتي الجديد بعد تأديته اليمين الدستورية في التاسع والعشرين من الشهر ذاته، تعيين الشيخ المحمد رئيسا للحكومة.